الثورة السورية من يبرود الى كسب بهنان يامين

 

الثورة السورية من يبرود الى كسب

                                                        بهنان يامين

بهنان يامين جديدة

    بلاأخلاقية متناهية وزع أهل الضاحية الجنوبية في لبنان الحلوى والسكاكر على الحواجز احتفالاً بسقوط يبرود، هذه المدينة الجبلية الشماء، عروس القلمون، التي حتما كان لها دوراً هاماً باستقبال ابناء الطائفة الشيعية من الجوار البقاعي، والتي شردتهم حرب تموز الالهية 2006، وعوضاً عن ان يتعاطفوا مع اهالي يبرود، وزعوا الحلويات وكأن نصرهم كان على العدو الاسرائيلي وليس على أهلهم من ابناء القلمون. انها ليست المرة الاولى التي يتصرف فيها انصار الحزب الالهي بسفالة وحقارة، فلقد سبق ان تصرفوا ذات التصرف يوم سقطت القصير. هذا التصرف المذهبي ان دل على شيء انما يدل على حقد دفين كامن منذ 1400 عاماً وكأن أهل القلمون هم المسؤولين عن مقتل الحسين وسبي زينب.

  كيف سقطت يبرود وبهذه الطريقة، فرغم تبجح وزير دفاع النظام الاسدي بهذا "النصر العظيم"، لا أحد يعرف حقيقة ما حدث فالشائعات كثيرة وكذلك التخوين، كل ما يعرف بأن القوى الشيعوية المؤيدة للنظام هي التي اقتحمت يبرود وليس قوات النظام. اليوم تتحدث وكالات الانباء عن القوات المنسحبة من يبرود تتجمع لكي تشن هجوماً مضاداً لاستعادة القلمون من يبرود الى قارة و والقصير ودير عطية والنبك.

   لم تتم فرحة محبي النظام طويلاً، بهذا النصر المزعوم، الا بمفاجأة لم يكن أحد يتوقعها حيث اندفعت قوى الحراك الثوري للسيطرة على نقطة الحدود التركية – السورية في منطقة كسب، تلك المدينة الوادعة والمسالمة التي حولها النظام الى نقطة تماس بانسحاب الجيش النظامي منها، وتسليم أمنها لقوات " الدفاع الوطني" وهي القوات المشكلة من القوى التشبيحية للنظام، بقيادة هلال أنور الاسد والذي استطاعت القوات، التي سيطرت على معبر كسب والمدينة، الى قتله مع أكثر من أربعين من انصاره، وذلك حسب وكالات الانباء، وبهذا فهي المرة الاولى التي يقتل فيها أحد ما من آل الأسد مباشرة، لريحوا بذلك أهل اللاذقية من شرور هذا السفاح التشبيحي. وبهذه المعركة تم الاعلان عن فتح جبهة الساحل حيث استطاعت القوى المسيطرة على معبر كسب والقرى المجاورة لها وصولا الى فتح ثغرة توصل الى الشاطئ، وعسكرياً تعطي هذه الثغرة امكانية الاتصال مع العالم عن طريق البحر وهو يضعف ما قوات النظام.

   لم  تكن كسب وحدها النقطة الساخنة الوحيدة، فلقد شهدت حلب، ريفاً ومدينة، معارك ساخنة، حيث قامت القوى المسلحة المساندة للثورة لاحتلال جبل الشويحنة وبرجي السلام وسيرياتل، الذي في الحقيقة هو عبارة عن تلة، ولكنها بالسيطرة عليها يصبح حي الزهراء، ذو الاغلبية العلوية ومن مؤيدي ومنتفعي النظام، ونتيجة موقفهم الطائفي واستقبالهم القوات التكفيرية الشيعوية، التي تقاتل مع النظام في حلب، فلقد هربوا خوفاً من الانتقام نتيجة هذا التصرف. ولقد الحقت هذه القوى ايضاً هزيمة أخرى لقوى النظام وحلفائه من خلال السيطرة على صالات الليرمون ليهددوا بذلك مقر استخبارات القوى الجوية، إضافة الى تقدمها في حلب القديمة.

   ما يقال عن كسب وحلب يقال ايضاً عن مورك وخان شيخون وصوامع درعا، مما يعني تراجع النظام والقوى المتحالفة معه على أكثر من جبهة. أن تراجع قوى النظام عسكرياً  يضعف موقف رئيس النظام الذي يريد ان يجري انتخابات رئاسية نظراً لنهاية فترته الثانية، ونتيجة القانون الانتخابي الجديد لا يمكن لاي مرشح ان ينافس الطاغية في هذه الانتخابات، التي لا معنى لها ولا طعم، فالنتيجة معروفة سلفاً ومسبقاً، لصالح الطاغية.

    تبقى فتح جبهة الساحل هي الاهم، لانها تعني وصول القتال الى عقر دار النظام، او كما يقال الى حديقته الخلفية، ان كان له حديقة وليس حقل عوسج، ومركز قوته. قد يتسأل البعض لماذا كسب وما الفائدة من دخولها، خاصة اذا كان هذا الدخول سيؤدي الى تدميرها وتشريد اهلها؟ عسكرياً فأن السيطرة على كسب يعني عزل النظام عن عمقه العلوي في تركيا، والذي لم يخفي تأييده للطاغية الاسدي، والذي شكل قلقاً للحكومة التركية التي اسقطت طائرة حربية للنظام، لدى اختراقها الاجواء التركية.

    الجواب الثاني على السؤال، فأن القوى العسكرية تحاول دائماً السيطرة على أضعف النقاط حتى ترتاح من طرفها عندما تكون المعركة مع النقاط القوية، مما يحقق لها نصراً مريحاً، ويبدو ان قيادة هذه القوات أخذت هذا التكتيك في استراتيجيتها العسكرية، في معركتها مع النظام البائد.

   تضحك القوى المؤيدة للنظام عندما يذكر الانسحاب التكتيكي، وبأن الحرب مع النظام هي حرب كر وفر، ولكن حقيقة الموقف العسكري على الارض يأتي دائماً للتأكيد على أهمية الانسحاب التكتيكي عندما تكون المعركة انتحارية وبلا جدوى مثل ما حدث في يبرود.

   ان استطاعت القوى التي فتحت جبهة الساحل بالحاق الهزائم العسكرية على هذه الساحة فمعنى ذلك بداية نهاية النظام الاسدي الفاسد.