ميشيل عون ..عن اي ديموقراطية تتحدث ؟؟ بقلم بهنان يامين

ميشيل عون ..عن اي ديموقراطية تتحدث ؟؟

                                                                                      بقلم بهنان يامين

   بالصدفة شاهدت مقطع من مقابلة ميشيل عون مع الفضائية السورية وهو يتحدث عن "ديموقراطية " النظام السوري، وكان ذلك بتاريخ الحادي عشر من تشرين الاول. وبعد ذلك بيومين، أي في الثالث عشر من تشرين الاول، احتفل هو بهروبه من القصر الجمهوري الى السفارة الفرنسية عام 1990، واحتفلت كل القوى الاخرى بشهداء ذاك اليوم الذي تخلى عنهم ميشيل عون وسقطوا شهداء، ومنهم لا زالوا مفقودين في السجون السورية. انها لسخرية القدر ان يمتدح ميشيل عون طارديه ويعطيهم شهادة " الديموقراطية " وهو النظام الذي تلطخت ولا تزال أيديه بالدم اللبناني في تلك الحقبة السوداء من تاريخ لبنان.

  عن اي ديموقراطية يتحدث ميشيل عون؟ واين لحظ بأن النظام السوري هو النظام السياسي الوحيد في المنطقة العربية الذي يعتبر ديموقراطيا؟ هنا لابد ان نسأل ايضا هل يعرف ميشيل عون معنى مفهوم الديموقراطية، وسيرورته التاريخية؟ باعتقادي لا، لانه لا يمكن لعسكري ان يفهم  ماذا تعني الديموقراطية.

   يدافع ميشيل عون اثناء المقابلة عن "ديموقراطية" النظام الأسدي ويختصره بحرية المعتقد الديني، وحرية اختيار الحياة الاجتماعية. حرية المعتقد الديني في سورية كانت موجودة قبل تشريف عسكر البعث الى السلطة وستبقى  بعد سقوطهم المؤكد على يد الشعب السوري البطل. هذا " الجنرال " ، الذي يهتز طربا لهذه الكلمة، نسي او تناسى الممارسات الطائفية لهذا النظام سواء في لبنان في فترة الاحتلال، او خلال 42 عاما من القبضة الحديدية في حكم سورية، فأين هي حرية المعتقد الذي يتحدث عنها ميشيل عون؟!

   هل اصدار القانون 49 الصادر عام 1980 والذي يقونن محاربة الاخوان المسلمين في سورية، ويجيز لهم اعدام كل من يريدون تصفيته بتهمة الانتماء الى حركة الاخوان المسلمين، أهذه ديموقراطية؟. قد اختلف مع حركة الاخوان المسلمين، وكذلك مع الكثير من الحركات الاسلامية، ايدولوجيا ولكن لا اختلف معهم بان الوطن السوري الغالي يجب ان يخلص من براثن البعث وحكم عسكره، وبأننا علينا بناء سوية الدولة المدنية الديموقراطية.

 فهو يتحدث بأن رأس النظام الديكتاتوري، قد اعطاهم "الاصلاحات"، وكان هذه "الاصلاحات"، التي بالمناسبة ليست اصلاحات لذا وضعناها بين مزدوجين، هي منحة من النظام للشعب السوري الذي يطالب بها منذ سنوات. أهذه هي الديموقراطية يا سيادة "الجنرال"؟ بالقطع لا، لانها ليست باصلاحات بل تشريع للمزيد من احكام سيطرة الديكتاتورية الاسدية على الشعب السوري، وما حصر كل السلطات الدستورية في يد الرئيس الا نموذجا عن لا ديموقرطية هذه "الاصلاحات".

    يتحدث ميشيل عون عن الغاء المادة الثامنة من الدستور البائد، وعن التعددية الحزبية التي هنا ايضا منحهم اياه " سيادة الرئيس" حسب رأيه. عن اي مادة الغيت تتحدث ايها العسكري الذي ترك بندقيته على باب القصر الجمهوري عام 1990، ليتخلى عن من وضعوا كل ثقتهم فيه لتخليص لبنان من الاحتلال السوري. ان المادة الثامنة الغيت من النص الدستوري ولكن عمليا وعلى الارض لا زالت قائمة، حيث يعيش البعثيون كالطحالب على حساب اموال الشعب السوري الذي انتفض في الخامس عشر من اذار 2011، ولا زال منتفضا .

   اما قانون الاحزاب الذي يفاخر به النظام، فهو قانون رجعي، واول من لا ينطبق عليه هو حزب البعث العربي الاشتراكي. رجعية هذا القانون تكمن بلا دستوريته لانه يتناقض مع احكام الدستور والتي تجيز، ولو نظريا، حرية الاختيار للمواطن السوري، كونه يضع القيود والشروط غير الموضوعية لتشكيل الاحزاب السياسية.

  بالطبع اكمل ميشيل عون  مقابلته بترهات تبرر للنظام ما يقوم به اليوم من ذبح للشعب السوري، ولو وضعت هذه المقابلة امام محلل نفسي، لكانت نتيجة التحليل بأن " الجنرال " المسكين لم يكن مرتاحا لما يقوله، لان لهجته وهو يتحدث كانت بعيدة كل البعد عن العنجهية التي يخاطب بها الناس في لبنان، هذه اللهجة الهادئة والمترددة تعني بأن الجنرال كتبت له هذه المقابلة من قبل الاجهزة الامنية السورية برئاسة علي مملوك.

  انها سخرية القدر ان يتحدث ميشيل عن ديموقراطية نظام، وهو الذي لم يستطع ان يبني حزبا سياسيا ديموقراطيا في لبنان، حيث حصر كل السلطات الحزبية به وبوريثه بعده بصهر الجنرال، جبران باسيل، الذي ورطه بوثيقة التفاهم مع الحزب الالهي. وكما ذهبت الغشاوة عن اعين الكثيرين الذين انخدعوا بميشيل عون، ستذهب ايضا عن البقية من مناصريه لو انهم درسوا تاريخ ميشيل عون وتعاونه مع النظام سوري في مرحلة الاب ومرحلة الابن.