سحب ملف راهبات معلولا من التداول بهنان يامين

         سحب ملف راهبات معلولا من التداول

      بهنان يامين

    بهنان يامين جديدةأربعة أشهر والجميع يتاجر بقضية راهبات معلولا، الذين أخذوا من دير القديسة تقلا، أثر إنسحاب قوات النظام من المدينة بشكل مفاجئ ليفسح المجال لجبهة النصرة الدخول الى المدينة ليأخذ بقصف المدينة دون التمييز ما بين دور العبادة، مما دفع المقاتلين الى الانسحاب من الدير ومعهم ثلاثة عشر راهبة وثلاثة خادمات، النظام إعتبرهن رهائن، ومقاتلو المعارضة ضيوف تم إنقاذهن من قصف النظام واللجوء الى مدينة يبرود، المدينة المختلطة ديموغرافيا ما بين المسلمين والمسيحيين، حيث أعلن من البداية بان الراهبات هُنَ في بيت شخص مسيحي، أي في مكان أمن. اليوم سحب هذا الملف من البازار السياسي وذلك بنهاية سعيدة للراهبات وبتحرير بعض السجينات من سجون النظام الباغي.

    منذ ان فتح هذا الملف والجميع يحاول ان يستغله وخاصة النظام الباغي، الذي منذ قيام الثورة، اي منذ ثلاث سنوات، وهو يحاول ان يستغل قضية الأقليات الدينية، حيث أوهم العديد منهم بانه حاميهم وهو في الحقيقة محتم بهذه الأقليات، وهو الذي الغى مبدأ المواطنة ليمارس منذ حركته التخريبية سياسة طائفية في كل مجالات الحياة في سورية، وهو ما لم تعرفه سورية، وخاصة في فترة ما بعد الاستقلال، وهي الفترة الذي كان مبدأ المواطنة هو السائد واعداً السوريين بمرحلة ديموقراطية، ولكن العسكر كان لها بالمرصاد ليقضي على الامل بنظام حكم برلماني يسوده حرية المواطن وكرامته.

   فشل النظام باستغلال قضية المطرانين مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم والمطران بولس اليازجي، لان عملية الخطف كانت تشير باصبعها الى ان النظام كان وراء عملية الاختطاف، فالخاطفون الشيشان، المرتبطون بالمخابرات الروسية، كانوا يعرفون تحرك المطران يوحنا ابراهيم مسبقاً حيث إنه كان تحت رقابة النظام بسبب نشاطه السياسي والوطني، حيث كان موقفه من الازمة السورية وثورتها مؤشراً بانه لن يرضخ لمخططات النظام التي كانت تعمل على دفع المسيحيين الى التسلح والانخراط في اللجان الشعبية، وهو ما لم يخفيه نيافته سواء في بيان المطارنة في حلب او في تصريحه للبي. بي. سي العربية، حيث حَمل النظام صراحة حمام الدم في سورية، مصرحاً بأن الذي  يحمل السلاح من المسيحيين يحمله على مسؤوليته وليس بناءاً على توجيه من السلطات الكنسية.

     فشل النظام باستغلال ملف المطرانين أراد ان يعوضه بملف راهبات معلولا، محاولاً ان يظهر للغرب، وخاصة دوائر حاضرة الفاتيكان، مستغلين ضعف بعض رجال الدين المسيحي المرتبطين بدوائر النظام، كحامي للمسيحيين وبأنهم مهددون من قوى الحراك الثوري، وهذا بالطبع غير صحيح، ولقد شهدنا في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر جنيف 2، مسرحية من فصليين، الفصل الاول كان وجود المطران ايلاريون كبوجي في الصفوف الخلفية من وفد النظام، محاولين استعطاف التاريخ النضالي لهذا المطران لاظهار ان المسيحيين، الممثلين بالمطران كبوجي، هم مع النظام. ولكن مخرج هذا الفصل كان مخرجاً من الدرجة الثالثة او الرابعة، لانه لو كان ذكياً لكان وضع المطران كبوجي في الصفوف الاولى، لا ان يظهره ككومبارس في الصفوف الخلفية، والذي بدى للعيان كشاهد زور، او "شاهد ما شف حاجة"، على كلام المعلم ووفد النظام.

   اما الفصل الثاني فكان ايضاً فصلاً فاشلاً، والذي كان بطلته العجوز الشمطاء بثينة شعبان، التي كانت تصرخ مستجديةً من الغرب دعم النظام من أجل استمراره في حماية المسيحيين، وهي في كل مؤتمر صحافي كانت تولول طلباً لهذا الدعم. هنا ايضاً كان المخرج فاشلاً لان بثينة شعبان لم تستطع ان تقنع أحد بوجهة نظرها هذه وفشلت فشلاً ذريعاً.

   هكذا فشل ايضاً ملف راهبات معلولا، من ان يحول القضية المسيحية الى بازار وسلعة تجارية، من هنا أراد النظام ان ينهي هذا الملف، وخاصة اذا عرفنا، حسب كلام الام بيلاجيا سياف، بانهن كنا مقيمات في منزل يملكه السيد جورج حسواني المقرب من كلا النظامين السوري والروسي، وهذا يعني بأن كان هناك قناة تواصل مع الراهبات، ومع القوى المقاتلة مما سهل سحب هذا الملف من التداول، ونهايته كما أسلفنا كانت سعيدة بالنسبة للنظام وبالنسبة للمحررات من السجون السورية وبينهم أربعة أطفال.

   بالطبع هذه الخاتمة السعيدة كانت مكسباً لاكثر من طرف، فقطر دفعت الفدية الباهضة وحسنت سمعتها التي تضررت بقرار الدول الخليجية بسحب سفرائها من الدوحة، واللواء عباس ايراهيم ظهر كرجل دبلوماسي، وحاول تبيض سمعة حزبه الالهي من خلال سمعته، وتركيا ايضاً كان لها حصة في هذا البازار، اما النظام الباغي، النظام الاسدي فسيحاول ان يستغل هذه الصفقة، من خلال الضغط على الراهبات لتقويلهن ما لا يردن ان يقولنه، ولقد باشر اعلام " الممانعة " فوراً هذا الاستغلال، فمذيعة قناة الجديد، بسؤالها حول الصليب وهل أجبروا على خلعه، ولما رفضت الراهبة ان تنساق مع هذه المذيعة، جاء دور لوقا الخوري، المسمى مطراناً، ليهمس بأذن الراهبة بجملة لم ترد عليها مما دفعه الى الغاء اللقاء مع الصحافة، وذلك لغاية في نفس يعقوب.

   وحده التاريخ ونجاح القوى الثورية في نضالها من اجل حريتها وكرامتها سيكشف كل التفاصيل حول ما جرى في معلولا اولاً وما بعد معلولا ثانياً.

 ( بعد كتابة هذا المقال ونشره في جريدة العرب الغراء، شن اعلام وفسبيكيو النظام حملة تميزت بالحقارة واللاخلاقية وخونت الراهبات بطريقة سافلة، وهذا ما يدل على ضعف النظام)