بـازار الـرئـاسـيات في المنطـقة العـربـيـة بهنان يامين

 

بـازار الـرئـاسـيات في المنطـقة العـربـيـة

                                                        بهنان يامين

بهنان يامين جديدة

     أصيبت الرئاسيات العربية باسهال انتخابي فخـلال الربع الثاني من العام الحالي جرت وستجري أكثر من انتخابات، ومن المؤسف القول بأنها انتخابات يفوح منها رائحة  اللاديموقراطية بشكل يزكم الانوف.

    أول هذه الرئاسيات كان انتخاب عبد العزيز بوتفليقة، هذا الرئيس الذي جاء مغطى بالقوى العسكرية، ولقد كان حفل قسم يمينه مثابة سخرية في كل أنحاء العالم، كيف لا وهو ينقل ويجلس على كرسي كهربائي وبالكاد يستطيع ان يتمتم بكلمات القسم، وهو الرئيس الذي إعتبرته أغلب القوى السياسية الجزائرية غير أُهِل للحكم، وهو بالاصل ليس كذلك.  نبش العسكر عبد العزيز بوتفليقة من بين دفاتر رجال سياسة الهواري بومدين، لكي يحكموا من خلاله بعد ان أفلسوا في القدرة على حكم الجزائر، بعد إجهاضهم لحكم الاسلاميين.

      الحلقة الثانية في البازار هي الانتخابات المصرية، فلقد عاد العسكر من الشباك بعد ان طردتهم الجماهير المصرية في ثورة 25 يناير 2011 من الباب العريض، ولكن فشل حكم الاخوان المسلمين أدى الى هذه العودة، وليس بالمستغرب ان يكون العسكر هم من دفعوا الى إفشال الرئيس مرسي، ومن خلال أفشاله إسقاط اول تجربة حكم ديموقراطية في مصر منذ عام 1952. وفي بداية الثورة الثانية، كان عبد الفتاح السيسي يخفي مطامع العسكر في العودة الى الحكم، فلقد إختار رئيساً مدنياً كرئيس مؤقت، أثبتت الايام بأنه مجرد واجهة، وأختار لجنة إعادة صياغة الدستور، لتصيغه حسب رغبات العسكر بعد ان فرغته من اي قيمة ديموقراطيةأ أضف الى ذلك احكام الاعدام الجائرة والغاء قانون التظاهر. اليوم تنحصر الحملة الانتخابية ما بين حكم عسكري وما بين حكم شخصية مدنية، كانت قد حصدت في الانتخابات المصرية الماضية على ما يقارب الـ 24 % من اصوات الناخبين الا وهو حمدين صباحي، واذا كان المواطن المصري صادقاً في الثورتين فعليه ان يرفض ثانية وثالثة ورابعة حكم العسكر لصالح الحكم المدني الديموقراطي الذي يمثله حمدين صباحي.

   الحلقة الاضعف في هذا البازار هي الانتخابات الرئاسية اللبنانية، التي من المفترض ان يتم انتخاب رئيس للجمهورية قبل موعد الاستحقاق الرئاسي في 25 من الشهر الحالي، ولكن الحزب الالهي كان اللاعب الاساسي في هذا البازار حيث طرح مقولته الشهيرة عون او لا أحد، لكون عون هو الاكثر مطواعية في يد هذا الحزب، لان طموحه الرئاسي المرضي، قد خَسر لبنان والشعب اللبناني وخاصة مكونه المسيحي، الكثير من القيم الديموقراطية، التي بعجرها وبجهرها كانت الديموقراطية الوحيدة الواعدة في المنطقة، والتي عمل الجميع على إفشالها ليس من اليوم بل من إيام رئاسة سليمان فرنجية التي أوصلت الى الحرب الاهلية والتي كانت بداياتها في 13 نيسان 1975 وادت الى احتلال النظام الاسدي للبنان ليتحكم بكل مفاصل القوة فيه وليختار رؤوساء هم بمثاية كاريكاتور لرؤوساء.

   اما الحلقة الاكثر هزلية في بزار الرئاسات هذا فهي الانتخابات السورية، حيث هي انتخابات غير شرعية بامتياز، فبموازاة الحل العسكري الذي انتهجه النظام الديكتاتوري، فلقد عمل هذا النظام الآيل الى السقوط، على إعادة تأهيل النظام السوري من خلال دستور غير شرعي وغير ديموقراطي، حيث فصل هذا الدستور ليسمح في مواده المؤقتة ان يحكم الاسد لدورتين متتاليتين، اي حكم سورية لمدة أربعة عشر عاماً أخرى رغم رفض الشعب السوري بكل مكوناته لهذا الحكم، الذي لم تعرف سورية اسوأ منه.

  تأتي عدم شرعية هذه الانتخابات كونها تستند الى قانون انتخابي غير دستوري، فالدستور السوري المعمول به حاليا غير شرعي لكون الثغرات الدستورية التي فيه هي أكثر بكثير من المواد العادية، فلقد جاءت مقدمة الدستور لتستمر في غي الدستور السابق، حيث أقصت هذه المقدمة المكونات القومية والاثنية من هذا الدستور، فلا إعتبار للاكراد والسريان والتركمان والشركس الخ … فالمقدمة تحكم عليهم الذوبان في العنصر القومي الاكثري الا وهو العنصر العربي.

   ولقد جاءت المادة الثالثة والرابعة من الدستور لتحول المكون المسيحي الى مواطن من الدرجة الثانية او الثالثة او الرابعة، وذلك من خلال منعهم من الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، فرئاسة الجمهورية هي حكر على المسلمين، وبالتحديد على آل الاسد منهم، والمكون المسيحي بهذه المادة اسقطت عنه صفة المواطنة ليتحول الى تابع في دولة آل الاسد، هذه الوضعية الجديدة اسقطت دجل النظام من كونه حاميا للاقليات. تصدى النظام  للدعوة لمقاطعة الانتخابات من قبل المسيحيين، بنشر اتباعه من رجال الدين المسيحي ليفشلوا هذه المقاطعة عن طريق بث المخاوف لديهم من جديد.

   المراقب لكل هذا البازار يخرج بنتيجة واحدة، ان هذه الانتخابات يتحكم فيها العسكر، فهم يقرروا المرشحين وهم من يختار الفائزين وهم من سيستفيد من هذه الانتخابات بزيادة تحكمهم بالشعب.

     آن للعسكر ان يفهموا بأن الربيع الذي انطلق مع حرق البوعزيزي، لم يسقط كما يتوهمون بل سيسقطهم مهما طال الزمن وما الثورة السورية الا نموذجاً لفشل العسكر في احباط هذا الربيع.