دمشق: تاهر الاف السوريين المناهضين للنظام الجمعة في عدد من المناطق السورية في “جمعة تسليح الجيش الحر”، وذلك غداة سقوط حي بابا عمرو في حمص (وسط) في ايدي قوات النظام بعد 27 يوما من الحصار والقصف
وترافقت التظاهرات مع اعمال عنف تسببت بسقوط 38 قتيلا بينهم 12 في الرستن (حمص) و10 في بابا عمرو، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان
وجاء في بيان صادر عن المرصد ان 12 شخصا قتلوا في “سقوط قذيفة على تظاهرة في الرستن بينهم خمسة اطفال تم التعرف على اثنين منهم (9 و12) عاما”
وذكر مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس ان عشرة سوريين “قتلوا بالرصاص” في بابا عمرو و”لم تتضح ظروف مقتلهم”
واكد ناشطون على شبكة الانترنت ان العشرة اعدموا على ايدي قوات النظام التي دخلت الحي الخميس والتي تقوم بحملة اعتقالات فيه.
وقال عضو الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبدالله في اتصال هاتفي من حمص مع وكالة فرانس برس “تأكدنا من اعدام عشرة شبان صباحا، بعد حملة اعتقالات شملت الذكور بين 14 وخمسين عاما”
في جنيف، ناشد مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان السلطات السورية الجمعة احترام القانون الدولي، مشيرا الى انباء غير مؤكدة عن اعدام “17 شخصا من دون محاكمات بعد دخول القوات السورية الى حي بابا عمرو”
وقتل الجمعة ايضا مواطنان في مدينة دوما في ريف دمشق في اطلاق رصاص من القوات السورية، بحسب المرصد.
وفي مدينة دير الزور (شرق)، افاد المرصد عن مقتل خمسة مواطنين في “اطلاق الرصاص من القوات السورية في حي العرفي على مشييعي شخص كان قتل صباحا” في حي القصور.
وقتل مواطن في مدينة حماة (وسط) اثر اصابته برصاص قناصة.
في مدينة حلب (شمال)، قتل ثلاثة مواطنين في حي السكري ومساكن هنانو في اطلاق رصاص من القوات السورية خلال محاولة تفريق تظاهرة.
في محافظة ادلب (شمال غرب)، قتل شاب من قرية معر شمارين “اثر اطلاق الرصاص عليه من حاجز امني”، كما قتل “رجل وزوجته وسائق سيارة اجرة اثر اطلاق رصاص عشوائي من قوات النظام على السيارة عند جسر مدينة سراقب”، بحسب المرصد
ورغم اطلاق الرصاص على عدد من التظاهرات، واستمرار القصف والاعتقالات، خرج السوريون المناهضون للنظام في تظاهرات في عدد كبير من انحاء البلاد، تلبية لدعوة للتظاهر من اجل “تسليح الجيش السوري الحر”
وقال عضو الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبد الله في اتصال من حمص مع وكالة فرانس برس ان الاحياء الاخرى غير بابا عمرو في المدينة شهدت اليوم تظاهرات تطالب باسقاط النظام. وقال “الناس يتظاهرون بكثافة ليقولوا للنظام ان حمص لن تتراجع”
واضاف “اذا كان حي واحد في حمص مساحته 14 كلم مربع وقف بوجه اعتى الة عسكرية مدعومة من الصين وروسيا وايران، فكيف له (بشار الاسد) ان يخضع حمص؟
وقال المتحدث باسم اتحاد تنسيقيات حلب محمد الحلبي ان “الاف المتظاهرين خرجوا في 12 نقطة في المدينة يهتفون لمدينة حمص والمدن المحاصرة في ريف حلب، وينادون باسقاط النظام وتسليح الجيش السوري الحر”
وشهدت بلدات وقرى عدة في ريف حلب تظاهرات
في دمشق، قال المتحدث باسم اتحاد تنسيقيات دمشق وريفها محمد الشامي ان “الاف المتظاهرين خرجوا في احياء عدة من العاصمة، بينها المزة والحجر الاسود والعسالي والقدم والقابون وكفرسوسة”. وسارت تظاهرات كذلك في الريف، “رغم الانتشار الامني وتساقط الثلوج”.
وفي شريط فيديو وزعه ناشطون على موقع يوتيوب الالكتروني، شوهد متظاهرون تم تصويرهم من الخلف وقد غطى معظمهم رؤوسهم يهتفون في دمشق “الموت ولا المذلة، عن حمص ما رح نتخلى، عن درعا ما رح نتخلى”.
وفي شريط آخر، في دوما في ريف دمشق، شوهد عدد من المتظاهرين في حلقة رقص، والجمع من حولهم يغني “يا محلاها الحرية”.
وحمل متظاهرون في تظاهرة في بلدة كناكر في ريف دمشق لافتة كتب عليها “حتى لا نقول سامحينا بابا عمرو، سلحونا”.
وشملت التظاهرات دير الزور ومحافظة حماة.
وغداة دخول قوات النظام الى بابا عمرو، توجه موكب قوامه سبع شاحنات تابعة للجنة الدولية للصليب الاحمر والهلال الاحمر العربي السوري الى مدينة حمص صباح الجمعة، محملا بمواد غذائية وطبية واغطية وحليب للاطفال ولوازم اخرى.
واعلن رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر جاكوب كيلنبرغر من جنيف الجمعة انه “لم يسمح للقافلة بدخول الحي”، معتبرا الامر “غير مقبول”.
ودعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون السلطات السورية الى السماح بادخال المساعدات الانسانية الى سوريا “من دون شروط مسبقة”.
وقال ان الامم المتحدة تعمل جاهدة على تنظيم زيارة مسؤولة العمليات الانسانية فاليري اموس الى سوريا “في اقرب وقت ممكن”، لكي تجري تقييما للوضع الانساني، معتبرا ان تصريحات المسؤولين السوريين الاخيرة “تشير على ما يبدو الى انهم يرغبون في استقبال فاليري اموس”.
وفي المقابل، قال بان كي مون ان مهمة المبعوث الجديد للامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان ستكون “اوسع واكثر مرونة” وستستند الى القرار الذي تبنته الجمعية العامة للامم المتحدة.
ويغادر كوفي انان نيويورك الجمعة الى جنيف حيث يقيم. وقال بان كي مون ان انان سيتوجه الثلاثاء الى القاهرة للقاء الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي قبل ان يتوجه الى دمشق “في اقرب وقت ممكن”.
في الاثناء، وصلت الى دمشق مساء الجمعة جثتا الصحافيين الغربيين ماري كولفن وريمي اوشليك اللذين قتلا في القصف على حمص في 22 شباط/فبراير.
ووصلت الجثتان في سيارتي اسعاف، كما افاد مراسل فرانس برس.
وكان ناشطون معارضون للنظام دفنوا الصحافيين في بابا عمرو، نظرا لعدم وجود برادات في الحي الذي كان يتعرض لحصار وقصف قبل سقوطه الخميس في ايدي قوات النظام.
واعلنت السلطات السورية انها عثرت على جثتي كولفن واوشليك في “المناطق التي كان يسيطر عليها الارهابيون”، مشيرة الى وجود جثة لصحافي غربي ثالث قالت انه خافيير اسبينوسا. الا ان اسبينوسا ظهر الجمعة على شاشة قناة “الجزيرة” الفضائية الاخبارية العربية، وقال انه بخير، وانه وصل الى لبنان من سوريا الاربعاء.
واشار الى ان الالتباس قد يكون ناتجا عن اضاعته بطاقاته المهنية واوراقه خلال خروجه من بابا عمرو، وان هذه وجدت ربما الى جانب احد الناشطين الذين كانوا معه وقتلوا في عملية الهروب.
واعلنت النيابة العامة في باريس ان القضاء الفرنسي فتح تحقيقا الجمعة لكشف ملابسات مقتل اوشليك ومحاولة قتل الصحافية الفرنسية اديت بوفييه التي اصيبت في في اليوم نفسه.
ووصلت بوفييه والصحافي الفرنسي وليام دانييلز الذي كان عالقا معها في حمص، الى باريس الجمعة قادمين من لبنان بعدما تمكنا من الخروج خلسة من سوريا مساء الخميس بمساعدة ناشطين سوريين معارضين وعناصر من الجيش السوري الحر. وكان في استقبالهما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.
وقال ساركوزي في تصريح في مطار فيلاكوبليه العسكري “على السلطات السورية ان تحاسب امام المحاكم الجنائية الدولية على جرائمها”.
وحيت فرنسا الجمعة “السوريين المجهولين” الذين ساعدوا الصحافيين بوفييه ودانيالز على الخروج من حمص.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو “لن ننسى اولئك السوريين الذين سيبقون على الارجح مجهولين والذين سمحوا بخروج مواطنينا من المدينة والوصول سالمين الى لبنان”. واعلن الجيش الحر مقتل عناصر منه خلال عملية الاجلاء. كما قتل 13 ناشطا في محاولة سابقة لاجلاء بوفييه ودانيالز سمحت باجلاء الصحافي البريطاني بول كونروي المصاب ايضا والذي وصل الى لبنان الثلاثاء.
واعلن ساركوزي الجمعة ان بلاده قررت اغلاق سفارتها في دمشق، تعبيرا عن ادانتها “فضيحة” القمع الذي يمارسه النظام السوري ضد شعبه.
واعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي عن اسفه لهذا القرار.
وقال لوكالة فرانس برس “رغم ان هذا قرار سيادي للسلطات الفرنسية، فانه قرار مؤسف. واتمنى ان تغير السلطات الفرنسية مقاربتها السلبية وان تعود جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة، وذلك بهدف مساعدة سوريا على تجاوز هذه الازمة الاليمة”.
وقالت الناشطة في لجان التنسيق المحلية رزان زيتونة من جهتها “من غير المفيد او المبرر اغلاق السفارة في دمشق إذا لم يكن ذلك ضمن توجه للدفع نحو اسقاط النظام في وقت قريب”.
في بروكسل، طالب قادة الاتحاد الاوروبي بمحاسبة النظام السوري على اعماله و”الفظائع” التي يرتكبها.
وندد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بالوضع “المروع” في سوريا، وقال “سياتي يوم ولو طال الزمن سيتحمل فيه هذا النظام المرعب مسؤولية اعماله”.
كما ادان المتحدث باسم الرئيس باراك اوباما اعمال القصف التي استهدفت مدينة حمص، وقال انها “مشينة ومروعة ويجب ان تدينها دول العالم اجمع”.