مع تصاعد حملة القتل والتهجير والتدمير التي نقلت بها السلطة القاتلة صراعها مع الثورة الى نوع من “حرب ابادة” ونحن نقترب من ذكرى انطلاقة ثورة الشعب السوري، بدأنا نسمع كلاما من نوع آخر لكن بلغة خشبية من مكونات مساهمة بقوة في “المجلس الوطني السوري” الذي كلما يمر يوم يتعرى من ورقة التوت الشرعية لعجز وقصور يقعان في أسسّ تشكله وهمم رجاله، عجز يسيء الى الثورة هدفا ومثالا وآلية عمل وتشوهات ذمم.
صحيح يتردد البعض منا كثيرا في نقد مجلس اعطاه الشارع الثائر شرعية تمثيله، لكن يغدو السكوت من الخيانة بمكان تحمل ما آلت اليه امور وسياسات هذا المجلس الذي لم يثبت لحظة انه مجلس، كما انه لم يقنعنا ولو بموقف واحد ان له همّا وطنيا يتجاوز هموم الثلّة التي تنطق باسمه وتدير اخطاءه وتفحش في سلوكها بشتى السبل لدرجة يمكننا الجزم: لو ان السلطة نفسها نظمت للثورة قيادة تفشلها لما تفتقت عبقريتها عن هذا المكتب التنفيذي وأمانته العامة والفقر والهزال السياسيين الذين يحكمان عمله وانعدام مبادراته التي تفتقر لشبه حس وطني غير لفظي، جعلته مهزلة لكائنات تمشي على رؤوسها بدل قدمين كالكائنات الطبيعية.
مؤخراً تعرّض المجلس من داخل مكوناته لنقد او نوع من التبرؤ من اخطائه القاتلة. فإضافة الى تصريح سمير نشار وهو عضو المكتب التنفيذي للمجلس وامين عام اعلان دمشق وقناة اعلان دمشق “بردى” لحملة لم توفر مثلبة الا وساقتها بغير تجنّ ولكن ….؟
بعد ذلك تنطح “هيثم المالح” وثلته التي لا تجمعها إلّا قلوب ملآنة لكل غايته وهمّه، في نقد وتجريح وصل لحد تخوين غيره في قيادة المكتب التنفيذي وهو (المالح) لم يسخّن بعد مقعده تحته في المكتب التنفيذي (بعدما تربع في الهواء طويلاً على عرش “مجلس الانقاذ” حدت به وثلته الى تشكيل كتلة داخل المجس نقدا وتشهيرا اقل ما يقال فيه مالذي يبقيكم أللسطو؟ ام وراء الأكمة ما وراءها خاصة وان السيد المالح لم يمض شهر على دخوله المجلس عضوا لمكتبه التنفيذي بمساومات لا تعرف حتى الامانة العامة كيف تمّ الامر ومن ضمه ومن رفع رتبة وراتباً؟
بعدهم كالت “لجان التنسيق المحلية” وهو مكوّن يمثل شرعية الميدان، ضربات تحت الزنار من العيار الثقيل للمجلس الذي ساهموا في اخراجه بالصورة والعلّة والامراض المباركة بقوة حضورهم الميداني وهنا نسأل هل فعلا اليوم فقط توصلتم الى هذه القناعة؟ أفعلا اليوم فقط عرفتم انه ليس مجلسا جديرا بقيادة الثورة بل وسيلة لإدارة صراعات داخلية تنافسية على الثورة ؟ هل فعلا اليوم فقط عرفتم ان السيد غليون هو نائب لحسن عبد العظيم في هيئة التنسيق ليومه هذا؟ ولم يستقل بعد من هذه النيابة؟ هل فعلاً اليوم عرفتم ان كامل المكتب التنفيذي قاد بخضوع وخنوع سلسلة حوارات تسووية على الثورة مع هيئة التنسيق ممثلة بهيثم مناع وعبد العزيز الخير وتوقيع البيان المشهور” الفضيحة؟” لنفترض ذلك فما انتم فاعلون اليوم هل سيتوقف الامر عند بعض هذا النقد اللفظي وستتابعون مسيرتكم ضمن مجلس لم تتركوا شيئا لم تقولوا فيه؟
وثالثة الاثافي كان بيان حزب الشعب (رياض الترك) في نقد المجلس بطريقة لا تقربوا الصلاة، وحزب الشعب طبعا ليس قوة ميدانية مثل لجان التنسيق لكنه قيمة اعتبارية لتاريخه النضالي ووعيه المتقدم سياسياً عن باقي مكونات المجلس فضلاً عن الاخوان طبعا، خاصة وانه يعتبر المحور الاساسي والمحرك لإعلان دمشق الذي غدى قوقعة اسمية بغير فعل ومع ذلك شكّل الحزب من خلال “الاعلان” شاهد زور اعطى شرعية سياسية ونضالية لكائنات تقود مجلسا لم يعرف عنها يوما معارضتها لهذه السلطة وكثيرون منهم تماهوا في المهاجر كانت ترفض لفترة قصيرة الاعتراف بسوريتها هذا وسنرى قريبا، ان كمّا من الافراد والاسماء المضخمة ضُخّت في هذا المجلس هي على مسافة اقرب لأجهزة أمن السلطة منها الى قوى الثورة، فماذا انتم قائلون وقتها؟ هل فعلا لم تستوعبوا بعد تسرّعكم في الانضمام الى مجلس لم تعرفوه ولم تصوغوا هيكليته ولم تتعرفوا على مكوناته الحقيقية؟ فقط بدافع قطع الطريق على هيئة التنسيق والقوى التي انفصلت عن اعلان دمشق هذا من جهة، مثلما وقعت منظومات شباب الثورة في الصراع بين بعضها القبول والاسراع في قبول ما لم يقبل به غيرهم واقصد هنا الصراع بين اللجان والهيئة العامة.
يكفي ربما لمعرفة المزيد من الحيرة الاطلاع على بيان حزب الشعب الذي يختتم نقده بما يلي:
مازال المجلس الوطني هو الأقرب إلى روح الثورة وأهدافها، بصرف النظر عن السلبيات التي تعتريه، ومحاولات حرفه عن خطه السياسي المعلن في وثائقه الرسمية. باعتقادنا أنّ الفرصة مازالت أيضاً قائمة لتجاوز عثراته وأخطائه المرتكبة، والتي دعونا دائماً، نحن في حزب الشعب الديمقراطي السوري وإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي، لإزالتها، وتوطيد وحدته السياسية والتنظيمية و توسيع صفوفه بانضمام الشخصيات والقوى المعارضة الحقيقية، دون الوقوف عند التناقضات القديمة التي كانت قائمة مع المجلس أو مع بعض أطرافه. ولابد هنا من أن ننوه : أنّ مكانة المجلس الحقيقية وقدرته على دعم الثورة، تأتي بالدرجة الأولى من التحامه مع الداخل، وليس بإرضاء أطرافٍ خارجية هنا وهناك، والركض وراء أطرافٍ لها مصالحها الخاصّة. وعليه أن يدرك أيضاً أنَّ مكانته أخذت تهتز في صفوف الثوار. فلا بدَّ من إصلاح بيته بما يساعد على تحقيق الوحدة والتعاون بين أطرافه من جهة، و الالتحام مع الثورة من جهة أخرى. “
واخيراً هل فعلا انتم (حزب الشعب ولجان التنسيق واعلان دمشق وباقي الشرفاء في المجلس الوطني) جادّون في نقدكم لدرجة القيام بعملية انقاذ سريع تليق ليس بالذكرى الاولى لانطلاق انبل ثورة بل على الاقل تحمّل مسؤولية اخلاقية ونضالية امام هول ما تعرّضت له حمص وبابا عمر وانتم ادرى مني بما حدث وما يتهدد ليس مصير الثورة وتأخّر انتصارها وانما ما تقوم به السلطة من عملية تغيير ديمغرافي لإعادة رسم خريطة سكانية للوطن السوري يتوافق ومصلحة اسرائيل في التقسيم الطائفي؟
بانتظار ان نرى منكم مواقف جدية، لن نـتــوقف عن نقدكم فأنتم حصانة ومرجعية المجلس الذي هو وليدكم المنغولي .