تراجعت الضربة العسكرية على الوطن السوري الجريح والنازف دماً من كل بقعة ارض فيه، حيث تكالبت عليه كل قوى البغي والظلام وأعوانهم من حزب الله اللبناني والعراقي، وكتائب ابو الفضل العباس العراقية، إضافة بالطبع الى الحرس الايراني، وشبيحة النظام، وكتائب ال P.Y.D الكردية بقيادة صالح مسلم، ليضاف اليها اليوم قوى داعش ، وجميعها يلعب دوراً قذراً وتكفيرياً خدمة للنظام.
استبعدت الضربة العسكرية ولكنها لم تلغى، وذلك نتيجة الصفقة الامريكية – الروسية حول السلاح الكيماوي، حيث أقرت سلطات النظام السوري بوجود هذا السلاح ووقعت على إتفاقية نزع الاسلحة الكيماوية، وهي التي كانت رافضة ذلك، وهي من الدول النادرة التي لم توقع على هذه الاتفاقية. بتوقيعها هذا وافق النظام السوري تسليم ترسانته هذه، وبسهولة منقطعة النظير، فقط من أجل الحفاظ على الكرسي والنظام، وليس خوفاً على الضحايا التي كانت ستقع في حال وقوع الضربة هذه، وهي الترسانة التي كلفت الخزينة السورية مليارات الدولارات على حساب القوت اليومي للمواطن السوري. وهو ما عتبره النظام وإعلامه الممانع نصراً للنظام وهزيمة لـ “الامبريالية” الامريكية والقوى المتحالفة معها.
مرة أخرى يفضل النظام سلطته على الوطن والشعب، وهي المقولة البعثية التي خرجوا علينا بها إثر هزيمة حزيران 1967، حيث صرحت دوائر النظام أنذاك، ومنهم حافظ الاسد، بأن ليس المهم ان تذهب الارض بل المهم أن يبقى النظام، ولقد كررت الدوائر الأعلامية الممانعة وطبلت وزمرت لنصر النظام وهزيمة القوى الامريكية، ناسين او متناسين بان النظام، ليتجنب الضربة، انبطح أكثر من ما هو مبطوح امام الامبريالية الروسية من أجل ايجاد السبل الكفيلة بتجنيب الضربة التي كانت ستضعف النظام ان لم تسقطه، وكان الروس بانتظار طلب كهذا ليسجلوا على الامريكين موقفاً ويخدموا اسرائيل وذلك بطرحهم تدمير الترسانة الكيماوية السورية.
المتنقل من فضائية ممانعة الى أخرى أكثر منها ممانعة، كان يلحظ الغباء السياسي والضحالة الاعلامية لهذه الفضائيات والصحف الممانعة، حيث ظهروا جهلة وأغبياء بطريقة تسويقهم لهذا ” النصر الممانع ” الذي في حقيقته هو هزيمة نكراء لكل قوى الممانعة ومن يقودها، فالمتتبع لسيرورة الحدث وتداعيته يلحظ بأن موافقة النظام السوري لتسليم ترسانته الكيماوية ان دلت على شيء انما تدل على ضعف هذا النظام.
هنا كرت سبحت التصريحات، وخاصة في برامج التوك شو TALK SHOWS حيث أخذ ” المحللون السياسون” يتبارزون ويتباهون بأن سورية وان سلمت سلاحها الكيماوي فلديها أسلحة أكثر دماراً من الكيماوي التي حسب طالب الابراهيم، ولقبه بالطبع “دكتور ومحلل سياسي وأعلامي،” قادرة ان تجمد السلاح الصاروخي الامريكي وتبقيه في الجو، لا بل أكثر من ذلك هي قادرة على تغيير مساره، ليس هذا فحسب بل لديها الإمكانية للسيطرة على الاجواء السورية والدولية المحيطة بها. ترى من اين له هذه المعلومات العسكرية التي من المفروض ان تكون مطلقة السرية، وهو الذي حتما لم يقم بواجبه الوطني عن طريق الخدمة العسكرية الإلزامية، فالخدمة في الجيش هي للفقراء وليس للدكاترة البعثيين الذي ما انتموا الى حزب البعث الا إنتهازاً وهرباً من الخدمة الحقيقة للوطن ومنها الخدمة العسكرية، التي في الحقيقة هي خدمة للعلم الذي هو رمز الوطن التي يمحوا اليوم اثاره حزب البعث باحالته الى دمار كامل.
ولقد انتقل وباء الغباء الاعلامي الممانع من الإعلاميين والمحللين السوريين الى زملائهم اللبنانيين، حيث يصبح العميد حطيط، الذي بالمناسبة هو احتياطي، ولا يحق له الاطلاع على الاسرار العسكرية اللبنانية فكيف بالسورية، محللا للاستراتيجية العسكرية الامريكية والروسية والفرنسية وكل جيوش العالم، ليعلن نصر النظام وبالتالي المقاومة وقوى الممانعة على الأمبريالية الامريكية، وهو في الحقيقة لا يعرف طاها من انطاكية، كما يقول المثل العامي، في العلوم العسكرية والاستراتيجية. وما أكثر من امثال الحطيط في الغباء من الاعلاميين والذين يعششون في الميادين والمنار والـ O TV والـN.B.N والجديد والاخبار وغيرها من الفضائيات والصحافة الموالية لنظام الممانعة الآيل الى السقوط في قاسيون.
ونتيجة فشل وغباء هؤلاء الاعلاميين دخل الى الساحة الاعلامية الفريق بشار الاسد، لانه عسكريي وهو لم يخدم الجندية، ليثبت بأنه أكثر غباءاً منهم، معتقدا بأن كثرة المقابلات للاعلام الغربي قد يكشف جهله لادق التفاصيل التي يدعي بانه يعرفها معتقدا بان الرأي العام الغربي غبي ولا يعرف الحقائق. ان الاكثار من التصريحات من رأس النظام انما يدل على عدم ثقته باعلاميه الذين لم يستطيعوا تسويق ” نصره ” المبين على الامريكيين بتسليمه اسلحته الكيماوية، وهو نصر كاذب ومشوه وفي الحقيقة هو هزيمة لهذا النظام. ولقد حاول المنتصرون في الاعلام التقليل من أهمية هذا السلاح الذي بتدميره كان أفضل خدمة لأسرائيل، وهي التي كانت أمنت لاكثر من اربعين عامٍ .
مرة أخرى اثبت الإعلام الممانع بأنه إعلام غبي واستغبائي، فهم يعتقدون ان المواطنين في الوطن العربي لا زالوا اغبياء مثل ايام أحمد سعيد وبأنهم بتحاليلهم الغبية سوف ينورونهم، ناسين او متناسيين بأننا نعيش في عصر الثورة التقنية التي حولت المعلومة الى قدرة إنتشار أسرع وأفعل من طلقة المدفع، حيث تنتقل ومن مصادر متعددة واكثر دقة وشفافية من كل ألاعلام الممانع الذي لا يمكن ان يوصف الا بالغبي والجاهل.