بيــــــــان
سوريا الأقليّات أم الديموقراطية !
تلقّى “المنبر الديموقراطي السوري” رسالة من جهة رسمية إيطالية تدعوه إلى لقاء بشأن الأقليّات والدستور سيعقد في روما يوم 20 من الشهر الجاري، يحضره عدد كبير من أبناء الأقليّات السوريّة، يبرز بينهم بصورة خاصّة عدد السوريين الأكراد، مع حضور الصديق مسعود البرزاني، رئيس إقليم كردستان العراق.
لا يمكن للمنبر قبول مثل هذه الدعوات في الفترة الراهنة، حين يحتدم هجوم النظام السوري في كلّ مكانٍ من أرض وطننا ضد الشعب، ويمارس قادته سياسة يأملون أن تخرجهم من مأزقهم الراهن منتصرين رغم كلّ القتل والتدمير، فلا بدّ إذاً من إحباطها بجهود جميع بنات وأبناء شعبنا السوري، التي يجب علينا توحيدها إلى حدٍّ يمكّن مواطنينا على العكس من تحقيق انتصارهم على النظام الإجرامي لا شبهة ولا شك فيه. بالتالي يناشد المنبر الحكومة الإيطاليّة إلغاء مشروع ندوتها والأخوة السوريين بكافّة أطيافهم المدعوين الامتناع عن تلبية الدعوة، انطلاقاً من الملاحظات التالية:
• الأساس في توافق السوريين هو مشروع العهد الوطني وآليات تفعيله؛ وليس الوقت مناسباً اليوم لبحث أيّ موضوعٍ غير موضوع حسم المعركة من أجل الحرية والكرامة والديموقراطية ودولة المساواة في المواطنة، من خلال توحيد قوى وسياسات سائر تيّارات المعارضة ومنظّماتها، ودعم نضال الشعب في معركة الحياة والموت الراهنة، التي يجب إيلاؤها أولويّة مطلقة والاهتمام بها دون أيّ حيادٍ عنها.
• يرى المنبر إنّ الديموقراطية لا تتعايش على أساس توازن بين أقليّات وأغلبيّات ولا تقوم عليها وفي ظلّها، فإمّا سيادة الديموقراطية والمساواة في المواطنة أو توافق زائف بين الأقلّيات. وبما أن جميع مكوّنات شعبنا الوطنية تخوض معركة الديموقراطية والمساواة في المواطنة، فإن إثارة مشكلة الأقليّات كمشكلة مركزيّة مرّة تلو الأخرى لا تتعارض فقط مع طبيعة وهدف نضاله، وإنّما تصرفه كذلك عن مهمّته الرئيسة في إسقاط النظام القائم، ويرجح أن تزرع الشقاق بين أبنائه وتضعف موقفه وتقوض فرص انتصاره.
• ستنال الأقليّات حقوقها المشروعة بانتصار الديموقراطية، التي يجب أن تكون لها أولويّة مطلقة، وإلا فإنّنا لن ننتصر في الصراع ضد نظامٍ صمّم على قهرنا وردّنا إلى بيت الطاعة بكلّ ما لديه من قوّة منظّمة ووحشيّة؛ وبما بأنّه لن يحقّق إذا ما انتصر أيّ مطلبٍ من مطالب الشعب، لا “كأقليّات” ولا “كأغلبيّات”، فلا مفرّ من مواجهته متّحدين، ومقاتلته كديموقراطيين، ولا مهرب من الامتناع عن خوض صراع تقيّده اعتبارات تنبع من انتماءات أقلويّة، فنخسر ونهزم ونخضع لشتّى ضروب الانتقام، أينما كنّا ومهما كانت أسماؤنا. ولكي ينتصر السوريون، عليهم رؤية مشكلة الأقليّات بعين الديموقراطية، بدل رؤية الديموقراطية بعين أقليّات تعلو بمشكلتها على أيّ نضالٍ وطني موحّد وجامع وديموقراطي، وتمثّل بصفتها هذه مساعدة حقيقية للنظام في حربه ضدنا.
• إن دعوة الحكومة الإيطاليّة إلى بحث مشكلة الأقليّات السورية قبل انتصار الديموقراطية، وبعيداً عمّا أسست له توافقات القوى الوطنيّة السوريّة، وحضور السيد مسعود البرزاني إلى اللقاء، يضفي طابعاً إقليمياً ودولياً على قضيّة سورية داخليّة ويعقّد تعقيداً خطيراً وضع الشعب السوري، ويخلق ظروفاً تزيد من سفك دمائنا، بينما المطلوب هو ردّ القضية إلى أيدي السوريين وحلّها بمعزل عن الصراعات والتجاذبات الدوليّة والإقليمية التي يراهن عليها النظام، وعصفت بوطننا خلال العام ونصف العام المنصرمين، ولعبت دوراً خطيراً في تفاقم مشكلتنا وتشجيع السلطة على انتهاج سياسات إباديّة ضدنا.
• لن يرضى المنبر الديموقراطي أن يُلحق العالم حريّة ووحدة شعبنا بما يسمّيه حماية الأقليّات، التي يعتبرها مسألة رئيسة يجب أن تعاد هيكلة بلادنا انطلاقاً منها. ولن نقبل أن يكون في سوريا ديموقراطيّة أقليّات وطوائف، ولن نقيم نظاماً للأقليّات، وسنتمسك دوماً بالنظام الديموقراطي وحده، ما دامت المواطنة تساوي بين السوريين وتضمن حقوقهم وتقدم فرصاً حقيقيّة لحلّ مشكلاتهم، وعلى رأسها مشكلة الأقليّات، التي ستختلف شروط حلّها في النظام الديموقراطي القادم عنها في وضعنا الراهن.
لا تحتمل المسألة السورية المزيد من التلاعب الدولي والإقليمي. ولن تحلّ بتدخّلات متسرّعة من شأنها تأليب السوريين بعضهم ضد بعضهم الآخر. دعونا أيّها الإخوة، نضع أيدينا في أيدي بعضنا كسوريين أحراراً وأنداداً وديموقراطيين، وسنجد حلولاً مرضية لمشكلاتنا، ستكون حاضنة سوريا جديدة، هي ملكنا جميعاً.
نهيب بكلّ الأصدقاء، وعلى رأسهم الرئيس مسعود البرزاني وكذلك الحكومة الإيطاليّة أن يتفهّما هموم شعبنا في نضاله المضنى بمواجهة الاستبداد، من أجل إقامة دولته الديموقراطيّة، دول المساواة في المواطنة والحريّات.
الخلود لشهدائنا والمجد للوطن والحريّة للشعب.
المنبر الديموقراطي السوري
باريس 14 أيلول 2012