القاعدة وارهاب الدولة بقلم بهنان يامين

القاعدة وارهاب الدولة

                                                      بقلم بهنان يامين

 

    منظمة القاعدة بكل شقوقها هي نتاج طبيعي للأفغان العرب الذين ذهبوا الى افغانستان لتحريرها من الحكم السوفياتي، فالقاعدة جمعت في باطنها كل التطرف الاسلاموي، الذي اطلق عقاله انور السادات من خلال دعم اجهزته الامنية للمنظمات التكفيرية، لمحاربة القوى الناصرية والشيوعية والقوى الديموقراطية، في المجتمع المصري.

  عرف العالم وبقوة من خلال عملياتها النوعية ضد الولايات المتحدة الامريكية، المساهمة الأساسية في نشؤها، تدمير السفارات، قصف حاملة الطائرات س.س. كول، والحادي عشر من ايلول 2001، التي كانت ثالثة الاثافي كما يقول المثل، وعلى اثرها شنت الولايات المتحدة الامريكية حربها " الصليبية " ضد القاعدة، لتساهم بشكل غير مباشر بنشرها عبر بعثرتها في كل انحاء العالم.

   كان لليمن والعراق والمنطقة العربية نصيب من بقايا القاعدة، حيث أرادوا مقاتلة القوات الامريكية اثر الغزو الامريكي عام 2003، وكان أبرزها ظاهرة ابو مصعب الزرقاوي وسلسلة الأبوات بعده، حيث كان قتاله ليس مقاومة او جهاداً، بل هو عبارة عن عمليات أضرت بالشعب العراقي أكثر من ما أضرت بالقوات الغازية.

  اليوم يطرح النظام السوري، وبأسف شديد دوائر المخابرات الامريكية، بوجود القاعدة في سورية، أثر العمليات التفجيرية التي كانت تستقبل المراقبين سواء العرب منهم او الدوليين، ليرهبوا بذلك من لم يرهب حتى الآن، وذلك اثر هبوب الشعب السوري ضد النظام منذ اكثر من عام ونصف، حيث فشل الحل الأمني في تقويض هذه الثورة فاطلق فزاعة العالم "القاعدة". فهل هناك وجود لتنظيم القاعدة في سورية؟

  بعد أشهر من قيام الثورة أطلقت الاجهزة الامنية بقايا فتح الاسلام، والعديد من الاسلاميين المتطرفين، التي هي في الحقيقة بقايا فتح الانتفاضة، وعصبة الأنصار، وجند الشام الخ…من تنظيمات لها صلة بشكل او بأخر بالاجهزة الامنية السورية، من أمثال أبو محجن وابنه.

  اول ما يتبادر الى فكر المراقب لما يحدث في سورية، هو لماذا أطلق سراح هؤلاء في هذه الفترة بالذات؟ وهل لهؤلاء علاقة بالتفجيرات التي تشهدها كل من دمشق وحلب، وهي المدن التي تأخرت عن المساهمة في الثورة السورية؟

   علاقة الأجهزة الامنية السورية بهذه التنظيمات هي علاقة وثيقة، حيث هم من ساهموا وسكتوا عن تنظيم "غرباء الشام" وزعيمه محمود غول أغاصي المعروف بأبو القعقاع، والذي كان يصدر للعراق السيارات المفخخة، والذي أفتئ للسوريين في مقابلة مع جريدة الجماهير الحلبية بضرورة إطاعت ولي الامر، الذي هو بالطبع بشار الاسد. ليتحول من مُدن على كبريهات حلب الى شيخ يدعوا الى الجهاد، ويحول كل مسجد، الى مصدر لتصدير الإرهاب الى العراق، وكانت الأجهزة الأمنية تسكت عن نشاط هذا الدعي بالإسلام وليس بالداعية الإسلامي كما يدعي هو.

   يوم قتل ابو القعقاع في 28 من ايلول 2007، خرجت كل السلطات الرسمية والحزبية والمخابراتية في جنازته، وهذه المساهمة في دفنه تطرح على الجميع سؤال مشروعا، لماذا؟ جواب هذه الـلماذا سهل كون ابو القعقاع هذا يخدم السلطات السورية في حربها، حسب مزاعمها بالحرب ضد القوى الغازية للعراق.

  نوعية التفجيرات التي تشهدها سورية اليوم لا علاقة للقاعدة في سورية، بل عليها بصمات الأجهزة الأمنية السورية، فهي من نوعية تفجير الشهيد رفيق الحريري، والتي لا يمكن لأي تنظيم ارهابي، مهما كان قويا، ان ينفذ مثل هذه العمليات دون ان يكون له علاقة بأجهزة أمنية دولة ما، فكمية المتفجرات التي فجرت في دمشق، وأوقفوها ببطولة زائفة في حلب، كمية كبيرة بلغت حسب الأجهزة الأمنية باكثر من 1200 كغ من المواد المتفجرة.

  ليس هذا فحسب، علينا ان نعود بالتاريخ الى الوراء، الى الصراح البعثي – البعثي، ما بين نظام طاغية العراق البائد صدام حسين ونظام طاغية سورية حافظ الاسد، كيف كانوا يتبادلون الهدايا المفخخة أدت في النهاية الى الإغلاق الكامل للحدود السورية – العراقية التي لا يمكن إغلاقها. فالأجهزة الأمنية السورية لديها الخبرة الكافية لعمليات نوعية كهذه وليس غريب ان تستخدمها ضد شعبها.

   على المُرهبين من وجود القاعدة في سورية ان يطمئنوا، بأن لا قاعدة في سورية، ولا يمكن للمجتمع السوري ان يتقبل هذا التنظيم الذي تكون في دوائر الأجهزة الأ   منية الدولية في البداية والعربية في النهاية.