جنيف 2 مهرجان دول أم مؤتمر انتقالي بهنان يامين

 

"جنيف 2" مهرجان دول أم مؤتمر انتقالي 

                                         بهنان يامين

    في الثاني والعبهنان يامين جديدةشرين من كانون الثاني 2014، إنعقد مؤتمر "جنيف2" ليكون استمراراً لـ "جنيف1" الذي أكد ضرورة الانتقال السلمي للسلطة في سورية عن طريق تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة، وهو ما رفضه النظام الجائر والديكتاتوري في سورية، التي لا زالت على هذا الرفض، وكذلك رفض المعارضة السورية المتمثلة بالائتلاف السوري، اي مساومة حول هذه النقطة، وهو ما أيده وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية جون كيري ووزراء خارجية اصدقاء سورية المؤيدة لحركة التغيير في سورية.  

     ولكن توسيع الدعوات لحضور هذا المؤتمر حوله، على الأقل في جلسته الافتاحية، الى مهرجان اكثر منه مؤتمراً تفاوضياً ما بين النظام البائد في سورية وما بين القوى المعارضة له، والتي استطاعت ان تواجه هذا النظام ولما يقارب الثلاث سنوات، وتنتصر عليه في العديد من المدن والارياف في الوطن السوري الجريح، رغم استخدام النظام وحلفائه الطائفيين الاساليب التدميرية ضد الابرياء من الشعب السوري الذي يدفع اليوم ثمن حريته غاليا بلغت حتى الآن، والمحصي منها، أكثر من مئة وخمسين ألف شهيد، وقد يكشف العديد من الشهداء بين المفقودين أو المعتقلين السياسيين.

    اراد هذا النظام ان يحول الصراع في سورية من صراع في سبيل حرية الانسان السوري الى صراع ضد الارهاب الذي في الحقيقة هو من أطلقه، فمراسيم العفو الرئاسية التي تكاثرت في السنة الاولى من الحراك الثوري، شملت من بين من شملت اولئك المتطرفين الاسلامويين، الذي رباهم النظام من خلال منظمات ابو القعقاع والجهاديين الذي كان يرسلهم الى العراق، والذي كان يتلقفهم السفاح جامع جامع ويعدهم ليوم استخدامهم ليؤسسوا المنظمات الاسلاموية من امثال داعش والنصرة والعديد من الحركات التي حملت الاساءة الى الحراك الثوري، والذي حماها النظام ودعمها في قتالها ضد قوى الثورة.

   مما لا شك فيه ان النظام فشل نسبياً، في ان يقنع القوى الغربية بأنه المؤهل الوحيد للحرب ضد الارهاب، ولقد نسي هذا النظام اوتناسى، بأن هذه الدول لديها أجهزة أمنية تعرف دقائق الامور، وعلماء في علم الاستخبارات قادرة ان تحلل أدق التفاصيل وتوجهها الى المكان الذي تريده. ومن هنا كان تخليه عن ترسانته الكيماوية، بناء على اقناع روسي بهذا التخلي لتجنب الضربة الامريكية، وأجبرتها بالقبول والجلوس مع القوى المعارضة، وهو ما يشكل اعترافاً بفشلها في القضاء على البؤر الثورية التي ارهقت النظام مما دفعها الى استجداء الدعم من القوى الشيعوية والمرتبطة باجهزتها الامنية، اللبنانية منها والعراقية إضافة بالطبع الى القوى الايرانية التي استحضرت الى الساحة السورية كل القوى المتطرفة، حيث سهلت لهذه القوى العبور عبر الاراضي العراقية، بتسهيل من حكومة المالكي المتطرفة شيعياً والمرتبطة بشكل عضوي بالحكومة الاسلامية في ايران. ورغم كل هذا الدعم لم يستطع هذا النظام ان ينهي الحراك الثوري، وقد اضطر الى القبول بالجلوس مع بعض قوى المعارضة، وهو أمر مكروه عنده، ولم يكن يقبله، وأراد من خلال تصعيده الحرب وحشدها الحلفاء ضد الشعب السوري البطل والمؤمن بحريته واستقلاله، ان يفرض نوع من الامر الواقع على الارض لفرض شروطه في مؤتمر جنيف2، ولقد تلقى النظام صدمته الاولى بأقصاء حليفه الاساسي ايران من المؤتمر، التي رفضت قبول شروط جنيف 1 الذي يصر على الحكومة الانتقالية الكاملة الصلاحيات.

    هل سينجح مؤتمر "جنيف2"، كمراقب معارض لا اعتقد ذلك، لأن عامل الثقة معدوم بين كلا طرفي النزاع في سورية، فرأس النظام الفاسد في سورية، الطاغية بشار الأسد، لا زال يحلم باعادة انتخابه، لدورة جديدة، وهو أمر قد يحدث على الارض، ولكن هذا التجديد سيكون مرفوضا من الشعب لانه نتيجة دستور غير ديموقراطي وغير مدني، ومفصل لاعادة انتخابه، وما اصراره على التحدث عن هذا التجديد، في استقباله الوفد الذاهب الى جنيف2 الا خير دليل على عنجهيته الفارغة.

  مما لا شك فيه ان قبول المعارضة السورية الجلوس في مواجهة افراد النظام الآيل الى السقوط، مؤلم للقوى المعارضة ولكنه في النهاية شر لابد منه، لانه لابد من هذا الجلوس لنقل السلطة، ولنا في التجربة الفيتنامية خير مثال، فلقد كان الامريكيون يمطرون شمال فيتنام باطنان من القذائف ويرتكبون المجازر في جنوبها، مع ذلك كانوا يجلسون مع قتلتهم من أجل تحديد انتقال السلطة الى الدولة الفيتنامية الموحدة، وهو ما ارغمت في النهاية ان تعترف به الولايات المتحدة الامريكية المتوحلة في حرب رفضها الشعب الامريكي بقوة.

   واليوم على القوى المعارضة ان تحقق طموح الشعب السوري البطل، بحريته واستقلاله ودولته المدنية الديموقراطية وتحقيق مفهوم المواطنة وثقافتها، وان لا تخضع لاي ضغوط من أجل التراجع عن هذه الثوابت التي قدم الشعب الدم الغالي من أجل تحقيقها.