يزرع الموت و يطلب الصوت
غنيٌ عن القول أن “الانتخابات” التي يزمع النظام السوري القيام بها تفتقد لكل شرعية، لا سيما وأنها لا تنسجم مع المعايير القانونية الدولية المتوافق عليها، حتى لو حاكمناها وفقاً لجملة القوانين العبثية التي أصدرها في الأعوام الثلاثة الأخيرة. لكن من المهم التأكيد أنه يسعى من خلال “انتخاباته” إلى إرسال عدة رسائل وتحقيق عدد من الأهداف: الإيحاء لمواليه وحلفائه بانتصاره على معارضيه وبأنه ما يزال ممسكاً بزمام الأمور، توجيه رسالة إلى المجتمع الدولي أن الحل السياسي الوحيد الذي يقبل به هو الحل الذي يبقيه في الحكم فحسب، الامعان في نهجه باحتقار وإهانة وقهر شعبه بعد أن مارس هذا السلوك على مدار ثلاث سنوات من القتل والاعتقال والتعذيب والتشريد، إعادة جزء من المجتمع السوري الذي غادر ساحة الخوف إلى ممارسة العادات التي زرعتها أجهزته الأمنية كالنفاق والكذب والتبجيل المفضوح فهي البيئة الخصبة لاستمرار فساده واستبداده، و أخيراً الكشف عن معارضيه الموجودين في المناطق الخاضعة لسيطرته.
ما كان من الممكن لهذه “الانتخابات” أن تتم لولا معرفة النظام السوري بطبيعة المجتمع الدولي القائم ومعادلات القوة والمصالح المسيطرة التي لا تكترث لتطلعات الشعوب وآمالها. فالنظام السوري تبعاً لذلك لا يعير أي انتباه للقانون الدولي، ولا للقوى الدولية، ولولا علمه أنها بحاجة لاستمراره في الحكم إلى فترة أخرى لما تجرأ على الذهاب في هذه التمثيلية الانتخابية، ولا سيّما أنها تشكل خروجاً على القرار 2118 الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 27 أيلول 2013 والقاضي ببدء عملية انتقال سياسي في سورية.
يؤمن النظام السوري بشرعية القوة ولا سواها في الداخل السوري، ويعلم أن أغلب “منتخبيه” هم أولئك المواطنون الذين سلبهم إرادتهم، عبر سياسة القسوة والانتقام التي مارسها عليهم عقوداً، فما هذه الانتخابات إلا سعيٌ من النظام لإثبات سيطرته وتعاليه، في عملية تحمل زوراً اسم وشكل الديمقراطية، وفي هذا السياق تشارك “قوى سياسية” فاسدة وهزيلة في تكريس هذه السيطرة وذلك التعالي، كما يساهم “مرشحون” آخرون في هذا النفاق والتدليس، فضلاً عن هياكل “مؤسساتية” تم إحتلالها من قبل النظام، كمجلس “الشعب” والمحكمة الدستورية العليا والأجهزة الأمنية.
إن النظام السوري، الذي لم تتغير ممارساته ولن تتغير، يجبر موظفي القطاع الحكومي في الداخل على توقيع العرائض الانتخابية، وكذلك البلديات والمدارس والمؤسسات العامة على المشاركة في “مسرحيته الانتخابية”، كما تعمل سفاراته في الخارج على مقايضة حاجة السوريين إلى تجديد وثائق سفرهم بمشاركتهم في التجديد لرأس النظام. بالمقابل، نعلم جميعاً أن بعض السوريين يشاركون مرغمين في “الانتخاب” ومع ذلك نرى أن من واجب السوريين جميعاً أن تكون دماء أهلهم ومعاناتهم حاضرة دوماً في أذهانهم، ومن هنا، فإننا نتوجه بالتقدير والإمتنان لكل من رفض هذه “الانتخابات” علناً وصراحة، ولكل من رفضها في قلبه. كما أننا نتوجه بالشكر والتقدير للحملات الشبابية التي سعت بحسب القدرات البسيطة المتوافرة لها نحو تثبيت رفضها للنظام القائم و”انتخاباته” وتوكيد الطابع الحضاري للسوريين، وندعو جميع السوريين إلى مقاطعتها ورفض النظام القائم رفضاً قطعياً لما حمله من خراب وقتل، من إعتقال وتهجير، ومن سعي دائم و مستمر لإذلال الشعب السوري الأصيل.
إن حزب الجمهورية يرى في إصرار النظام على إجراء هذه “الانتخابات” على جزء من الوطن السوري تهديداً للوحدة الوطنية، ولوحدة الدولة السورية، فلا مصلحة للسوريين في نظام عرفه العالم أجمع على حقيقته، ولا مصلحة لهم في نظام جر البلاد إلى ما وصلت إليه، ولا مصلحة لهم في نظام يفتقد إلى شرعية شعبية داخلية فضلاً عن الشرعية في المجتمع الدولي، ويخطئ من يعتقد أن هذا النظام يمكن أن يستمر، إنه يستطيع أن يقتل لكنه لا يستطيع أن يحكم، وعاجلاً أم آجلاً ستنتصر إرادة الشعب ودروس التاريخ شاهدة على ذلك.
المجد للشعب السوري حراً، مستقلاً، أبياً
اللجنة التنفيذيـة لحـزب الجمهورية – الأول من حزيران 2014