ائتـلاف قـوى المعـارضة السـوريــة بقلم بهنان يامين

ائتـلاف قـوى المعـارضة السـوريــة

                                                                                      بقلم بهنان يامين

      بعد ان صعد النظام الديكتاتوري الأسدي، هو وحلفائه من روسيا الى ايران الى حزب الله، من وتيرة قمعه للشعب السوري وتدمير المدن السورية بطريقة بربرية، أشتدت معها الضغوط على المجلس الوطني السوري بأن المرحلة القمعية الجديدة تتطلب منه إعادة الهيكلة وترتيب بيته الداخلي على الصعيد التنظيمي والسياسي.

      فشل المجلس القيام بذلك أدى الى تداعي، بعض القوى من داخله ومن خارجه، وهي قوى وطنية لا غبار على وطنيتها، الى التنادي لقيام ائتلاف جديد يكون أكثر لحمة من المجلس الوطني على ان يكون المجلس أحد اهم مكوناته. لذا عقدت في الدوحة بقطر مؤتمرين الاول لترتيب وضع المجلس الوطني السوري، والثاني تشاوري لائتلاف قوى المعارضة السورية.

            بالنسبة للمؤتمر الاول فلقد تم توسيع المجلس الوطني، ولكن عوض ان تكون الزيادة لإضافة قوى جديدة تغني تجربة المجلس فاذا بالمجلس يسير على ذات الطريقة التي جرى فيها التوسيع الاول في تونس، حيث اخضع بعض المزاودين مِن مَن يحملون امراضا توارثوها من أحزابهم القديمة، المجلس الى نوع من الابتزاز فرض وضع بنود انتخابية معقدة أدت الى ما أدت اليه، ليتم انتخاب المناضل جورج صبرا رئيسا ثالثا للمجلس الوطني السوري ولمدة ستة أشهر.

   نهاية مؤتمر المجلس الوطني اعطى دفعا للمؤتمر الثاني، حيث اعتبر المجلس الوطني السوري، المكون الرئيسي للائتلاف الجديد، لتنطلق ورشة عمل وضع الأُسس التنظيمية والسياسية له، ليتوج في الحادي عشر من هذا الشهر بانتخاب رئيسا ونائبي رئيس حيث تم  وضع أسس سليمة لمحاربة النظام السوري الآيل الى السقوط.

   من إطلع على مدار الايـام القليلة الماضية في كواليس كلا المؤتمرين، يعرف بأن المخاض كان صعبا ومؤلما لولادة هذا الائتلاف الجديد، وصولا الى عملية الانتخاب التي توجت بانتخاب الشيخ معاذ الخطيب الحسني، رئيسا للائتلاف، ورياض سيف وسهير جمال الاتاسي كنائبين للرئيس. هذه العملية افرزت عن هيكلية  جديدة وجيدة قد تساعد على سحب موضوع وحدة المعارضة من يد القوى التي كانت دائما تطالب بهذه الورقة وتضغط على هذه المعارضة بها.

   وحدها هيئة التنسيق الوطنية للتغيير هي التي غردت خارج السرب ورفضت بشكل او بآخر الحضور الى الدوحة للمشاركة بالحلول لأزمة الثورة السورية في مواجهة النظام القمعي الارهابي. هذا الموقف المتشنج من قبل قيادة الهيئة، وانا استغرب هذا الموقف من قياديين كبار كعبد المجيد منجونة وعبد المجيد حمو وغيرهم من من نعرفهم جيدا، جعلها معزولة عن القوى المعارضة سواء في الداخل او الخارج. الحضور هو أساسي وهام، حتى ولو اختلفنا، ولكن علينا ان نستمع الى بعضنا البعض ونتحاور ونحاول ان نتوصل الى برنامج حد ادنى من التلاقي على الاقل.

          خلال هذين اليومين تم انتخاب المناضل جورج صبرة، كرئيس للمجلس الوطني السوري، طريقة انتخابه لم ترض الكثيرين ولكن مع نقدهم للطريقة قد تقبلوا هذه النتيجة التي اوصلت مسيحيا علمانيا الى اعلى منصب في المكون الاساسي للمعارضة.

    النتيجة الثانية كانت انتخاب الشيخ معاذ الخطيب الحسني، وهذا الانتخاب قد اثار او يثير مخاوف البعض واستهجان البعض الآخر، ولكن في الحقيقة كلا الموقفين مستغربين. كون الشيخ معاذ الخطيب، خطيبا للجامع الاموي، لا يلغي حقه كمواطن سوري، ذو سمعة وطنية جيدة، في ان ينتخب الى أعلى المناصب، ففوزه بهذا العدد الكبير من الاصوات يعني بأن هناك نوع من التوافق على شخصه من أجل ان يقود هذا الائتلاف في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ سورية الجريحة  والدامية في مواجهة النظام القمعي.

      ان وصول الشيخ معاذ الخطيب هو تقديم فاتورة حساب للحركات اليسارية والعلمانية كونها لم فشلت في كسب الجماهير في سورية الى خندقها، فلقد كانت هذه القوى تمارس دور الاستاذ على هذه الجماهير، ولا زال البعض يمارسها حتى الآن، ولم تكن تغوص في عمقها لتعرف ما تريده، بل على العكس فأن تجربة البعث في الحكم عوضا ان تدفع الى ثقافة ديموقراطية أدت الى سياسية طائفية ديكتاتورية نحصد اليوم نتائجها البشعة على أرض الواقع حيث أخذت الطوائف تخاف الواحدة من الاخرى. هذا الموقف هو موقف متراجع عن حركة الخمسينات حيث كان هناك طموح كبير لدى الناس والجماهير الخروج من الديموقراطية الواعدة الى الديموقراطية الواعية والفاعلة.

             ان الخوف الذي يسيطراليوم على مكونات الطوائف في المجتمع السوري هو نتاج حتمي للحالة التصحرية التي عاشتها سورية طيلة ما يقارب النصف قرن من الزمن حيث كانت بروبغاندا النظام الديكتاتوري تعمل على تخويف القوم الاكثري من الأقوام الأقلية، والاقوام الاقلية من القوم الاكثري. هذا الخوف، الواحد من الآخر، وعدم فهمنا لبعضنا البعض، هو الذي اوصلنا  الى الحالة الدموية التي تعيشها سورية اليوم، والتي تحاول مكونات المعارضة السورية الى تجاوزها وصولا الى النتيجة الطبيعية الا وهي اسقاط نظام عصابات آل الاسد، واقامة الدولة المدنية الديموقراطية، حيث مبدأ المواطنة والكفاءة هو السائد.