اهتز الشارع الإيراني فجأة لينطلق بقوة كاشفاً عورة نظام الملالي الذي جثم، ولا يزال يجثم، على صدر الشعب الإيراني، باسم الإسلام السياسي وولاية الفقيه، وسبب مقتل همسا أميني على يد شرطة الاخلاق، الذين أدعوا بانها وضعت الحجاب بطريقة يكشف عن شعرها، وهو حسب النظام الخميني والخمينين انتهاك للقوانين الذي وضعها كلا الوليين الفقيهين. هذا المشهد أخل بالنظام لتنطلق مظاهرات النسوة ضد هذه الظاهرة التي قمعتهن منذ اكثر من أربعين سنة. يقول الصديق نيروز مالك ” الشعر هو الحجاب الشرعي الذي خلقه الله للمرأة”، وانا أؤيد كلام نيروز وأضيف له بان علينا ان لا نكر على المرأة الحق الذي أعطاها إياه الله لتظهر جمالها، وليكون خط دفاع اول ضد شهوات الولي الفقيه ومن يناصره من شرطة الاخلاق.
مقتلها بهذه الطريقة البربرية، دفع النسوة من كل الاثنيات، الى حرق الحجاب المفروض عليهن بقوة السلطة الغاشمة لنظام الملالي بقيادة الولي الفقيه، وبعضهن قصصن شَعرهن كردة فعل على هذا النظام الجائر الذي طغى وبغى، من طهران الى بيروت، مرورا ببغداد، ودمشق، واليمن، عن طريق أحزاب الله، والحشد الشعبي، والزينبيون، والفاطميون، وغيرهم من المنظمات التي جاءت لحماية العتبات المقدسة التي لم تكن يوماً مهددة.
شَعر همسا أميني كشف بأن نظام الولي الفقيه وملاليه ليس نظاماً ” إسلاميا” متجانساً، بل هو نظام يحتوي بداخله مشاكل عرقية، وأثنية، واقتصادية، وفكرية، فـ”الثورة الخمينية” هي بالفعل نظام إرهابي، ارهب المواطن الإيراني بكل مكوناته، ليبقيه تحت هيمنته من خلال سلطة الحرس الثوري والباسيج.
انتفاضة النسوة هذه، ليست محصورة بالنساء الذي خلقهن الله مساويات للرجل، ولكي يأتي المشرعون، ويحرمون المرأة من حقوقها التي كرسها الله لها، فمسألة الحجاب مسألة مختلف عليها، وكانت المرأة لتتحرر، كان اول شيء تقوم به هو تمزيق حجابها، كمقدمة سياسية لكشف عورة الأنظمة التي تضطهدن، ولنا في تحرك المناضلة النسوية هدى الشعراوي خير دليل ان اول حركة تقوم بها النسوة، من أجل الحصول على حقوقهن، هي إزالة الحجاب، وبعده تكر سلسة المطالب النسوية من أجل التعبير عن تحررهن.
نعود الى نظام الملالي، الذي اسقط الشاه، وهو لم يكن لوحده في ذلك، بل سانده تجار البازر وبعض السياسين الايرانيين ” الديموقراطيين”، والذي اول من قضى عليهم كانت سلطة الملالي، الذين حرموا ايران من حريتها، ومن مواردها الطبيعية، ليضعوا ستاراً حديدياً حولها، وليضعوا تشريعات دينية تدين أي حركة معادية لسلطة الولي الفقيه، فالولي الفقيه هو ديكتاتور، ولقد رفض العديد من الفقهاء الشيعة والسنة سواء، مفهوم سلطة الولي الفقيه، المعصوم عن الخطأ.
نظام الملالي هذا لم يحرم فقط المواطنين من حقوقهم بل تعدى ذلك الى الملالي الاصلاحين، من خاتمي الى رفسنجاني، مروراً بكل القوى ” الأصلاحية” التي تمنع ترشيح أي مرشح يهدد سلطتها بشكل او بأخر، ولنا كيف اعلن الولي الفقيه انتصار أحمدي نجاد، لرئاسة الدولة الإيرانية، حتى قبل فتح صناديق الاقتراع ليعتبر كل من الشخصيتين الاصلاحيتين ميري حسين موسوي، ومهدي كروبي، قد فشلا في الانتخابات الرئاسية، لتنطلق ما تعرف عليه بالثورة الخضراء عام 2009، ليمنع خمائيني كلاهما من التكلم من خلال وضعهما في الإقامة الجبرية، مع العديد من الملالي الإصلاحيين.
لقد اوجد الخميني تشريعات جهنمية تعيق أي تحرك ممكن ضد سلطة الولي الفقيه، كمجلس الخبراء والحرس الثوري، ولقد جاء خليفته ليقيل كل من يهدد سلطته، استبشرنا خيراً بقدوم محمد خاتمي رئيساً، لنكتشف بأنه مكبل بتشريعات تمنعه من ممارسة سلطته التنفيذية، ورغم نجاح محمد خاتمي بدورتين انتخابيتين ولكنه لم يستطع ان يمارس سلطته الحقيقية.
اليوم هناك حراك ثوري في ايران، تقوده نسوة ايران، وتساندها ولو ضمنياً، كل القوى المعارضة لنظام الملالي، فهل يتحول هذه التحرك، الى ثورة تنهي سلطة رجال الدين، الذين يمارسون الإرهاب على كل القوى المتنوعة المشارب. اليوم ايران وهي الدولة الغنية اقتصاديا هي في الحضيض، فالتومان لا يساوي شيئاً امام الدولار، ولقد لحق به الدينار العراقي، والليرة السورية، والليرة اللبنانية، مدمراً كل اقتصاديات البلدان التي تسير في فلكه.
طلبت الCNN المحطة الامريكية مقابلة من الجزار ابراهيم رئيسي ، رئيس الدولة الإرهابية، عن طريق الإعلامية الكبيرة كريستان امنبور، فاشترط عليها وضع الحجاب من خلال تغطيت شعرها فرفضت ذلك، والغت كل المقابلة في حركة احتجاجية مساندة لتحرك نسوة ايران، زميلات شهيدة غطاء الشَعر همسا أميني.
قد ينجح هذا الحراك وقد يرهب من خلال القتل الي نشهده يومياً ضد النساء ومن يساندهن من الرجال، فلقد نجح هذه الحراك، تحريك المياه الراكدة، ليهتز عرش ولاية الفقيه ويهدد بالسقوط.