رياح التغيير تهب في الخليج

     

عندما تنقل الدكتور احمد الخطيب، المناضل القومي العربي الكبير، حاملا التهنئة للنائبات الجديدات في البرلمان الكويتي، كان في الحقيقة يحمل التهنئة لنضال طويل خاضه ورفاقه وكل قوى التقدم في الكويت، للوصول الى هذا اليوم

نتائج انتخابات الكويت جاءت لتشير الى تراجع التيارات المناهضة للتقدم والمتمثلة بالتيارات الاسلاموية، ووصل المرأة الكويتية لاول مرة الى البرلمان وانتصار التيار الليبرالي. هذه النتائج ان دلت على شيئ انما تدل على ان التغيير يفرض نفسه فرضا عندما تسنح له الفرصة.

كانت دولة الكويت سباقة على كل دول الخليج، لا بل كل دول المنطقة، في سن القوانين التي تتيح قيام برلمان تشريعي، فالديموقراطية الكويتية ليست بالجديد فهي قديمة منذ سبعينات القرن المنصرم. والممارسة الديموقراطية في الكويت ليست ممارسة كوسموتيكية، بل هي ممارسة حقيقية، لا يتدخل فيها القصر الاميري بل يدلي الناخب الكويتي بصوته بحرية تامة. هذه الممارسة كانت دائما مثار جدل في دول الجوار، حيث شعر هذا الجوار بأن هذا النموذج لا بد ان ينتقل اليه.

فوز المرأة الكويتية باربع مقاعد، وتنافس الخامسة في دائرتها العشائرية، المغلقة على نفسها، هو فوز لكل قوى التقدم في المنطقة بشكل عام وللمسألة الديموقراطية في العالم العربي بشكل خاص. هذا الانتصار يعطي الدليل بأن قوى التقدم والديموقراطية تستطيع ان تفرض نفسها عندما يتاح لها مناخ من الحريات العامة.

حقيقة الامر تشهد منطقة الخليج تغييرا، ولو كان على استحياء، فالمجالس التشريعية قد فرضت في اكثر من دولة خليجية، وحرية الكلمة مصانة نسبيا، لذا نرى بأن انجح الفضائيات العربية متواجدة في دول الخليج. كذلك فأن الصحافة تتمتع بحرية يحسدها عليها كل من في المنطقة.

التغيير لم يبقى مقصورا على الدول الصغيرة في الخليج، بل وصل ايضا الى الدولة الاكبر فيه، الا وهي المملكة العربية السعودية. منذ وصول الملك عبد الله بن عبد العزيز الى سدة الحكم، وهو ينقل المملكة الى حياة جديدة لم يعرفها سابقيه من الملوك، حيث اخذ يسن القوانين ويتخذ القرارات التي ستضع المملكة العربية السعودية، في مدارالتغيير والعصرنة.

من أهم القرارات التغييرية التي شهدتها المملكة كان تنظيم القضاء، وهذه نقطة جدا هامة، فالمطلع على وضع القضاء يعرف بأن هذا القضاء كان قضاءا قصريا، والقاضي يبث بكل القضايا، وقراراته ان لم تكن قصرية، فهي شبه قصرية، ولنا في

من أهم القرارات التغييرية التي شهدتها المملكة كان تنظيم القضاء، وهذه نقطة جدا هامة، فالمطلع على وضع القضاء يعرف بأن هذا القضاء كان قضاءا قصريا، والقاضي يبث بكل القضايا، وقراراته ان لم تكن قصرية، فهي شبه قصرية، ولنا في قضية فتاة القطيف نموذجا لهذه المحاكم التي شعرت بأن نفوذها قد مس، بتدخل الرأي العام في هذه القضية، وهي القضية التي اصدر فيها الملك السعودي عفوا خاصا عن تلك الفتاة الضحية.

شعر الملك السعودي وبالتأكيد من حوله من مستشارين بأنه لابد من احداث تغيير في القضاء، لانه لا يجوز ان يبقى على ذات الحالة منذ ان تأسست المملكة، لذا اصدر المراسيم التي تقضي بتنظيم القضاء حيث لحظ وجود اختصاصات في هذا القضاء.

كانت سلطة “هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر” سلطة بوليسة مطلقة، وكانت اداة قمعية ضد المواطنين، وقدت شكلت حوادث التعذيب التي مارستها هذه الهيئة وادت الى موت البعض، مؤشر للملك بضرورة وضع قوانين ناظمة لهذه الهيئة والتقليل من سلطتها البوليسة، ففرض التغيير نفسه على هذه الهيئة حيث تم تنظيم عملها بشكل مقبول عصريا.

التغيير في المملكة لم يقتصر على هذه الخطوات بل تعداها الى مجالس الافتاء حيث سمح بدخول مشايخ من مذاهب اخرى، غير المذهب الوهابي، الى هذه المجالس، وهي خطوة هامة جدا في وضعية المملكة العربية السعودية، لان قرارات هذه المجالس ستكون منسجمة مع كل المذاهب الاسلامية، من هنا يحدث الكثير من التغيير في الافتاءات التي تصدرها هذه المجالس.

كان للمرأة السعودية حصة في هذا التغيير، فلقد لوحظ اهتمام كبير بمطالب المرأة السعودية، التي تعاني من ظلم المجتمع الذكوري الذي فرض عليها قيودا لم تعد مقبولة ابدا مع تطور العصر وتطور وضعها الخاص وخاصة التعليم منه، ودخلت المرأة السعودية لاول مرة مجلس الوزراء.

هذا التغيير الذي تشهده منطقة الخليج هو تغيير هام، وان كان ليس هو التغيير المطلوب، ولكنه بداية الطريق لتغيرات اكبر. فرياح التغيير عندما تهب لابد في النهاية ان تشمل كل نطاقات الحياة في المنطقة.