في بداية الحرب الاهلية اللبنانية، نصح ياسين الحافظ كلا طرفي القتال، التوقف عن الاقتتال لان اقتتالهم يقود الى تحويل لبنان من بلد ديموقراطي الى بلد استبداد شرقي، لا يختلف عن غيره من البلدان المحيطة به، من حيث الاستبداد والعسف. يومها لم يستمع احد الى كلام ياسين الحافظ ودخل لبنان في دوامة حرب اهلية قذرة حصدت آلاف الضحايا ودمر لبنان دمارا مروعا، ولكن رغم ذلك استطاع لبنان ان يحتفظ ببعض الحرية، ولم تستطع القوى المتربصة به قتل هذا الهامش من الحرية. يومها لم يكن لحزب الله وجود، وكانت القوى الشيعية مستقطبة من قبل حركة امل بقيادة الامام موسى الصدر، وهي حركة مقبولة نسبيا
الاستماع الى خطاب السيد حسن نصرالله وتفسيره القسري للتوافقية السياسية، يجعل المراقب يطرح السؤال التالي: هل توافقية حسن نصرالله هي ديموقراطية ام ديكتاتورية؟ لن يختلف محبو الديموقراطية بأن توافقية السيد حسن نصرالله ما هي الا ديكتاتورية، لا تختلف بشئي عن ديكتاتوريات الحزب الواحد
السيد حسن نصرالله يعلنها بالفم المليان، بأنه لن يقبل الا بالتوافق على طريقته، فاما ان تتوافق معه الاكثرية على رئيس مفصل حسب المواصفات التي يريدها بالضبط “سيد المقاومة”، او عليهم ان يعدلوا الدستور وينتخبوا رئيسا مباشرة من قبل الشعب، ناسيا او متناسيا بان انتخاب رئيس من قبل الشعب امر مرفوض من كل القوى اللبنانية باستثناء العماد المسترئس ميشيل عون، الذي يعرف بانه لن يرى الرئاسة الا على طريقة توافق حزب الله ومن خلال تفاهمه معه، ساخرا من عقول كل الناس، مزاودا على الجميع من خلال تسأله ” الا يستحق لبنان بان يعدل دستوره ولو لمرة واحدة”، وقد نسي زعيم حزب الله بان تعبير “لمرة واحدة” قد تكرر كثيرا بعد اغتيال الرئيس رينه معوض، ولم تعد لمرة واحدة، بل اصبحت لكل مرة
لم يكتفي بهذا فقط، بل تفتقت عبقريته عن اسلوب كاريكاتوري لانتخاب رئيس جمهورية للبنان، حيث طلع على الناس بطريقة، اشبه ما تكون على طريقة المسلسلات الرمضانية، ونحن في شهر رمضان، حيث اقترح على الاكثرية، باستئجار اربع خمس شركات استفتاء اراء الناس، ومن تجمع عليه اراء المستفتين، يذهب النواب الى البرلمان وينتخب رئيسا للبنان
اما انتخاب رئيسا بالنصف زائد واحد، فهو حسب السيد حسن نصرالله وحزبه الالهي وحلفائه في المعارضة، التي تحتوي الكثير من التناقضات، ورغم دستورية هذا الانتخاب، وهو قطعا ما يعرفه السيد حسن نصراللله، فهو قرار امريكي ويهدد مستقبل لبنان
هذا الكاريكاتور الديموقراطي، الذي يدعو ويبشر به حسن نصرالله، انما هو الغاء للديموقراطية، ودعوة صريحة الى ديكتاتورية الحزب الواحد، وبالطبع في وضع لبنان هذا الحزب هو “حزب الله”، “الحزب الالهي”، “الحزب الاقوى”، فهو الحزب الاكثر شعبية ليس في لبنان فقط، بل في كل الوطن العربي، وهو بالطبع الحزب الاكثر تسلحا، لا بل ان تسلحه اكبر من حجم لبنان،لا بل هو اكثر تسلحا وتدريبا من الكثير من الجيوش العربية التي لم تستطع ان تصمد امام الدولة العبرية، والتي انهزمت امامها لاكثر من مرة، وهو الوحيد الذي صمد
اذا كان ” حزب الله ” قد صمد امام الدولة العبرية وجيشها، في الحرب التموزية من العام المنصرم،واستطاع قبلها ان يساهم في تحريرجنوب لبنان، فهو لا يحق له ان يفرض ديكاتوريته على الشعب اللبناني بكل اطيافه، وخاصة على الشيعة منهم، الذي فرض حزبه عليهم وصادر حرية اختياراتهم من خلال مجموعة من التكاليف الشرعية، منعت الكثير من الشيعة الخروج عن حلقة حزب الله وحركة امل المتحالفة قسريا معه
على حزب الله وقائده السياسي والعسكري ان يفهم بأن لبنان وموزايكه الطوائفي يمنع هذا النوع من الديكتاتورية، فلا حياة للبنان الا من خلال حريته التي هي حجر زاوية ديموقراطيته، التي يسعى حسن نصرالله وميشيل عون ومعارضتهم الى الغاء هذه الديموقراطية، ليحول لبنان الى دولة استبداد شرقي كما توقع له ياسين الحافظ منذ اكثر من ثلاثين عاما، وما نموذج الحياة في المربعات الامنية التي يتحكم بها حزب الله الا نموذجا لهذه الديكتاتورية، حيث استلبت حرية المواطن اللبناني الذي يقطن ضمن هذه المربعات او في محيطه، وهو بالطبع يسعى الى تحويل كل لبنان الى مربع امني واحد، لاغيا للحريات العامة ومعها الديموقراطية ويفرض ديكتاتورية الحزب الواحد ذو البعد المذهبي الواحد المؤتمر من قبل ولي الفقيه في ايران والمرفوضة ولايته من قبل الكثير من شيعة لبنان وفقهائهم