انسجاماً مع المرحلة الاستثنائية التي تمرّ بها الدولة السورية عقب انتهاء عهد الأسد (الأب والابن)، ينتظر حزبُ الجمهوريّةِ صدور قانون الأحزاب الجديد في سوريا لاستكمال إجراءات الترخيص والإعلان الرسمي عن انطلاقه. وخلال الفترة الانتقالية الراهنة، تواصل الأمانة العامة المؤقتة عملها في تنظيم الحزب وتوسيع قاعدته الشعبية بما يتوافق مع الأطر الوطنية والقانونية السائدة ولا يتعارض مع مقتضيات الواقع السوري الحالي.
وبناءً على ذلك، تُرفق عبارة «قيدُ التأسيس» باسم الحزب تأكيداً لالتزامنا بالمسار الدستوري والقانوني، وحرصاً على مواءمة نشاطنا مع طبيعة المرحلة التي تعيشها سوريا اليوم.
“بهنان يامين”
العلاقاتُ السُّوريّةُ – الرُّوسيّةُ في ضوءِ زيارةِ رئيسِ الجمهوريّةِ إلى موسكو
يُتابعُ حزبُ الجمهوريّةِ باهتمامٍ بالغٍ الزيارةَ الرسميّةَ التي قامَ بها رئيسُ الجمهوريّةِ إلى العاصمةِ الرُّوسيّةِ، ولقاءَهُ مع الرئيسِ الرُّوسيّ، في مرحلةٍ دقيقةٍ وحاسمةٍ من تاريخِ سوريَا، تتطلّبُ وضوحَ الرؤيةِ وتوازناً في العلاقاتِ الخارجيّةِ، بما يخدمُ مصالحَ الدولةِ والشعبِ، ويُؤسّسُ لمرحلةٍ جديدةٍ من الاستقرارِ والتعاونِ.
تُمثِّلُ هذه الزيارةُ محطةً سياسيّةً مهمّةً، لا تقتصرُ على تعزيزِ التواصلِ بينَ الدولتينِ، بل تهدفُ أيضاً إلى إعادةِ تموضعِ الدولةِ السُّوريّةِ على الساحةِ الدوليّةِ، بما يُعيدُ الاعتبارَ لمفهومِ السيادةِ الوطنيّةِ، ويُؤسّسُ لعلاقاتٍ متوازنةٍ تقومُ على الاحترامِ المتبادلِ والمصالحِ المشتركةِ، وتُتيحُ للسوريّينَ استعادةَ دورِهمُ الفاعلِ في إثراءِ الحضارةِ الإنسانيّةِ والمساهمةِ الإيجابيّةِ في شؤونِ العالمِ وقضاياهِ العادلةِ.
أولاً – في معنى الزيارةِ وموقعِها السياسيّ
لطالما ارتبطتْ سوريَا ورُوسيا بعلاقاتٍ تاريخيّةٍ تمتدُّ لعدّةِ عقودٍ، شملت أبعاداً سياسيّةً واقتصاديّةً وعسكريّةً، ومرّت بمحطّاتٍ مهمّةٍ أسهمت في دعمِ الدولةِ السُّوريّةِ في مجالاتٍ متعدّدةٍ. كما تميّزت هذه العلاقاتُ بروابطَ شعبيّةٍ وثقافيّةٍ متبادلةٍ بينَ السوريّينَ والرُّوسِ، أسّست قاعدةً من التفاهمِ والاحترامِ المتبادلِ بينَ الشعبينِ.
ورغمَ أنّ بعضَ مراحلِ هذا التعاونِ شهدت تداعياتٍ سلبيّةً نتيجةَ التدخّلاتِ العسكريّةِ الرُّوسيّةِ في دعمِ النظامِ السُّوريِّ البائدِ، فإنَّ التاريخَ المشتركَ والروابطَ الشعبيّةَ يُوفِّرانِ أرضيّةً مناسبةً لتعزيزِ الثقةِ وإعادةِ صياغةِ العلاقاتِ على أُسُسٍ عادلةٍ ومتوازنةٍ.
تُمثِّلُ زيارةُ رئيسِ الجمهوريّةِ اختباراً لقدرةِ الدولةِ على إدارةِ علاقاتِها الخارجيّةِ من موقعِ الاستقلالِ، مع التأكيدِ على أنّ أيَّ تفاهمٍ مستقبليٍّ يجبُ أن يُبنى على أُسُسٍ جديدةٍ تُعلي من مصالحِ الشعبِ السُّوريِّ وتفتحُ آفاقاً لتعاونٍ مستدامٍ ومتوازنٍ بينَ الدولتينِ. كما نَنظُرُ إلى هذه الزيارةِ بوصفِها فرصةً للحكومةِ الرُّوسيّةِ في تصحيحِ سياساتها، وإعادةِ صياغةِ العلاقةِ مع السوريّينَ على أساسِ احترامِ إرادتِهم.
ثانياً – في الموقفِ من الدَّورِ الرُّوسيِّ زمنَ الثورةِ السُّوريّةِ
لا يمكنُ تجاهلُ الدَّورِ الرُّوسيِّ خلالَ السنواتِ الماضيةِ من زمنِ الثورةِ السُّوريّةِ، إذْ كانَ التدخّلُ الرُّوسيُّ إلى جانبِ النظامِ السُّوريِّ البائدِ أحدَ أبرزِ الأسبابِ التي أطالتْ عُمرَ النظامِ ورفعتِ الثمنَ الذي دفعَهُ السوريّونَ من تضحياتِهم ومعاناتِهم في سبيل التحرّر من الدكتاتورية والانتقال ببلدهم إلى مرحلة جديدة تؤسّس لدولة المواطنة.
لقد أسهمتِ السياساتُ العسكريّةُ والسياسيّةُ الرُّوسيّةُ في تعميقِ الجراحِ الوطنيّةِ وإطالةِ أمدِ المعاناة، ممّا يجعلُ الحاجةَ إلى مراجعةِ هذا الدَّورِ ضرورةً سياسيّةً وأخلاقيّةً.
إننا في حزب الجمهورية، نرى أنّ أيَّ تقاربٍ مستقبليٍّ مع رُوسيا يجبُ أن يُبنى على الاعترافِ الصريحِ بالجرائمِ التي ارتُكبت، والالتزامِ الفعليِّ بدعمِ مسارِ العدالةِ الانتقاليّةِ، بعيداً عن محاولاتِ طمسِ الذاكرةِ أو تجاوزِ الألمِ الذي عانَى منه السوريّونَ.
كما نُشدِّدُ على ضرورةِ تعويضِ الأضرارِ الجسيمةِ التي لحِقت بالشعبِ السُّوريِّ جرّاءَ القصفِ وتدميرِ البُنى التحتيّةِ ودعمِ النظامِ بالأسلحةِ في مواجهةِ شعبِه، واعتبارِ ذلك جزءاً لا يتجزّأُ من العدالةِ والمسؤوليّةِ الأخلاقيّةِ الدوليّةِ. إنَّ الاعترافَ الصريحَ بهذه الجرائمِ، مقروناً بالتزامٍ فعليٍّ بجبرِ الضررِ المادّيِّ والمعنويِّ، يُعَدُّ خطوةً أساسيّةً في بناءِ الثقةِ وفتحِ صفحةٍ جديدةٍ من العلاقاتِ القائمةِ على الصدقِ والاحترامِ المتبادلِ.
ونؤكّد على ضرورةِ انخراطِ رُوسيا بشكلٍ فاعلٍ في دعمِ وحدةِ سوريَا الوطنيّةِ، والمساهمةِ في تعزيزِ المصالحةِ المجتمعيّةِ. كما أنّ تسليمَ المجرمينَ السُّوريّينَ المقيمينَ على أراضيها إلى العدالةِ السُّوريّةِ يُشكِّلُ خطوةً أساسيّةً لتمكينِ أسرِ الضحايا والمواطنينَ المتضرّرينَ، وفتحِ صفحةٍ جديدةٍ من الثقةِ والتعاونِ المستقبليّ.
لا يمكنُ لأيِّ علاقةٍ دوليّةٍ أن تستقرَّ دونَ احترامِ حقِّ السوريّينَ في المحاسبةِ والإنصافِ، والتزامِ الشركاءِ الدوليينَ بمبدأِ المسؤوليّةِ الأخلاقيّةِ تجاهَ ما ارتُكِبَ على أرضِ سوريَا.
ثالثاً – في الاتفاقيّاتِ الدوليّةِ ودَورِ مؤسّساتِ الدولةِ
لطالما ارتبطتْ سوريَا ورُوسيا بعلاقاتٍ اقتصاديّةٍ وأمنيّةٍ وعسكريّةٍ وُثِّقت باتفاقيّاتٍ متعدّدةٍ أثّرت في قطاعاتٍ حيويّةٍ من الاقتصادِ السُّوريّ. ومع ذلك، شهدت هذه العلاقاتُ في عهدِ النظامِ البائدِ اتفاقيّاتِ إذعانٍ لم تُراعِ مصلحةَ السوريّينَ، بل كانت مقايضةً مكشوفةً لاستمرارِ النظامِ في السلطةِ مقابلَ تنازلاتٍ سياسيّةٍ واقتصاديّةٍ أضرّت بالسيادةِ وبالمصلحة الوطنية.
تُمثِّلُ المرحلةُ الراهنةُ فرصةً لإعادةِ قراءةِ هذه الاتفاقيّاتِ، وإعادةِ صياغتِها بما يُحقِّقُ المصلحةَ المتوازنةَ للطرفينِ ويحافظُ على سيادةِ سوريَا ومصالحِ شعبِها الوطنيّةِ. ويجبُ أن تخضعَ جميعُ الاتفاقيّاتِ للمراجعةِ والمصادقةِ عبرَ مؤسّساتِ الدولةِ والهيئاتِ الدستوريّةِ، لضمانِ الشفافيّةِ والالتزامِ بالإطارِ القانونيِّ والدستوريّ.
رابعاً – الدُّيونُ الرُّوسيّةُ والأموالُ السُّوريّةُ المنهوبةُ
تمَّ التعاملُ بينَ الدولتينِ ضمنَ أُطُرٍ ماليّةٍ متعدّدةٍ، إلّا أنّ النظامَ البائدَ وحاشيتَهُ قاما بتحويلِ أموالٍ كبيرةٍ من سوريَا إلى رُوسيا، إضافةً إلى تراكمِ ديونٍ بينَ الطرفينِ.
نحن نرى أنّ أيَّ تسويةٍ للديونِ المستحقّةِ يجبُ أن تُقابَلَ بإعادةِ الأموالِ السُّوريّةِ المنهوبةِ إلى خزينةِ الدولةِ، كخطوةٍ أساسيّةٍ لضمانِ العدالةِ الاقتصاديّةِ وحمايةِ المواردِ الوطنيّةِ، وعدمِ السماحِ بأن تتحوّلَ التسوياتُ الماليّةُ إلى تبريرٍ للإفلاتِ من مسؤوليّةِ النظامِ البائدِ عن استنزافِ ثرواتِ الشعبِ السُّوريّ. وننتظرُ تعاوناً رُوسياً يؤدّي إلى تسويةِ هذا الملفِّ بشكلٍ شفافٍ وعادلٍ.
خامساً – في العلاقةِ مع الشعبِ الرُّوسيِّ والمجتمعِ الدوليّ
نمدُّ اليدَ إلى الشعبِ الرُّوسيِّ الصديقِ، وإلى كلِّ القوى الدوليّةِ التي تسعى بصدقٍ لدعمِ عمليّةِ السلامِ العادلِ في سوريَا، على قاعدةِ احترامِ القانونِ الدوليِّ وحقوقِ الإنسانِ.
تُؤدّي رُوسيا دَوراً مهمّاً في الساحةِ الدوليّةِ، ونتوقّعُ استمرارَ دعمِها لسوريَا في استعادةِ أراضيها المحتلّةِ، وتعزيزِ موقفِها في المحافلِ الدوليّةِ، والمساهمةِ في تعزيزِ استقرارِ سوريَا وحمايةِ سيادتِها.
إنّنا في حزبِ الجمهوريّةِ نُؤكِّدُ على التزامِنا الثابتِ بسيادةِ سوريَا ووحدةِ أرضِها، ونرى أنّ بناءَ علاقاتٍ خارجيّةٍ متوازنةٍ يستندُ إلى الاحترامِ المتبادلِ والمصالحِ الوطنيّةِ هو الطريقُ الأمثلُ لتعزيزِ الاستقرارِ والتنميةِ.
ونتطلّعُ إلى مرحلةٍ جديدةٍ من التعاونِ البنّاءِ مع رُوسيا والشركاءِ الدوليينَ، تقومُ على العدالةِ، والمساءلةِ، والمصلحةِ العُليا للشعبِ السُّوريّ، بما يفتحُ آفاقاً مُشرقةً لمستقبلِ سوريَا في محيطِها الإقليميِّ والعالميّ.
حزبُ الجمهوريّةِ (قَيْدُ التأسيسِ) – الأمانة العامة المؤقتة