جدران الحقد المذهبي

اثناء الحرب الباردة وبالتحديد في ستينات القرن الماضي، جن جنون الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية، عندما بنى الالمان الشرقيون جدار برلين، بمباركة سوفياتية. اصبح جدار برلين منذ ذلك الزمن الرمز لغياب الحريات في الاتحاد السوفياتي ودول المنظومة الاشتراكية

  لم يستطع الالمان الشرقيون ان يمنعوا مواطنيهم الالمان من ان يكون المانا لا شرقيين ولا غربيين، ومن هنا كان المضطهدون من النظام الستاليني يخترقون هذا الجدار لينتقلوا الى الطرف الاخر من المانيا  

  كان سقوط هذا الجدار هو المقدمة لتوحيد المانيا من جديد، وبداية النهاية للانظمة التوتيلارية في دول المنظومة الاشتراكية، وصولا الى اضمحلال الاتحاد السوفيات

  يتبع اليوم الاسرائيليون والامريكيون الاسلوب الذي رفضوه في القرن الماضي ليبنوا جدارا ليس فقط ما بين سكان المستوطنات المعتدين وما بين السكان العرب المعتدى عليهم، بل بين ابناء الشعب الواحد كما يجري في عراق اليوم، حيث باشر جنود الاحتلال الامريكي بناء مجموعة من الجدران في قلب بغداد ومن يدري اين بعد ذلك 

      صمم الامريكيون هذه الجدران وكانت بداية التنفيذ في الاعظمية، حيث باعتقادهم بانهم يحمون اهل الاعظمية السنة، من اهل مدينة الصدر الشيعة وبالعكس. رفض اهل الاعظمية هذا الجدار، وبالقطع هناك الكثيرون من الطرف الآخر من الجدار يرفضونه لكونه يعمق التفرقة ما بين المذهبيالاسلاميين ولا يحمي الواحد من الآخر   

       في الحقيقة لم يبن الامريكيون هذا الجدار منذ اليوم، بل بوشر ببناء جدار من نوع آخر، جدار نفسي ما بين الشعب الواحد، ولن نغالي ان نسميه الجدار المذهبي، وهو الجدار الذي بناه الطاغية صدام حسين ما بين الشيعة والسنة من خلال ممارسة الاقلية التكريتية السنية سلطة تعسفية ضد الاكثرية الشيعية، والذي في الحقيقة كان ضحاياها ابناء الشعب الواحد من كلا المذهبين

          ان سياسة الترانسفير الذي نفذها النظام البائد، وردة الفعل عليها المستغلة من النظام الايراني المذهبي، كان اللبنة الاولى في جدار الحقد المذهبي. اعتقدت الامم المتحدة بانها بقرارها ايجاد مكان آمن للاكراد في الشمال وللشيعة في الجنوب، من خلال مناطق ال Non Fly Zone  بانهم يحققون هذا الأمن ولكنهم اغفلوا او قصدوا الاغفال بأن هذه المناطق ستزيد ابناء الشعب الواحدة فرقة وابتعادا، وهوالوضع الذي وصلنا اليه اليوم 

  شهد منتصف القرن الماضي صعود الحركات القومية ومن اهمها كان  البعث وحركة القوميين العرب، وكانت اللاطائفية واللامذهبية هي اهم الشعارات التي بنت كلا الحركتان قوتهما الشعبية، وكان العرب من الطائفة الشيعية، هم الخزان الشعبي الاهم لكلا الحركتين.. انكفأت ” حركة القوميون العرب” الى القضية الفلسطينية، وانغمس ” البعث ” في فساد السلطة، ليبتعدوا عن  الجماهير وليخلقوا صراعا مذهبيا في المنطقة كانوا  هم اول من رفضه، وعمل ضده في النضال السلبي 

  مع هزيمة حزيران والاتجاه التعسفي للانظمة ” القومجية والثوروية ” اخذت جماهير الشيعة والسنة تبتعد عن الحركات القومية والثورية الفعلية، لتلقى في التنظيمات المذهبية والدينية المكان الطبيعي لردة فعل على الممارسات الخاطئة لهذه الانظمة

  المسؤولية لا تقع فقط على الانظمة وحركاتها المسلوبة الارادة من هذه الانظمة، بل يقع جزء من هذه المسؤولية على  مجمل الحركات القومية والثورية، التي لم تستطع ان تحول ردة فعل الجماهير العربية الى فعل تستفيد منه في سبيل الوصول الى ايجاد نوع من التلاحم ما بين كافة صنوف الشعب دينا ومذهبا وقومية

      الجدران الاسمنتية التي يبنيها الامريكيون، ليست بالمهمة فاسقاطها سيتم حتما عندما نستطيع ان نسقط الجدار الآخر الذي عمل له اكثر من طرف، والذي يسقط الحاجز النفسي والعدائي ما بين المذاهب والديانات والقوميات

       الطائفية والمذهبية اعمت وتعمي الجماهير الشعبية بكافة صنوفها عن كشف خطورة هذا الجدار الذي عندما ينطلق ليس بالسهولة من محل بازالته، ولنا في ما يحدث في العراق، من قتل يومي من كلا المذهبين، والتشنج الطائفي الذي تشهده الساحة السياسية اللبنانية ، ومحاولة الانقلاب على الديموقراطية وهامش الحريات فيه، اضافة الى نفي امكانية تواجد اي حركات ديموقراطية بديلة للانظمة القمعية، التي ترعب الجماهير الطامحة الى التغيير من الحركات الاصولية التي ما قويت الا من خلال اضعاف القوى الديموقراطية وتنظيماتها 

       اسقاط  جدار الحقد المذهبي صعب لا شك. ولكن لا بد من  المباشرة بالعمل لاسقاطه وازالة الاسباب التي اوجدته. عندها تسقط كل الجدران الاسمنتية المصطنعة ما بين ابناء الشعب الواحد.

اثناء الحرب الباردة وبالتحديد في ستينات القرن الماضي، جن جنون الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية، عندما بنى الالمان الشرقيون جدار برلين، بمباركة سوفياتية. اصبح جدار برلين منذ ذلك الزمن الرمز لغياب الحريات في الاتحاد السوفياتي ودول المنظومة الاشتراكية.            لم يستطع الالمان الشرقيون ان يمنعوا مواطنيهم الالمان من ان يكون المانا لا شرقيين ولا غربيين، ومن هنا كان المضطهدون من النظام الستاليني يخترقون هذا الجدار لينتقلوا الى الطرف الاخر من المانيا.      كان سقوط هذا الجدار هو المقدمة لتوحيد المانيا من جديد، وبداية النهاية للانظمة التوتيلارية في دول المنظومة الاشتراكية، وصولا الى اضمحلال الاتحاد السوفياتي.           يتبع اليوم الاسرائيليون والامريكيون الاسلوب الذي رفضوه في القرن الماضي ليبنوا جدارا ليس فقط ما بين سكان المستوطنات المعتدين وما بين السكان العرب المعتدى عليهم، بل بين ابناء الشعب الواحد كما يجري في عراق اليوم، حيث باشر جنود الاحتلال الامريكي بناء مجموعة من الجدران في قلب بغداد ومن يدري اين بعد ذلك.           صمم الامريكيون هذه الجدران وكانت بداية التنفيذ في الاعظمية، حيث باعتقادهم بانهم يحمون اهل الاعظمية السنة، من اهل مدينة الصدر الشيعة وبالعكس. رفض اهل الاعظمية هذا الجدار، وبالقطع هناك الكثيرون من الطرف الآخر من الجدار يرفضونه لكونه يعمق التفرقة ما بين المذهبين الاسلاميين ولا يحمي الواحد من الآخر.           في الحقيقة لم يبن الامريكيون هذا الجدار منذ اليوم، بل بوشر ببناء جدار من نوع آخر، جدار نفسي ما بين الشعب الواحد، ولن نغالي ان نسميه الجدار المذهبي، وهو الجدار الذي بناه الطاغية صدام حسين ما بين الشيعة والسنة من خلال ممارسة الاقلية التكريتية السنية سلطة تعسفية ضد الاكثرية الشيعية، والذي في الحقيقة كان ضحاياها ابناء الشعب الواحد من كلا المذهبين.           ان سياسة الترانسفير الذي نفذها النظام البائد، وردة الفعل عليها المستغلة من النظام الايراني المذهبي، كان اللبنة الاولى في جدار الحقد المذهبي. اعتقدت الامم المتحدة بانها بقرارها ايجاد مكان آمن للاكراد في الشمال وللشيعة في الجنوب، من خلال مناطق ال Non Fly Zone  بانهم يحققون هذا الأمن ولكنهم اغفلوا او قصدوا الاغفال بأن هذه المناطق ستزيد ابناء الشعب الواحدة فرقة وابتعادا، وهوالوضع الذي وصلنا اليه اليوم.           شهد منتصف القرن الماضي صعود الحركات القومية ومن اهمها كان  البعث وحركة القوميين العرب، وكانت اللاطائفية واللامذهبية هي اهم الشعارات التي بنت كلا الحركتان قوتهما الشعبية، وكان العرب من الطائفة الشيعية، هم الخزان الشعبي الاهم لكلا الحركتين.           انكفأت ” حركة القوميون العرب” الى القضية الفلسطينية، وانغمس ” البعث ” في فساد السلطة، ليبتعدوا عن  الجماهير وليخلقوا صراعا مذهبيا في المنطقة كانوا  هم اول من رفضه، وعمل ضده في النضال السلبي.            مع هزيمة حزيران والاتجاه التعسفي للانظمة ” القومجية والثوروية ” اخذت جماهير الشيعة والسنة تبتعد عن الحركات القومية والثورية الفعلية، لتلقى في التنظيمات المذهبية والدينية المكان الطبيعي لردة فعل على الممارسات الخاطئة لهذه الانظمة.                     المسؤولية لا تقع فقط على الانظمة وحركاتها المسلوبة الارادة من هذه الانظمة، بل يقع جزء من هذه المسؤولية على  مجمل الحركات القومية والثورية، التي لم تستطع ان تحول ردة فعل الجماهير العربية الى فعل تستفيد منه في سبيل الوصول الى ايجاد نوع من التلاحم ما بين كافة صنوف الشعب دينا ومذهبا وقومية.            الجدران الاسمنتية التي يبنيها الامريكيون، ليست بالمهمة فاسقاطها سيتم حتما عندما نستطيع ان نسقط الجدار الآخر الذي عمل له اكثر من طرف، والذي يسقط الحاجز النفسي والعدائي ما بين المذاهب والديانات والقوميات.                      الطائفية والمذهبية اعمت وتعمي الجماهير الشعبية بكافة صنوفها عن كشف خطورة هذا الجدار الذي عندما ينطلق ليس بالسهولة من محل بازالته، ولنا في ما يحدث في العراق، من قتل يومي من كلا المذهبين، والتشنج الطائفي الذي تشهده الساحة السياسية اللبنانية ، ومحاولة الانقلاب على الديموقراطية وهامش الحريات فيه، اضافة الى نفي امكانية تواجد اي حركات ديموقراطية بديلة للانظمة القمعية، التي ترعب الجماهير الطامحة الى التغيير من الحركات الاصولية التي ما قويت الا من خلال اضعاف القوى الديموقراطية وتنظيماتها.           اسقاط  جدار الحقد المذهبي صعب لا شك. ولكن لا بد من  المباشرة بالعمل لاسقاطه وازالة الاسباب التي اوجدته. عندها تسقط كل الجدران الاسمنتية المصطنعة ما بين ابناء الشعب الواحد.