تاريخ حلب الحديث في حسم التغيرات في سورية بقلم بهنان يامين

تاريخ حلب الحديث في حسم التغيرات في سورية

                                             بقلم بهنان يامين

      ليست المرة الاولى التي يمكن ان تكون  مدينة حلب هي الحاسمة في حسم التغيرات في سورية. لو أخذنا تاريخ سورية الحديث خلال القرن المنصرم للحظنا بأن حلب كانت دائما نقطة الحسم في السياسة السورية.

     لعب الحلبيون دورا اساسيا في تقويض الدولة العثمانية من خلال نضالهم لاستقرار سورية وتحررها من الحكم الطوراني، وما نضالات عبد الرحمن الكواكبي ضد الاستبداد العثماني الا خير دليل على نضالات حلب. رفضت حلب مع مناضلي انطاكية واسكندرون المؤامرة الفرنسية – التركية لسلب اللواء، الذي جاء بشار الاسد لينهي حتى المطالبة الرمزية باستعادت هذا اللواء، ليشطبه نهائيا من خارطة سورية. واستقبلت حلب العديد من اهل انطاكية واسكندرون الذين شكل قسم كبير منهم ركنا من اركان السياسة والصناعة والتجارة في مدينة حلب.

     عندما حاول الاستعمار الفرنسي تقسيم سورية الى دويلات، كان الحلبيون الوطنيون، مسلمين ومسيحيين، اول من تصدى لهذه الدويلات ومنها دويلة حلب، فثاروا مع من ثار من السوريين رفضا لهذا التقسيم، حيث كانت ثورة ابراهيم هنانو ورفاقه، ضد هذا التقسيم وتحقق للسوريين ذلك وفشل المخطط التقسيمي لما تبقى من سورية.

    لعب سياسيو حلب دورا كبيرا في معركة الاستقلال، ورفدوا سياسيي سورية المستقلة برجالات من امثال سعد الله الجابري، وناظم القدسي، ورزق الله قاسيون، وليون زمريا وميخائيل ليان وغيرهم من قيادات حزب الشعب.

   كانت حلب دائما متصدية لكل الانقلابات العسكرية، التي ابتليت بها سورية، وما ان كانت حلب تصتف ضد السلطة العسكرية، كانت هذه السلطة تنهار. حتى عندما لم تكن حلب سباقة في التحرك كانت هي الحاسمة، ولنا في اسقاط الديكتاتور اديب الشيشكلي مثالا بارزا على ذلك، فلقد تحركت حامية دير الزور وقوات الهجانة واخذت المناطق العسكرية تتساقط، وما ان دخلت حامية حلب الحركة، حتى قطع الشيشكلي الامل واستقال وهرب الى بيروت ومنها الى البرازيل لتعود سورية الى الحكم المدني.

    1958 كانت حلب اول من بايع دولة الوحدة، ولكن اخطاء الوحدة دفعت اقتصادي حلب، تجارا وصناعيين ومزارعين، الى ترك سورية الى لبنان حيث نشط وجودهم الاقتصاد اللبناني.

   تراكم اخطاء العسكر في حكم الوحدة بدأ من عبد الحميد السراج مرورا بسامي جمعة ووصولا الى عبد الحكيم عامر مما دفع كتلة الضباط الشوام الى الاعلان عن فصل الوحدة، ولكنهم فشلوا في ذلك، الا ان حسمت حلب العملية من خلال دخولها الى الحركة، ويوم عرف عبد الناصر بدخول حلب المعركة، حتى اوقف القوات المتجهة الى اللاذقية لتعود ادراجها حتى لا يراق الدم السوري.

  ويوم حركة 28 اذار 1962 حاول العسكر السيطرة على مقاليد الحكم ثانية، ولكنهم فشلوا في ذلك، وكان سبب الفشل هو عصيان جاسم علوان وحمد عبيد، الاول ناصري والثاني بعثي، ولقد حسمت الامور لصالح النظام المدني، وفشلت الحركة ومعه عصيان حلب.

  عام 1980 وبعد ان فشلت حركة عدنان عكلة وابراهيم اليوسف وحسني عابو، استطاعت قوى المجتمع المدني ان تنجح في كل انتخابات النقابات المهنية من مهندسين ومحامين واطباء وغيرهم … ويوم اضربت حلب عن بكرة ابيها، نتيجة دعوة النقابات المهنية الى الاضراب العام، حتى اهتز نظام الطاغية حافظ اسد، ولكن عدم دخول دمشق في الحركة اعطى للطاغية حافظ الاسد الفرصة لقمع الحركة المدنية، مدعيا بأنه يقضي على القوى الاسلامية في حلب، ليكمل بعد ذلك على حماة ليدمرها.

  اليوم حلب تثور وتصطف مع باقي المدن السورية من دير الزور الى درعا ومن اليعربية الى ادلب واعزاز وعفرين وجسر الشغور مرورا بحمص وحماة واللاذقية. الكل عينه اليوم شاخصة على حلب بأنها ستكون مدينة الحسم، وما سيطرت الجيش الحرعلى معظم احياء حلب الا بداية حسم معركة اسقاط النظام الاسدي. ما حدث في حلب قد يكون شجع رئيس الوزراء السوري ومعه العديد من الضباط  والجنود هو احد نتائج صمود حلب.

   اليوم حلب بحاجة الى تحرك كل مدينة في سورية وكل فرد في سورية من أجل اسقاط النظام. وعلى قوى المعارضة ان تتوحد لتقف مع ثوار حلب عسكريين ومدنيين لحسم معركة اسقاط النظام. لقد اخذ النظام يتخلخل وكلما تخلخل النظام على المعارضة ان ترد عليه بالالتحام والتوحد.

  لقد آن الاوان ان يقف جيشنا السوري الموقف الواجب ان يقفه وان يحسم معركة حلب برفضه اطاعة الاوامر، وان يكون فعلا حاميا للوطن من خلال الوقوف مع الشعب الذي يريد حريته وكرامته.