دعوا الاطفال يأتون الي … بقلم بهنان يامين

دعوا الاطفال يأتون الي ...

                                                                                      بقلم بهنان يامين

   نهر السيد المسيح تلاميذه واتباعه من ابعاد الاطفال عنه قائلا "دعوا الاطفال يأتون الي.." ومنذ ذلك الوقت تحول الاحد السابق لعيد الفصح الى عيد للشعانين، حيث انتقل يسوع بن مريم الى اورشليم. ولقد كرس هذا اليوم عند المسيحيين لعيد للطفولة، فكما حمل اطفال فسلطين منذ اكثر من الفي عاما السعف واغصان الزيتون ليلاقوا السيد المسيح، نرى اطفال العالم المسيحي يكررون هذه الذكرى، بفرح وحبور كل عام.

  بدخول السيد المسيح اورشليم لم يكرس فقط عيد الطفولة، بل كرس النضال ضد تزاوج السلطة الدينية والسطة السياسية، وذلك بقلب موائد التجار والصرافين قائلا باعلى صوته "بيتي بيت الصلاة يدعى وانتم جعلتموه مغارة للصوص…" بذلك كرس السيد المسيح تأكيد ضرورة قيام اتباعه بالتأكيد على الحق والمحاربة في صفوفه بدون خوف او كلل. وهو مع الأسف ما نسيه الكثير من المسيحيين، باهمية وقوفهم مع الحق ضد الباطل، حيث باعت السلطة الدينية نفسها الى السلطة السياسية، فبدل ان تدعوهم الى النضال للدفاع عن المظلومين، نراهم يطلبون من ابناء الكنيسة الوقوف الى جانب الظالم. وبالطبع ينطبق هذا على كل الديانات وخاصة السماوية منها.

   في يوم الاطفال هذا، ترى ما هو وضعهم في العالم وهل كلهم سعداء كالاطفال الذين يدخلون الكنيسة، الحقيقة المرة ليست كذلك فملايين الاطفال يجوبون شوارع العالم يبحثون عن لقمة العيش. ليس هذا فحسب بل هم عرضت الى الموت جوعا في مجمل العالم المتأخر، حيث ينتشر الفقر والتأخر، ليلغي عند هؤلاء الاطفال الفرح الذي من المفروض ان يعيشوه.

  ليس هذل فحسب بل هم يتحولون الى ضحايا للحروب الاهلية والقبلية والدينية، كونهم قصرا لا يستطيعون الدفاع عن انفسهم، وهو ما يحدث كل يوم في سورية، حيث نرى وتقريبا بشكل يومي، سقوط العديد من الاطفال قتلى وجرحى من جراء القصف والحصار الذي تفرضه هذا السلطات منذ اكثر من عام.

   اليوم  يتحول الطفل السوري الى شهيد ومشرد. فالعام الذي انصرم من عمر الثورة، شهد سقوط العديد من الاطفال شهداء ليس فقط نتيجة القصف والتدمير، بل ايضا تحت التعذيب، وهو ما لا تقبله القوانين الاجتماعية التي تحمي الاطفال والطفولة من ممارسة اي تعذيب لهم. لقد كان تعذيب اطفال درعا الشرارة التي اشعلت الثورة السورية من أجل كرامة وحرية الشعب السوري، وهم الآن يعيشون حالة التشرد في مخيمات اللاجئين، المنتشرة في لبنان وتركية والاردن.

    اذا، فالطفولة في القرن الواحد والعشرين ليست طفولة سعيدة، بل أغلبهم يعانون،  لذا نرى شوارع العالم تمتلئ بهم متسولين ولا مكان يأوون اليه، تشكل ظاهرة أطفال البرازيل الذين ينامون في الشوارع ويتعرضون الى الدعارة المبكرة، ومنهم من يقتل ولا يعرف اي سبب لمثل هذه الجريمة، نموذجا للطفولة المعذبة. ما يقال عن اطفال البرازيل يقال عن اطفال الهند والباكستان والصين ومصر، حيث يمارس عليهم نوع من العبودية المقنعة والاجبار على العمل المبكر والتسول في الشوارع.

  فالمتسولون الذي تزدحم بهم شوارع القاهرة، تصفع الزائر للعاصمة المصرية، حيث تراهم يجوبون الشوارع ليلا ونهارا، من أجل " تلقيط العيش…" كما يحلو لهم ان يقولوا، مع ضحكة بريئة لعدم وعيهم الظلم الذ ياعنوه. هؤلاء الاطفالهم أول وأصعب ضحايا الظلم الاجتماعي، الذي لم تلتفت اليه الانظمة السياسية المتأخرة لحماية هؤلاء الاطفال واسرهم. فالانظمة الفاسدة، المشغولة بالسرقة والنهب وتكديس الاموال، اعماها عن مشاهدة الجرائم التي يتعرض اليها هؤلاء الاطفال من ظلم.

   ليست وحدها السلطة السياسية مسؤولة عن هذا الظلم، بل ابضا حليفها الآخر، السلطة الدينية، حيث نرى هذه السلطة قد استرخت وأرتاحت ولبست الذهب والبرفير، ونسيت تعاليم دياناتها لحماية واسعاد هذه الطفولة المعذبة.

   ففي يوم احد الشعانيين،، يوم الطفولة، هو يوم للاطفال السعداء فقط، اما بقيتهم فيتحملون الظلم والفقر والجوع والتشرد، وهو ما لا يتقبله الشعور الانساني. يوم كرس السيد المسيح احد الشعانين ليكون يوما للاطفال، فلقد اوصى بذلك اتباعه ان يعملوا من اجل اسعاد هؤلاء الاطفال الذين لا حول لهم ولا قوة.

  ترى لو عاد السيد المسيح الى الأرض ماذا كان سيقول في مثل هذا اليوم، هل كان سيقول " دعوا الاطفال يأتون الي… " ام سيرفع كرباجا في وجه كل من ظلم واضطهد هؤلاء الصغارسواء أكان سلطة دينية او سلطة سياسية، فعلى الاغلب كان سيرفع الكرباج في وجه الظلم ومن أجل احقاق الحق.