يعتبر حزب حزب الشعب الديمقراطي السوري من الاحزاب الهامة في المعارضة السورية، وهو معروف سابقاً باسم الحزب الشيوعي (المكتب السياسي) ومن أشهر شخصياته، المعارض السوري، المعروف بمانديلا سوريا رياض الترك، الذي كان له دوراً أساسياً في تشكيل إئتلاف إعلان دمشق للتغير الديمقراطي في سوريا المعارض، وهو احد الأعضاء المؤسسين له. ويضم الحزب في صفوفه عدد من الناشطين من ابناء شعبنا الكلداني الآشوري السرياني ومن بينهم فهمي يوسف (أبو زياد) وهو من الناشطين في الحزب.
“عنكاوا كوم” التقت يوسف، محاورة اياه في عدد من المواضيع الهامة والمطروقة على الساحة السورية، ومنها مراحل تطور حزب الشعب، وقراءة الحزب للواقع السوري ماقبل 15 آذار وما بعدها وفاعلية المعارضة السورية اليوم ، ونظرتهم لمطالب شعبنا في سوريا . فكان لنا معه هذا اللقاء المستفيض:
هل لكم أن تزودونا بلمحة عن حزب الشعب الديمقراطي السوري, وعن بعض أهم مبادئه؟
تعود التسمية الحالية لـ ” حزب الشعب الديمقراطي السوري ” إلى المؤتمر السادس الذي انعقد في نيسان من عام 2005 وهو امتداد لأحد أجنحة الحزب الشيوعي السوري والذي عرف بعد الانقسام الكبير الذي حصل في نيسان عام 1972 بالحزب الشيوعي السوري ((المكتب السياسي)) والذي عقد مؤتمره الرابع المستقل في نهاية عام 1973 بمعزل عن الجناح الآخر (بكداش)، وأصبح رياض الترك الأمين الأول للجنة المركزية.
وبعد هذا المؤتمر كرس الحزب استقلاليته عن الاتحاد السوفيتي، ونقده للنظام السياسي القائم في سورية، وكان ذروة هذا النقد إدانته لتدخل الجيش السوري في لبنان عام 1976وتوجيه النقد للسياسات الاقتصادية وإلى غياب المشاركة السياسية في إدارة الحكم التي اتسمت بانفراد حزب البعث بقيادة الدولة والمجتمع وفق المادة /8/ من دستور عام 1973 ضمن صلاحيات واسعة للرئيس هيمنت على السلطات الثلاث وأفقدتها استقلاليتها وحصرت النشاط السياسي بأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية.
وفي المؤتمر الخامس للحزب الذي انعقد في أواخر عام 1978 تم تكريسه حزباً معارضاً مطالباً بالتغيير الوطني الديمقراطي منبهاً إلى أهمية الديمقراطية في إدارة الدولة والمجتمع، وقد شكل هذا المؤتمر الأساس الفكري والسياسي والتنظيمي لقيام التجمع الوطني الديمقراطي عام 1979 الذي تأسس من خمسة أحزاب هي بالإضافة إلى حزبنا: حزب العمال الثوريالعربي، وحركة الاشتراكيين العرب، وحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، وحزب البعث الديمقراطي.
وفي الأزمة السياسية التي نشبت في سورية أواخر السبعينيات وبداية الثمانينات والتي طغت الحلول الأمنية على سبل علاجها حيث استجلب الحل الأمني والعسكري الذي قامت به السلطة ردود فعل عنيفة من قبل جماعات إسلامية مسلحة طغت على الحلول السياسية الديمقراطية التي طرحتها معظم النقابات المهنية في سورية ( أطباء، محامون، مهندسون، وصيادلة ومعلمون ….. ) وأبرز المثقفين السوريين بالإضافة إلى التجمع الوطني الديمقراطي الذي عبر عن موقفه ببيانه الشهير الذي صدر في آذار من عام 1980، حيث أدان العنف والعنف المضاد، وطرح حلاً ثالثاً وهو الحل الديمقراطي، مما أدى بالسلطات الأمنية لشن حملة اعتقالات واسعة شملت أحزاب التجمع وقوى سياسية أخرى معارضة والناشطين من النقابات المهنية والمثقفين وكانت ذروة هذه الحملات تلك التي طالت حزبنا في خريف العام نفسه والتي شملت كادره الأساسي ومن بينهم أبرز قياداته: رياض الترك وعمر قشاش وأحمد فائز الفواز ومنذر شمعة وغيرهم من الأسماء المعروفة على نطاق البلاد إضافةً إلى تعرض العشرات للملاحقة والاختباء القسري واختيار أعداد كبيرة منهم المنفى الإجباري هرباً من طغيان السلطة.
وقد أمضى المئات من أعضاء الحزب زهرة شبابهم في المعتقلات دون محاكمات وصدرت أحكام جائرة بحق من قدم لمحكمة أمن الدولة السيئة الصيت.
ومع وفاة حافظ الأسد وتوريث الرئاسة إلى ولده بشار، وضمن مناخات المرحلة الانتقالية دبت الروح في النخب السياسية والثقافية في المجتمع وانتشرت المنتديات الثقافية والسياسية ودخل الحزب مع الأحزاب الأخرى معترك إثبات الذات، ومحاولة إعادة السياسة إلى المجتمع فكان أن عقد الحزب مؤتمره السادس في نيسان من عام 2005 مجدداً في خطه السياسي والفكري والتنظيمي، داعياً إلى مصالحة تاريخية بين التيارات الأساسية لشعبنا تقطع مع الاستبداد على أرضية التطلع إلى المستقبل، ونقد رؤى الماضي وتجاربه الأليمة وشكل ذلك المدخل الأساسي لقيام إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي في خريف عام /2006/ والذي ضم الطيف السياسي ومكونات الشعب السوري من خلال الأحزاب والشخصيات المستقلة.
أما عن أهم مبادئ الحزب فقد تم التعبير عنها في مقدمة نظامه الداخلي ويمكن إيجازها:
إن الحزب يقوم على الاختيار الحر لمواطنين سوريين ويعمل من أجل مجتمع تتجسد فيه مثل الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وهو حزب ديمقراطي بأسس تنظيمه ووسائل نضاله، ينبذ العنف من الحياة السياسية ويعمل من أجل حل المشكلات الاجتماعية عبر كل أشكال الصراعات السلمية والديمقراطية التي ينبغي أن تكون شرعيتها مكفولة بقوة القانون، كما يعمل من أجل سورية لكل أبنائها، ويلتزم بحقوق الإنسان ويدافع عنها بلا هوادة كما عبر عنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهو يناضل من أجل تكريس مفهوم المواطنة ومن أجل المساواة بين المواطنين وعدم التمييز بينهم على أساس الجنس أو الدين أو العرق أو الانتماء القومي أو المنبت الاجتماعي، ويرى في الاستبداد والتسلط والشمولية والفئوية والعنصرية والاستغلال عوائق كبرى في وجه التقدم، وهو يعمل من أجل مجتمع حر متقدم يستلهم فيه أفضل ما اختزنه الفكر الإنساني وتراثه العربي والإسلامي، يربط علمانيته بديمقراطيته ويرى فيها سبيلاً لتحرير الدين من هيمنة السلطة والدولة من هيمنة رجال الدين، وهو ينحاز إلى عالم المعرفة والعمل وقيمه وإلى العاملين بسواعدهم وأدمغتهم ويؤمن بأن الدفاع عن مصالح الفئات الاجتماعية الأكثر تعرضاً للتهميش والاضطهاد والاستغلال هو الطريق لتحقيق المساواة والعدالة وهو يؤمن بالاشتراكية من خلال الديمقراطية وبشرطها الدائم مع التزامك الحرية أولاً: وهو حزب وطني يعمل على السيادة والاستقلال والكرامة والدفاع عن الأرض والحدود والنضال من أجل استرداد الأراضي السورية المحتلة.
والحزب يؤمن بوحدة عربية تقدمية عبر إنجاز المهام الديمقراطية في الدول العربية وإنجاز القاعدة المادية الاقتصادية ومستويات التنمية الاجتماعية المتقاربة على المستوى العربي، وهو يؤمن أيضاً بالنضال والعمل المشترك ضمن الإطار الإنساني ويرى في العولمة جانبها المتوحش مثلما يرى فيها أيضاً جانبها الإنساني.
كيف تقرؤون واقع المجتمع السوري قبل /15/ آذار، أي قبل اندلاع الاحتجاجات السلمية المطالبة بالحرية؟
أثار مسلسل الثورات العربية التي استهلها الشعب التونسي السوريين وانتقل حديث الثورة إلى بيوتهم وحرّك آمال التغيير لديهم، التي حاول النظام على مدى سنوات حكمه المديدة أن يكبتها بالقمع والإفساد والإفقار، ومع سقوط نظام زين العابدين في تونس، وقيام الثورة في مصر، أصبحت أسئلة الثورة والتغيير أكثر إلحاحاً وسط المخاوف من التغيير ومعوقاته المتعلقة بآلة القمع ودور المؤسسة العسكرية والاحتقان الطائفي، وعزوف الشارع عن العمل السياسي، وشهدت مواقع الإنترنت حوارات واسعة ودعوات للتظاهر خاصةً بعد الحادثة التي وقعت في سوق الحريقة بدمشق وردود فعل الأهالي على الإهانة التي وجهها شرطي إلى أحد المواطنين، وقدوم وزير الداخلية إلى مكان الحادث ومحاولته امتصاص نقمة المحتجين عبر تقديمه اعتذاراً علنياً، ولأول مرة يشعر السوريون بأهميتهم عبر العبارة التي أصبحت على كل لسان:
“الشعب السوري ما بينذل” وأصبح بعدها حديث الثورة أكثر إلحاحاً وواقعية وأحس السوريون بأن الخوف بدأ ينتقل إلى النظام.
ووجه إعلان دمشق بدوره بيانه الشهير في /25/ شباط إلى الرأي العام من أجل التغيير الوطني الديمقراطي معتبراً بأن سورية لن تكون بمنأى عن الثورة وحاجات المجتمع السوري لا تقل عن حاجات المجتمعات العربية الأخرى، وطالب بحوار وطني يسبقه تنفيذ إصلاحات لا يمكن تأجيلها من أجل التهيئة لإصلاحات جذرية تطال الدستور والمادة /8/ منه.
وكانت التجمعات التضامنية في دمشق مع ثورتي تونس ومصر اختباراً لردود فعل النظام، حيث تم تفريقها بالقوة موجهاً رسالة مفادها أن الشعب السوري مسكون بالصمت، وفي /22/ شباط شهدت ساحة سعد الله الجابري بحلب والمداخل المؤدية إليها انتشاراً لأكثر من /2000/ عنصر من قوى الشرطة والأمن لمنع وصول نخبة من السياسيين إلى حديقة جمال عبد الناصر لإحياء ذكرى قيام الوحدة بين مصر وسورية، وكانت رسالة مشابهة لتلك بأن أي اجتماع مستقل للسوريين وتحت أي ذريعة هو خط أحمر.
أما النظام فقد تعامل بحذر مع هذه الثورات واعتبرها موضة ليس مضطراً إلى تقليدها وجلّ ما يمكن أن ينجزه خلال سنة /2011/ هو تعديل قانون الإدارة المحلية وقانون تنظيم الجمعيات الأهلية، كما اعتبر الشعب السوري ملتف حول قيادته المتمسكة بالعقيدة مقدراً مقاومتها للضغوط الدولية والإقليمية التي تمارس عليها، وكان منطقه هذا خلف كل أشكال تعامله مع الحراك بدءاً من النظر إليه كمؤامرة خارجية وانتهاءً بلجوئه إلى الحلول الأمنية والعسكرية لوأد الحراك في مهده.
كيف تنظرون اليوم كحزب سياسي معارض لما يحدث في سوريا من حراك شعبي؟
إن الحراك الشعبي الواسع الذي تشهده سورية يرتقي إلى مستوى الثورات الشعبية، ويشكل الشباب القوام الأساسي لهذا الحراك، واتسع تدريجياً ليشمل كل المحافظات ومجمل مناطقها ونواحيها، وهو تعبير عن عقم وعود الإصلاح التي أطلقها النظام، وتشكل امتداداً لنضال السوريين على مدى الأربعين سنة الماضية ورد على الاستبداد الذي أفقر كل مناحي الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية والروحية والاقتصادية.
فكانت الثورة تعبيراً عن الحرية والعيش الكريم ورداً على الفساد والانحطاط الأخلاقي وإعادة الاعتبار للمواطنة التي تؤسس لوطن يتساوى فيه الجميع أمام القانون بحقوقهم وواجباتهم، وأساس قوة الثورة سلميتها واعتمادها التظاهر السلمي في مواجهة الماكينة الأمنية والعسكرية للنظام وشبيحته، بصدور شبابها العارية وعدم انجرارها لمحاولات النظام لاستخدام العنف المضاد، ووطنيتها في مواجهة محاولات النظام اللعب على التنوع الديني والطائفي والقومي والمذهبي والمناطقي، ودليلنا على ذلك الشعارات الوطنية التي يرفعها المتظاهرون إضافةً إلى دلالات اختيار أسماء الجمع (( الجمعة العظيمة – آزادي – صالح العلي –
أحفاد خالد ….. )) مما أدى إلى نيلها تأييداً واسعاً من قبل القوى السياسية المعارضة بكل تياراتها في الداخل والخارج، فشكلت إطاراً سياسياً ومعنوياً وأخلاقياً للدفاع عنها وعدم الوصاية عليها وحمايتها في مواجهة الجهاز الإعلامي الكاذب للنظام.
وننهي الإجابة على هذا السؤال بالإشارة إلى أن الثورة وتناميها هي التي تفرض شكل تعامل المجتمع الدولي مع هذا الحراك ومع النظام السوري، وهذا ينفي مقولة النظام بأن الثورة تنفذ أجندات خارجية معادية لسورية.
ما هي السبل برأيكم للخروج من هذه الأزمة التي تمر بها سوريا؟
الأزمة التي تمر بها سورية هي أزمة نظامها السياسي مع شعبه، تتمثل في مصادرة الحريات العامة والسياسية وخطف الدولة ومؤسساتها لصالح السلطة والقضاء على الفضاء المستقل المتمثل بهيئات المجتمع المدني وعلى أية معارضة سياسية، والسلطة في سعيها لحل أزمتها عادت إلى سياستها القديمة ولكن وسط ظروف عالمية مختلفة، فكان الحل الأمني والعسكري والميليشياوي المتمثل بالشبيحة التي ترعاهم وتنسق أساليب عنفهم ضد المتظاهرين.
والحديث عن الخروج من الأزمة لا يأتِ إلا باستمرار الضغط على السلطة التي تضيق قاعدتها وذلك عبر التظاهر السلمي والميداني الذي يتسع ليشمل كل المدن والأرياف ومختلف فئات الشعب السوري وعماده الأساسي الحركة الشبابية المتمثلة بالتنسيقيات والمدعومة من المعارضة في الداخل والخارج وهي التي تستدعي وتوحد كل أشكال الضغط الدولي والإقليمي والعربي على السلطة، وتفتح آفاق التغيير الوطني الديمقراطي بعيداً عن أي تدخل عسكري خارجي، مما يدفع بالسلطة للاعتراف بالأزمة الداخلية التي أجّجت هذه الثورة، ووجب بالضرورة وقف كل أشكال القمع بما فيها سحب أجهزة الأمن والجيش والشبيحة ووقف الاعتقالات وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وحرية العمل السياسي ووقف الحملات الإعلامية المضللة والسماح بالتظاهر السلمي، ويمكن أن يشكل ذلك مدخلاً لحوار وطني شامل يستثنى من المشاركة فيه من تلوثت أيديهم بدماء السوريين وبالمال الحرام، يبحث هذا الحوار في آليات انتقال السلطة نحو دولة مدنية ديمقراطية دستورية تؤسس لسورية جديدة، دولة المواطنة التي يتساوى أمامها كل مواطنيها أفراداً وجماعات.
كيف تقيمون أداء المعارضة السورية متمثلةً بإعلان دمشق؟
إعلان دمشق الذي تأسس في خريف عام /2005/ ليس الإطار الوحيد للمعارضة السورية، وإن كان أحد أهم هذه الأطر الذي تبلور خلال العمل الميداني والمشترك متمثلاً في توافق مؤسسيه والمنضمين إليه بعد ذلك، على مقولة مهمة عنوانها الرئيس القطع مع الاستبداد والانتقال بسورية إلى الدولة الديمقراطية، وبعد إطلاق وثيقة الإعلان لم تعد ملكاً لمن أطلقها بل أصبحت ملكاً لكل السوريين.
وكانت الثورة السورية أكثر من جسّد هذه الفكرة من خلال الشعار الأساسي الذي أصبح مطلباً لكل السوريين ((الحرية )) والذي تمثّل روح الإعلان، ووجد حامله الاجتماعي داخل شباب الثورة لذلك لم يتردد إعلان دمشق وقواه من الوقوف خلف الثورة، وتقديم كل أشكال الدعم السياسي والإعلامي والمادي والأخلاقي والقانوني لها وشكل إطاراً يحمي مشهدها الرائع في مواجهة بعض الداعين إلى رفع الغطاء السياسي عنها، ولا نجافي الحقيقة إذا قلنا أن الثورة أعادت الحيوية إلى إعلان دمشق وجعلته أكثر التصاقاً بها وغيرة عليها، فرأى في أي نشاط أو اجتماع لمعارضين في الداخل أو الخارج انتقاصاً من قيمة الثورة إذا وضع نفسه في صدارتها أو وصياً عليها أو سوّق أي أشكال من الحوار لا يُأخذ ممثلي الثورة من التنسيقيات كلاعب أساسي فيه، وقد دفعت قوى إعلان دمشق أعداداً كبيرة من ناشطيها إلى المعتقلات ثمناً لهذه المواقف، وهي محاولة من السلطة إلى عزل قوى الإعلان عن الثورة وتخليهم عنها.
إن تنامي الثورة واتساعها يضع قوى إعلان دمشق أمام مسؤوليات تاريخية تتطلب تحسين أدائه وتفعيل هيئاته القيادية وفروعه في كافة المحافظات كما في دول المهجر.
وبالمجمل على المعارضة السورية بمختلف مستوياتها أن تقدم كل أشكال الدعم للثورة وتقلل من النقاشات التي كانت تسود بينها حول قضايا خلاف لم تستطع حسمها في السابق وأن ترتقي إلى مستوى هذه الثورة والعمل على وصولها إلى غاياتها نحو سورية مدنية ديمقراطية تقول للاستبداد وداعاً وإلى الأبد.
يحكى أن هناك هوة كبيرة بين معارضة الداخل والخارج، ما صحة ذلك، وهل هناك تنسيق بين الداخل والخارج؟
لقد فاجأت حركة الشارع كل المعارضات السورية وطرحت عليها الأسئلة الكبرى ووضعتها أمام مهام أكبر، لذلك لا يصح الحديث عن هوة بين معارضة في الداخل وأخرى في الخارج، لأن قرار المعارضة الأساسية هو في الداخل، والسوريون المعارضون في الخارج يشكلون استطالات للمعارضة في الداخل ويدعمونها باستثناء بعض قوى المعارضة كجماعة الإخوان المسلمين الذين قضى القانون /49/ عام /1980/ الحكم بالإعدام على منتسبي الجماعة، الأمر الذي أدى إلى نقل مركز قرارهم إلى الخارج.
على مدى عشرات السنين الماضية اختار الملايين من السوريين مختلف أصقاع العالم كملاذات آمنة لهم هرباً من القمع ومن صعوبة الحياة والحصول على لقمة العيش ومواجهة البطالة وخاصةً في صفوف خريجي المعاهد والجامعات.
وفي ظل الثورة المعلوماتية ووسائل الاتصال الحديثة لم يعد الحديث وارداً عن داخل وخارج، فمن الطبيعي أن يكون التنسيق هو الأساس، لذلك لا نستغرب إذا شاهدنا التقارب في الرؤى التي طرحتها المؤتمرات التي انعقدت في الخارج مع رؤى الداخل، وهي امتدادات طبيعية لبعضها البعض، وقد ساهمت في التقارب بين كل المعارضات وتعرفت على بعضها البعض وتضاءلت خلافاتها النابعة من أسئلة الواقع المتجدد.
وما الإعلان عن تأسيس المجلس الوطني السوري بتاريخ 2/10/2011 بعد سلسلة من المؤتمرات واللقاءات التي انعقدت في أكثر من مكان والتأييد الواسع الذي لقيه من السوريين في الداخل والخارج إلا تعبيراً عن ذلك، وبذلك نستطيع القول بأن المجلس الوطني قد بات العنوان الرئيس للثورة السورية وهيئة أركانها الأساسية.
كحزب يساري هل هناك مخاوف من تسلق إسلاميين، وهل حدث تسلق للحراك؟
بعد أكثر من ستة أشهر على قيام الثورة واتساعها، أصبحت صورتها واضحة فمن جهة النظام الأمني والدائرة الضيقة التي استفادت منه وفي الجهة الأخرى الدائرة الواسعة من كافة الفئات والجماعات والقوى السياسية ….. الخ والتي تتسع دائرة المتعاطفين معها من دول وشعوب العالم ومنظمات حقوق الإنسان، ومع كل ذلك بدأ يتوضح خطاب المعارضة التي عقدت عدداً من المؤتمرات واقترابه من خطاب اتحاد تنسيقيات الثورة، وبدأت تتوضح ملامح عقد اجتماعي جديد لسوريا المقبلة، يقطع الطريق على أية مجموعة حزبية أو دينية أو سواها من تسلق الثورة وخطفها باتجاه معين.
فالثورة التي يشارك فيها معظم السوريين والتي قامت أساساً لحاجة المجتمع والدولة في سورية إلى إجراء تغييرات جذرية لم تكن بفعل مؤامرة خارجية، بها لحرفها عن غاياتها الأساسية من الداخل أو الخارج.
كيف تقيمون الإجراءات الإصلاحية التي يقدمها الرئيس؟
إن قراءة متأنية لخطابات ممثلي النظام بما فيها أربعة إطلالات لرئيسه تجعلنا نستنتج أنهم يضعون رأسهم في الرمل مثل النعامة، ويأتي كلامهم كالذي لا يرى ولا يسمع متجاهلين المأزق الذي أدخلوا به البلاد ومخاطر الخروج من هذا المأزق.
فمشاريع الإصلاحات التي نامت منذ المؤتمر القطري عام 2005 بحجة أن الضغوط الإقليمية والدولية لم تسمح بتحقيقها، تم إصدارها والبلاد تشهد التظاهرات بفعل “المؤامرة الخارجية” حسب زعم النظام وكأن الاستجابة للإصلاحات تمت بفعل هذه “المؤامرة”، والحوار المتكافئ الذي كان مطلوباً قبل الثورة أصبح فرضاً على المعارضة من قبل النظام تحت قعقعة السلاح ورائحة الموت وكأن النظام يريد شرف قيادة الموالاة والمعارضة.
كيف تنظرون لمطالب شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في الحرية والوجود من خلال الاعتراف الدستوري به؟
ننظر إلى الشعب الكلداني السرياني الآشوري كجزء من مكونات الشعب السوري، والدولة الديمقراطية المدنية التي يساهم هذا المكون في تشكلها الآن، عبر تعبيراته المتعددة والمنظمة الآثورية الديمقراطية والتي هي من أهم هذه التعبيرات، ستضمن حقوقاً وواجبات متساوية لكل السوريين بمختلف انتماءاتهم القومية والدينية وسواها، من خلال الدستور المنشود لهذه الدولة عبر التعاقد الحر بين جميع مواطنيها الأحرار
في الختام نتقدم بالشكر لموقع (( ankawa الذي أتاح لنا فرصة هذا اللقاء ونتمنى للموقع دوام التوفيق, وكل الشكر للقيمين عليه لاهتمامهم بشؤون السوريين آملين أن يشكل منبراً هاماً لتعريف شعوب العالم بالشعب الكلداني السرياني الآشوري الذي يقيم جزء منه في سورية، وهي الأرض التاريخية لهذا الشعب الذي عانى من التشرد والهجرة والاضطهاد بفعل السياسات الاستعمارية وأنظمة الاستبداد في المنطقة