المجزرة التي حدثت في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا اودت بحياة ثلاث وثلاثين طالبا بما فيهم الطالب الكوري الجنوبي الذي قام بالمجزرة. ضحايا المجزرة طلابا واساتذة قتل بطريقة مجانية، دون ان يكون لهم اي علاقة بالطالب القاتل. قد تعرف الدوافع او قد لا تعرف، قد يكون القاتل عبارة عن مريض نفسي، وبالقطع هو كذلك، فالمهم ان نذهب الى ما وراء الحدث، لندرس لماذا تتكرر مثل هذه الحوادث في المدارس والجامعات الامريكية، من فترة الى اخرى ليذهب ضحيتها طلاب واساتذة وتربويين. ما حدث يطرح ثلاث مسائل هامة يجب ان تدرس بشكل جدي من قبل المسئولين، سواء كانوا على المستوى الفدرالي او على مستوى الولايات، وهي العنف والسلاح والتربية. بالطبع قد ينتج من هذه الدراسات مسائل اخرى تساعد وتساهم في تقويم المجتمع الامريكي على المستوى التربوي والتوازن النفسي
العنف: اصبح العنف جزء من ثقافة كافة المجتمعات، فمع الثورة المعلوماتية وانتقال الخبر بسرعة توالي الثواني، يرى الفرد العنف يتجلى في كل لحظة ودقيقة، فنشرات الاخبار تنقل اليوم كل الاحداث العنيفة المتواجدة في الاخبار العالمية، حيث الحروب المنتشرة في كافة بقاع العالم، تحصد يوميا مئات القتلى، اضافة الى العمليات الارهابية التي تحدث هنا وهناك يكون ضحاياها ووقودها الابرياء في هذه المجتمعات. تواجد العنف ليس فقط في نشرات الاخبار او الحروب فنحن نراه ايضا في الافلام، ففي الوقت الذي ينتج فيلم جيد، نرى مقابله العشرات من الافلام يكون العنف والمخدرات والجنس والمال، قلب الحدث فيها. ليس هذا فحسب فالالعاب الالكترونية التي تغزو الاسواق، والتي ينزلها الاطفال والمراهقون عبر الانترنيت، يسيطر العنف على القسم الاعظم منها، حيث نرى بان الصراع هو للاقوى والاعنف.
السلاح: السلاح في المجتمع الامريكي يحميه الدستور الامريكي، حيث يحق لكل فرد اقتناء السلاح، من هنا نرى سهولة الحصول على السلاح الفردي سواء السلاح العادي او السلاح الاوتوماتيكي. سهولة الحصول على السلاح، وبشكل شرعي او غير شرعي يجب اعادة النظر فيها وايجاد الحلول الضرورة والازمة لمنع حصول اي شخص كان على السلاح. ففي بعض الولايات وفرجينيا من ضمنها تستطيع شراء قطع السلاح كما تشتري قطعة الخبز، هذه الولايات عليها ان تضع القيود على شراء الاسلحة، من خلال وضع ضوابط لعملية الشراء هذه. بالطبع هناك صعوبات شديدة تعرقل قيام مثل هذه الضوابط ومن اهمها قوة المنظمات الداعية لحماية حق الفرد بالحصول على السلاح، وهي من اقوى المنظمات ومن اكثر المتبرعين للسياسيين في كلا الحزبين وهنا تكمن الصعوبة.
التربية: يلحظ المراقب بأن الولايات المتحدة الامريكية تشهد عملية تراجع على المستوى التعليمي والثقافي والتربوي، وذلك ناتج عن ضعف اهتمام الادارات الفدرالية او الولاياتية بالمسألة التربوية، ويلعب التنوع الثقافي الناتج عن الهجرات الى الولايات المتحدة الامريكية. فالجاليات المهاجرة تحضر معها ثقافتها واساليبها التربوية، ويتخندق اغلبهها وراء هذه الثقافة وهذه التربية، فنرى العديد من هذه الجاليات ترفض الاندماج في المجتمع الامريكي، اما خوفا منها اوتمسكا بالعادات والتقاليد ومحاولة نقلها الى الاولاد والاحفاد. لا يقع اللوم فقط على الجاليات المهاجرة، بل يشاركها المسئولية المجتمع الامريكي الذي يستصعب تقبل وتفهم ثقافة هؤلاء المهاجرين، ومن هنا صعوبة اندماج المهاجرين في المجتمع الامريكي، وهو المجتمع الذي اختاروه ليكون مجتمعهم الجديد.
حوادث العنف الذي يشهدها المجتمع الامريكي، يجب ان يدفع المجتمع الامريكي الى الضغط على الادارات التنفيذية والتشريعية على العمل على دراسة الاسباب والحلول لمثل هذه الحوادث والعمل على ايجاد التشريعات الضرورية التي تخفف من هذا العنف. كما عليها ايجاد الحلول اللازمة لتفعيل الثقافة الامريكية مع تنوع الثقافات المهاجرة. نحن في الجالية العربية الامريكية يقع علينا واجبا هو محاولة الاندماج بالمجتمع الامريكي واخذ من ثقافته واعطاءه من ثقافتنا، حتى نستطيع ان نبني جيلا جديدا متوازنا على المستوى التربوي.