حلب… قلعة الصمود والتصدي السورية بقلم بهنان يامين

 حلب… قلعة الصمود والتصدي السورية

                                                                     بقلم بهنان يامين

  

    بكل وقاحة افتتح مذيع فضائية "الجديد" اللبنانية  نشرتها الاخبارية بقوله " سيحارب الجيش الحر بالقدود الحلبية وسيتصدى له النظام بالدبابات، والصواريخ، والمدفعية، والطيران والحوامات." ومع اعتزاز كل حلبي وكل سوري بفن القدود الحلبية فأن الطريقة التي تحدث بها المذيع أشارت الى نوع من الشماتة من إحدى الفضائيات التي تباع وتشترى، مثل الداعرة التي تبيع جسدها.

   يرمز دائما لحلب بقلعتها، وهذا الترميز ليس محض صدفة كونها ليست فقط أثراً من اثار ماضي حلب المجيد، بل لانها كانت قلعة للصمود والتصدي في وجه كل الطغاة والغزاة، فلقد مر على حلب كل من حاول ان يسيطر على سورية وقلبها النابض حلب الشهباء. وبالطبع ورغم قوة النظام العسكرية فانه سيندحر تحت اقدام تلك القلعة، قلعة الصمود والتصدي، حلب الشهباء، حلب سيف الدولة الحمداني التي اعطت مع بطولاتها للحضارة الانسانية، الخوارزمي بجبره وجداوله ومفهموه للصفر، واعطت في الادب ابو فراس الحمداني، وابو الطيب المتنبي، وللفن فن القدود الحلبية التي عير بها ذاك المذيع الساقط بطولات حلب في وجه اليغي والطغيان.

   بالطبع تأخرت حلب الشهباء الدخول في الثورة ليس قصورا، ولكن نتيجة سيطرة شبيحة مهربي المخدرات ( ولقد تم القضاء على قادة الشبيحة بتاريخ 31 تموز 2012 حيث قتل وين الدين  بري ( زينو) والعديد من عصابته في معارك حلب )، وايضا مجموعة من التجار الذين نمو من فضلات البورجوازية الطفيلية التي برزت  مع النظام الاسدي.

   عرف النظام باهمية هذه القلعة، لذا عمل على تحييدها الى فترة ما من خلال محاصرتها من قبل جيش الشبيحة، والبروباغندا الاعلامية من خلال تخويف اهالي حلب عامة، والاقليات ومسيحييها خاصة، بأن بقاء حلب وبقاءهم رهن ببقاء النظام.

   الحقيقة، حلب لم تكن بمنائ عن الحراك الثوري في سورية، فريفها الذي شارك منذ الايام الاولى بالحراك كان جزءا هاما منه، وليس الريف فقط، فلقد شهدت الاحياء، التي تشكل اليوم قلب الصراع، المظاهرات بشكل يومي، ولكن التعتييم الاعلامي، وتواجد مناطق اكثر سخونة غطى على هذه المشاركة.

   حلب اليوم تدخل بكل زخم في معركة التحرير، ولقد استطاع الجيش الحر والقوى الشعبية السيطرة على مجمل حلب من صلاح الدين الى الصاخور، مرورا بسيف الدولة، وباب الحديد وطريق الباب والشعار، فهذه في الحقيقة هي حلب، فقط وسط حلب لا زال بعيديا عن الحراك لتركيز النظام قواه عليه.

   ليس صدفة ان تكون اسماء احياء حلب باسماء العظماء الذين وضعوا بصماتهم على تاريخ هذه المدينة. فبطولات حي صلاح الدين يذكرنا ببطولات صلاح الدين الايوبي، وصمود حي سيف الدولة يذكرنا بسيف الدولة الحمداني الذي صمد ببطولة ورد الغزاة الروم عن تخوم دولة حلب… وغيرها من الاحياء التي تقف اليوم في وجه الدولة الامنية للنظام الاسدي، وسيذكر التاريخ هذه البطولات، وسيكون تحرير سورية من خلال تحرير حلب مدينة وريفا.

  وسيذكر ايضا هذا النظام بالخزي والعار، هذا النظام الذي حول معظم المدن السورية الى ركام وانقاض. سيذكره التاريخ بأنه، منذ ان انقلب على رفاقه في الحزب والدولة،  قد دمر اقتصاد البلد واخذه رهينة، بعد ان افسد اخلاق الناس وحولهم الى ادوات لتغذية الاقتصاد الطفيلي الذي حول اقتصاد سورية الى اقتصاد لآل مخلوف ومن حولهم، ومن كان يخالف من اقتصادي البلد الشرفاء من امثال الدكتور عارف دليلة والدكتور تيسير الردواي فكان مصيرهم الاول السجن الطويل والثاني الاقالة لانه لحظ في خطته الخمسية شؤون الناس، وليس شؤون العصابة الاسدية. وكلاهما كانا من اعمدة كلية الاقتصاد في جامعة حلب الذي اغلقها النظام واوقف التدريس فيها خوفا من حراكها.

  المعلومات الواردة من الداخل السوري تشير على ان النظام وشبيحته يمارسون المجازر في حي صلاح الدين والاحياء المحيطة به، فكما عرفت حمص بطولات بابا عمرو، فأن صلاح الدين يشهد اليوم مجازر من قبل النظام يقابلها من الطرف الثوري بطولات سيتحدث عنها الناس عندما تنجلي المعركة، وما يحدث اليوم في صلاح الدين سيحاول النظام ان يعممه على باقي احياء المدينة الذي فقد سيطرته عليها.

   حلب التي قدمت لسورية الشخصيات السياسية من امثال ابراهيم هنانو،سعد الله الجابري ، قسطاكي حمصي، المطران الوطني اسيدورس فتال، ناظم القدسي وليون زكري وميخائيل اليان وغيرهم الكثيرين الذين خدموا سورية تاريخا وشعبا واقتصادا حيث كانت حلب واقتصاديها وتجارها بوابة العالم للتعامل التجاري مع سورية والمنطقة.

   حلب لن تركع، فكما كان صمودها عبر التاريخ في وجه الطغاة مثالا يقتدى، كذلك سيهزم اهل حلب الابطال هذا النظام الذي اذل سورية لما يقارب النصف قرن. فتحية الى اهل حلب الذين يرفعون اليوم السلاح في وجه النظام الاسدي ودولته الامنية.