توافق اعضاء مجلس الامن الدولي الخمسة المخولة بحق الفيتو، على قرار حول ارسال مراقبيين دوليين الى سورية النازفة دما والممتلئة دمارا حيث استشرس النظام الحاكم في حملته الدموية على الشعب السوري البطل. الخبر ليس بالاتفاق بل بتفاصيل القرار وعدد المراقبين، فالطليعة 25 مراقبا، والبقية قد، وأقول قد، يصل عددهم الى الثلاثمئة.
قرار كهذا ازعج كل انسان حر في العالم، واثلج صدر النظام القمعي الذي ازداد شراسة لتحقيق ” نصره “ على شعبه و”تحريره” بابا عمرو، ولقد تسلح هذا النظام بتصريحات روسية الاتحادية، الشريكة الاساسية في قتل الشعب السوري. خمس وعشرون مراقبا لبلد دام كسورية، المتنامية الاطراف، هو مهزلة حقيقية وتراجيديا بحق الشعب السوري. هؤلاء المراقبون سيحولهم النظام السوري الى مهزلة يسخر منهم، كما حول وسخر من مراقبي الدابي، احد سفاحي دارفور.
جاءت السخرية عندما انسحبت الطليعة من حمص تاركت مراقبين اثنين في حمص ومثلهم في حماة ودرعا وكل المدن التي زاروها. هل شاهد العالم مهزلة اكبر من ذلك، ان هؤلاء الاثنين لا يستطيعوا ان يغطوا بناية في شارع من شوارع حمص التي حولتها المعارك الحربية الى دمار.
الحقيقة المرة، ان الشعب السوري وثورته، يعيشان حالة من التراجيديا الدموية، فالمنظمات العربية والعالمية تقف متفرجة، وتتخذ قرارات خجولة اشبه ما تكون الى قرارات، ونظام دموي لا يرتدع عن قتل الناس بلا تمييز، ومعارضة متلهية ببعضها بسلسلة من المؤتمرات السفسطائية، لحل سلمية الثورة او عسكرتها، وهم في الحقيقة لا قرار لهم على ارض واقع الثورة السورية، التي افرزت قيادات شابة تجاوزت ” الثوريين العجز” الذين لا زالوا يعيشون احلام القرن المنصرم.
وللسخرية من هؤلاء المراقبين، فقد استقبلهم النظام بسلسلة من العمليات ” الارهابية “، ليحول نفسه الى ضحية ” الارهاب القاعدي” الذي يخيف الغرب، وهي ذات الخطة التي استخدمت مع المراقبين العرب، مفشلة مهمتهم قبل ان تبدء بطريقة هزلية، حيث تحولوا الى مهزلة في عين الشعب السوري الذي كان ضحية مهمة هؤلاء المراقبين.
ولتزيد الطين بلة، كما يقول المثل الدارج، فلقد اعطي المراقبين مدة ثلاثة اشهر لتنفيذ مهمته. ثلاثة اشهر سيزداد النظام قتلا، وسلفا يعرف من هم على الارض، بأن هذا العدد غير كاف، وسيسهل للنظام حملته العسفية، بحجة واهية اخترعها هو، ويقوم بتنفيذها، الا وهي محاربة ” العصابات الارهابية” التي تقوض النظام.
اذا كان مجلس الامن جادا في قرارته، عليه ان يعيد النظر بالقرار ويزيد عدد المراقبين الى اكثر من الف مراقب، وان يكون القرار تحت البند السابع الملزم، والذي في حال عدم التنفيذ من قبل النظام، يفرض عن طريق القوة العسكرية. فالنظام لن يرتدع الا اذا لحظ جدية القرارات الدولية.
حتى الآن استفاد النظام من القرارت الصادرة بحق سورية سواء العربية منها او الدولية، حيث زاد عدد الضحايا مع صدور كل قرار، وازداد شراسة ضد الشعب السوري الذي رفضه شكلا وتفصيلا، وهو يستخف بعقول الناس بانتخابات واستفتاءات وسلسلة تعينات، والجميع يعرف مسبقا بأنها باطلة وغير واقعية. وليستخف بعقول الناس اكثر، وبمباركة روسية، فلقد اخترع معارضة جديدة بزعامة قدري جميل بَك، “المناضل” البكداشي الذي لهث ولا زال الى منصب ولو صغير في النظام البائد.
انه قدر الشعب السوري ان يتحول الى طائر الفنيق حيث يكون بعثه معمدا بالدم الطاهر، والعالم كله يقف متفرجا على التراجيديا السورية وبكوميديا قرارات عربية ودولية، تزيد في مأساة الشعب السوري الذي سينتصر اجلا او عاجلا، لانه قرر ان ينتفض ويثور وهو لن يتراجع بعد ان دفع ثمنا غاليا حتى الآن. وهذا الشعب البطل مستعد ان يستمر في الدفع حتى يحقق حريته وقيام الدولة المدنية الديموقراطية التي يعود فيها الفرد السوري مواطنا متساويا بالحقوق والواجبات.