منذ أكثر من نصف قرن مضت والسلطة الحاكمة ترسم المنهج العام لسلطتها على قواعد سياسية أساسها الاستبداد ونزع السياسة وتهميش دور الشعب في تقرير مستقبله متذرعة أن هذا المنهج سيؤدي بها إلى بناء هذا المستقبل بصورة أفضل ويفضي إلى حماية حقوق المواطنة ويدعم الشعب الفلسطيني بالعودة لوطنه وفق شعارات عاجزة عن وضعها موضع التنفيذ ومنها :
١ – إن الأمة العربية وحدة متكاملة وفق عناصر الأمة التي صاغتها الستالينية وأن الوحدة العربية ضرورة حتمية فرضت حتميتها واقع التجزئة التي تمر بها الأمة علماً أن هذه السلطات هي التي كرست التجزئة .
٢- إن القضية الفلسطينية جوهر نضال الأمة .
٣- إن إسرائيل زرعت في جسد الأمة لتقطيع أوصالها ومنع تقدمها ولذلك هي العدو الأول للأمة .
٤- إن الغرب هو عدونا الثاني وهو الذي يعمل على تجهيل شعوبنا ونهب خيراتنا وتمزيق وحدتنا ودعم العدوان الإسرائيلي علينا .
أمام هذه الشعارات انقسمت الأنظمة والشعوب العربية إلى قسمين، الأول ينظر للغرب من خلال ثقافته وحضارته حيث يرى في هذه الحضارة أساساً للعلم والتقدم .
والثاني يرى في الغرب بكل ما حمل عدواً يجب محاربته بكل الوسائل والإمكانيات .
إن التقييم الموضوعي للحالة السياسية التي مرت بها بلداننا أكدت على نحو واضح أن العدو الحقيقي لشعوبنا هي هذه الأنظمة التي مارست كل أنواع القمع والاستبداد وزيفت الحقائق ومارست التضليل والخداع وهمشت الحالة الوطنية وأبعدت روادها الوطنيين الذين كان لهم دور في وضع ملامح هذه الوطنية وتعزيزها، كما كرست هذه الأنظمة في المجتمع أمراض الجهل والفرقة وزراعة الشكوك بين الفئات المختلفة حتى بين أفراد العائلة الواحدة ما عزز ثقافة الخوف وجعلت المواطن غير آمن على حياته وممتلكاته ومصادر عيشه .
لقد أصبح العالم قرية صغيرة بفضل ثورة الاتصالات والمعلوماتية التي دخلت كل بيت وأحدثت تحولات جوهرية وعميقة في الوعي والمفاهيم والأساليب لدى فئة واسعة من المواطنين الذين أخذوا يدركون حقوقهم ويستطيعون التعبير عنها وتلقف الأخبار وتحليلها بحيث لم يبقى شيء خافي على أحد والأمثلة على ذلك كثيرة .
إن أحد لا يمكنه تجاهل ما يفعله الحكام من التفريط بحقوق الوطن منذ سقوط بغداد عل يد الأمريكان وتسليم العراق إلى إيران بمبادرة أمريكية وتغافل عربي، كما أن أحداً لا يمكنه أن يتجاهل الاستفزازات لمشاعر المواطنين التي رافقت إعدام صدام حسين العلني في يوم مقدس لدى المسلمين هو عيد الأضحى، لكن التاريخ لا يمكن أن يمضي دوماً هادئاً بعد أن أحست الشعوب العربية والإسلامية بالخطر الذي نتج عن سلوك هذه الأنظمة ومخاطرة على مستقبل أوطاننا وأمتنا لترفع صوتها عالياً ضد هؤلاء الحكام وزيفهم وما ارتكبت أيديهم ودفعت الشعوب إلى تغيير مفاهيمها تجاه كثير من المفاهيم والأحداث،
فأصبح المحرم والممنوع بنظر الحكام جائزاً و بديهيا لدى الشعوب .
وأصبح التعامل مع إسرائيل الذي كان محرما سياسيا وأخلاقيا ودينيا. مباحاً بينما يراه ضرورة لحماية ذاتية سواء للحاكم أو لبعض المجموعات القتالية.
– لقد سقطت بعض الرموز والحكام في معسكر العداء لشعوبها عندما اختارت الاستبداد والشمولية طريقا لنفسها .
– سقطت الادعاءات الكاذبة لشعارات المقاومة والممانعة ضد إسرائيل لبعض الحكام وخاصة في دول الطوق المحيطة بفلسطين.
– إن تقسيم شعوب المنطقة وفق انتمائهم الطائفي إلى إسلام سني وإسلام شيعي هو الهدف الذي سعت إليه إسرائيل منذ قيامها مترافقاً مع مخطط إيراني لتفتيت المنطقة وسهولة السيطرة عليها.
- إن صناعة ورعاية تنظيمات إسلاميه وغير إسلامية من قبل الحكام كان له دور في إطالة النكبة واستمرار استنزاف البلاد وسرقة شعوبها وهو خطر مميت سيكون له دور في ضياع البلدان العربية شعوباً وأنظمة وعندها لن ينفع الندم .
- إن استخدام الإسلام السياسي كغطاء للاختفاء خلفه وتوظيفه لأغراض دنيئة ضد الشعوب المؤمنة هو سلاح قاتل القصد منه ضرب جميع المعتقدات بما فيها الإسلام وتمزيق النسيج الوطني والوطن خاصة في سوريه والعراق.
– لا فرق بين إسرائيل وإيران من حيث عدائهما للعرب إلا بالدرجة ومع ذلك وقف البعض مع إيران ومشروعها التقسيمي في الوقت الذي أضاعوا الجهود لمواجهة إسرائيل، وإن خلط الأوراق لن يكون في صالح الذين يسعون لهذا الخلط .
لقد سيّق الشعبين في العراق وسوريه إلى حيث المجهول وأغلقت الخيارات أمامهم ولم يبقى لهم إلا خياراً واحدا كان لإيران الدور في رسمه في غياب الدور العرب عن ممارسة أي دور وهذا ما أدى بالمنطقة إلى حروب أشبه بحرب داعس والغبراء الطويلة بأدوات ومشاريع جديدة ومظلة حديثة.
إن الوطن العربي في حالته الراهنة يمثل الرجل المريض الذي تتقاذفه أيادي الغير لا من اجل معافاته بل بقصد الإجهاز عليه وتقسيمه إلى دويلات وإمارات ومشيخات على أسس طائفيه واثنيه وفق مبدأ، فرق تسد.
بوسطن 4 / 12 / 2015