وهم سيادة دول الهلال الشيعي

بهنان يامين   مدير تحرير جريدة العرب

جاءت عملية “طوفان الاقصى” تحمل في طياتها، بالاضافة الى سقوط ورقة التين عن وهم اسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر، سقوط وهم سيادة دول الهلال الشيعي، بشكل خاص، والنظام العربي بشكل عام، هذا النظام الذي استند الى الاستبداد لقهر شعوبها ومنع قيام حلم هذه الشعوب، للدولة الديموقراطية الوطنية، التي اعتقدت القوى الوطنية والديموقراطية بأنها قاب قوسين وادنى بعد سقوط الانتدبات.

شهدت نهاية العام 2023 وبداية عام 2024 كَشف حِساب لما تتوهمه، قوى الممانعة والمقاومة، سواء دولاً او منظمات، من حيث الاختراقات الامنية، والضربات التي وجههتها الدولة العبرية، لهذه القوى عبر الاغتيالات للقيادات الامنية لهذه القوى، ولم يكن من قتل هم فقط من المنظمات المرتبطة بالدول التي تقودهم وتحركهم، الدولة الاسلامية الايرانية، بل استهدف جماعة ايرانية عاملة في دمشق، حيث سقط العديد من هذه القيادات، وكان أقواها تفجيراً مبنأً، ادعى النظام السوري المنهار، بانه سكني بينما اعلنت المصادر الايرانية بأن من قتل هم من كبار رجال أمن الحرس الثوري الايراني وذراعه الضارب في العالم فيلق القدس، فبعد اغتيال القائد مرتضى الصادق جاء اغتيال مسؤول إستخبارات فيلق القدس بالحرس الثوري االعميد يوسف أوميد زادة الملقب بالحاج صادق ونائبه، ليكشف بأن هناك اختراق ما ليتبادل كل من الاطراف المستباحة سيادته فالقوى المتضررة اتهمت الدول المضيفة بهذا الاختراق وهي كالتالي: لبنان ومربعها الامني، سورية والتي تحولت الى دولة مارقة، ومستباحة السيادة بفضل رأس النظام، الذي جلب منذ ان وصل الى الحكم، الدولة الاسلامية الايرانية، التي هي بالاصل دولة ارهابية، إضافة الى الدولة العراقية، التي تدور بفلكها عبر الحركات المشكلة للحشد الشعبي، ليتهم المستهدفون بأن هذه القوى هي المخترقة.

الحقيقة بأن ” الدولة ” التي يجري عليها الحدث، تقع عليها المسؤولية الاولى لهذا الاختراق وبالتالي كان على انظمتها الامنية، ان يكشفوا هذه الإختراقات لان هذا بالاصل هو عملها، ولكن عندما يكون راتبها عبارة بضعة دولارات لابد ان يبيع الجهاز الامني الذي يتبع إليه .

ولكن ماذا يعمل كل هؤلاء القادة الامنيين الايرانيين، وهم متواجدون ومنذ استلام الاسد، وسقوط النظام الصدامي في العراق انه كان عليهم كشف هذه الاختراقات، لانها تصيبهم كاهداف لتشل المهمات التي اتوى الى منطقة الهلال الشيعي  من أجل تنفيذها، هم يعرفون جيدا بأن امكانية هذه الاختراقات موجودة، فمن كشف مركز الخبر النووي في منطقة دير الزور، من اغتال ” الحاج رضوان ” عماد مغنية، على بعد خطوات من مركز المخابرات المتواجد في منطقة كفر سوسة، من استهدف واغتال العرعوري، من اغتال سمير القناطر في منتصف جرمانة، دون ان يصاب أي مدني، ولو استمرينا في التعداد للحظنا العديد من الاختراقات، في كل دول المنطقة التي ترفع شعار الممانعة والمقاومات للزمنا الكثير. هنا ايضا هي مسؤولة عن تواجد شبكات التجسس التي تستهدفهم.

الحقيقة المرة كل الاجهزة الامنية في منطقتنا مخترقة، وأختراقها سهل جداً لان أجهزتها الامنية لا تتمتع بتلك المهنية العالية، فلو قارنا اعلى جهاز امني، في أي دولة من دول المنطقة مع جهاز الشاباك والموساد، لاكتشفنا بأن اجهزة الامن الاسرائيلية قليلة الاختراق، ولا نقول معدومة،  لانها تعمل بمهنية عالية، وضباطها يتقنون العمل المخابراتي، المدربين عليه في أعلى المدارس المخابراتية ، وبأن أجهزتنا هي صفر على الشمال، ولا يمكن مقارنتها مع “العدو”، وهي في الواقع غير قادرة بالاصل على كشف اي أختراق ويصعب عليها خلق أي إختراق لدى الموساد او الشاباك، او أي جهاز امني اسرائيلي.الاجهزة الامنية لدينا هي معمولة لحماية النظام، وليس لحماية الدولة، لان بالاصل ليس هناك دول بل اشباه دول، ومن قتل مشاريع الدول في المنطقة، هي الاجهزة الامنية التي تدربت على قهر، وقتل تحت التعذيب كل من أمن بهذه الدول، الدول المبنية على الحداثة، وعلى الواقعية السياسية، وعلى اسس الحريات العامة والمؤسسات، وعلى العمل الديموقراطي الوطني، ومهما طال الزمن سوف تقوم الدول الوطنية في المنطقة، سواء اعشنا لمشاهدتها أم لم نعش.