مجزرة عقرب.. تعدد الروايات و القاتل واحد و الهدف واحد بقلم د. خولة حسن الحديد ..

لم تولي الانظمة العربية قضية التوثيق أهمية وذلك لسبب واحد لأن أي توثيق سيدين هذه الانظمة لانها كلها ديكتاتورية،. بذل بعض المؤرخين جهدا كبيرا وكان العديد منهم يؤرخ استنادا الى وثائق ومراجع غربية. في تاريخ سورية كان الجميع يستند على قول هذا او ذاك من السياسيين، وخاصة اذا كان قد لعب دورا في سياسة البلد وغالبا لا تغلب الموضوعية على كلامهم.

عندما ارتكتب نظام الاسد الأب جرائمه في كل من حلب وحماة من عام 1978 الى 1982 لم يتشجع احد ان يؤرخ لهذه المجازر إما خوفا وإما نقص في المعلومات، اليوم ايضا هناك نقص في هذا المضمار، هناك مقالات عن ما يحدث او فقرات خبرية صغيرة على المواقع الالكترونية او المواقع الاجتماعية.

 الدكتورة خولة حسن الحديد اولت هذا الموضوع أهمية وقد وثقت ما تعارف على تسميته بمجزرة سهل الحولة، وقد قمنا بنشرها في باب وثائق من موقع الحضارة، وها نحن اليوم ننشر وثيقتها عن مجزرة عقرب.

يرتدي توثيق د. خولة حسن الحديد أهمية كونها تذكر كل القرى والمدن المحيطة بمكان المجزرة وتكوينها الديموغرافي، فهي بذكرهم تعلمنا جغرافيا المناطق التي مع الأسف لا نعرفها، فحتى رأس النظام لا يعرف مناطق سورية ومثال ذلك رأس النظام السوري الذي صنف مدينة مثل رأس العين بأنها قرية.

نحن في موقع الحضارة على استعداد لنشر اي توثيق او تأريخ سواء لاحداث سورية او للاحزابها السياسية على ان تكون هذه التوثيقات موضوعية.

أدارة موقع

رئيس تحرير الموقع

بهنان يامين

مجزرة عقرب.. تعدد الروايات و القاتل واحد و الهدف واحد  ..

بقلم د. خولة حسن الحديد

خولة حديد

 

 

 

أهالي عقرب والثورة 

    تقع قرية عقرب على طريق حمص مصياف بمسافة حوالي 32 كم مترعن مدينة حمص، وإلى جنوب غرب مدينة حماه بمسافة 33 كم، وتتبع إدارياً لمدينة حماه رغم أن غالبية علاقاتها و حركتها الاقتصادية هي مع مدينة حمص، وهي محاطة من ثلاث اتجاهات من قرى مواليه للنظام، فمن الغرب تحدها كل من بعرين ونيصاف والتاعونه وعوج وكفركمره،ومن الشمال قرى الحميري وبيصين وقفيلون، ومن الجنوب قرى قرمص وقصرايا وعكاكير ومريمين، من الشرق قرى الحولة التي تعتبرعقرب هي النافذة الوحيدة لها بعد حصارها الطويل، والممر الوحيد لوصول المساعدات الإغاثية إليها، ويبلغ عدد سكان قرية عقرب بين 15و17ألف نسمة، غالبيتهم من التركمان "السنة"، ويشكل العلويون ما بين 10- 12 % من سكانها، يتمركز قسم منهم في الجزء الشمالي الشرقي من القرية بسبب أن تلك المنطقة مطقة زراعية وحدثت فيها حركة توسع عمراني خلال السنوات الماضية، ويتوزع الباقون في مختلف أنحاء القرية وخاصة وسطها باتجاه الغرب.

    مع بداية الثورة كان أهالي عقرب يتظاهروا بالحولة، وبعد تعرض الحولة للاجتياح في صيف 2011، قام الجيش بعزل عقرب عن الحولة بوضع حاجزين (الكيلاني وحاجز المدرسة الشرقية)، وبعد مجزرة الحولة بادر جميع أهالي المنطقة إلى التسليح العلويون منهم والسنة بعقرب والحولة وجوارهما، وبعد بدء استهداف الحواجز التي كانت تقصف منها قرى الحولة في المنطقة ومحيطها، تمّ القضاء على غالبيتها، وأصبح القصف جوياً، ما عدا ثلاث حواجز هي حاجز قرمص (قرية غالبية سكانها من الطائفة مرشدية) وحاجز مؤسسة المياه (جنوب الحولة) وحاجز  شرق عقرب، إضافة إلى عدد من حواجز ما سمي باللجان الشعبية عند الموالين للنظام و"الشبيحة" من قبل أهالي عقرب و الحولة .

    قام النظام منذ بداية الثورة بتجييش المنطقة طائفياً، لضرب التعايش بين مكوناتها، وبالرغم من ذلك لم تشهد عقرب أي احتكاك أو صراع بين السنة والعلويين المؤيدين للنظام بغالبيتهم،ولكنّ الغالبية منهم بقيوا على الحياد، و تجنبوا الدخول في صراع مع الأهالي، وكان كل همهم العيش بسلام، ولم يحدث فيها أي حادث ذي طابع طائفي رغم محاولات الشبيحة منهم لإثارة الفتن،  فخلال تفتيش بيوت القرية اصطحب رجال الأمن معهم شخص علوي يعمل مستخدم في إحدى المدارس وهو معاق بإحدى قدميه ليدلّهم على أي من بيوت عقرب لعلوي وأيها لسني، مما ترك أثراً سيئاً في نفوس الأهالي، كما عُرِفَ في القرية عدد من الشبيحة من آل جبيلي الذين يشكلون غالبية عائلات العلويين فيها، و عائلة ملحم وسليمان وغيرها، وتجنب الثوار إشاعة أي جو من التوتر في القرية لتبقى خاصرة تغذي أهالي الحولة المحاصرين، إلا أنّ شبيحة النظام من آل الجبيلي ، ومنهم عدد من الضباط والمتطوعين في الجيش أيضاً، عملوا على توتير الأوضاع فيها، من خلال تعاونهم مع الحواجز المحيطة فيها من جهة الغرب، والحاجز الشرقي الذي وضع على طريق عقرب – حماه والذي كان يمارس استفززات يومية على الأهالي وغالبية شبيحته من العلويين من آل جبيلي في عقرب، وقد قام هؤلاء مرة بخطف سرفيس متجه لمدينة حماه نساء وأطفال، و حينها حدثت مفاوضات معهم وتمّ تسليم المخطوفين، ورغم ذلك بقيت عقرب رغم ذلك بعيدة عن واجهة الأحداث.

ما قبل المجزرة  

    لا يمكن الحديث عن مجزرة عقرب، قبل الإشارة إلى ما سبقها من أحداث والتي تدلل مباشرة إلى العمل الحثيث للزج بالقرية وعموم المنطقة  في أتون حرب طائفية، وتوريط أهلها وضرب التعايش السلمي فيها، والذي لم يروق للنظام وشبيحته، فكانت حوادث الخطف والقتل تتكرر لأبناء القرية و القرى االصغيرة المحيطة بها، وكانت حواجز الشبيحة من جهة الغرب تمارس أبشع أنواع الاستفزاز بحق أهالي القرية، وكذلك الحاجز الشرقي – حاجز المدرسة الذي كان يأتي من خلاله شبيحة قرى قفيلون والحميري ليمارسوا السلب والنهب واعتراض الأهالي، مما دفع الثوار للاستنجاد بالجيش الحر لضرب هذا الحاجز، وقبل ضرب الحاجز كان قد قتل شبيح من عقرب "علوي" وله أخ قتل قبله في مدينة حماه، علماً أن والدهم كان غير راضٍ عن أفعال أولاده وبعد مقتل ابنه بحماه غادر القرية، وقد تمّ العثور في داخل موبايل هذا الشبيح على فيديوهات وصور عن مجازر الشبيحة، وبعد نبأ مقتله في الأول من ديسمبر/ كانون الأول بدأت جميع عائلات الشبيحية بالخروج من القرية، كما بدأت حركة نزوج جماعية غريبة للعلوين عموماً، وسط تخوف من عملية عسكرية موسعة في المنطقة، وبدأت حالة من الرعب تسود الأهالي، مما دفعهم للنزوح إلى قرى طلف و البرج المجاورة لهم، و بالفعل بدأ القصف على القرية من الحواجز المحيطة بها بشكل عنيف، و اشتد القصف يوم الثاني من ديسمبر، وتم دعم حاجز المدرسة من الشرق من قبل شبيحة قرى  الحميري وقفيلون مع تجمع لشبيحة قرى بعرين والتاعونة من الجهة الغربية، في ظل قصف عنيف على عقرب والحولة من حاجز قرمص وباقي الحواجز، كما تمت عملية تحصينات قوية للجيش الحر من قبل  كل كتائب المنطقة على المداخل  الثلاثة المحيطة بالقرية.

    في ظل القصف العنيف المركز على المنطقة، خلال هذا الأثناء ( في الثاني من ديسمبر)، قام الشبيحة بإحراق بيوت متطرفة على طريق حماة شرقي عقرب، وهي مجاورة لبيوت العلويين، ودخل عدد من شبيحة قرية الحميري وقفيلون وتحصّنوا في المدرسة الشرقية بعد أن أحرقوا كل المنازل المجاورة، و بدأت عملية إجلاء ما تبقى من أهل القرية من قبل الجيش الحر، مع تواصل القصف الذي دمّر عدد من البيوت منها بيوت (أبو نزال وبيت ياسين حجك وبيت الحلويني)، وبلغت حصيلة الشهداء يومها تسعة أشخاص هم (محمد المحمد، عبد الإله بشارة، جلال العكش، أنس حوراني، محمد إبراهيم جعمور، زياد يحيى العكش، خالد أحمد مطر، أمجد دعاس، محمود طوقاج).

    في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول سيطر الجيش الحر على الحاجز الشرقي في القرية، وبدأ يسمع من المساجد نداء للشبيحة بالاستسلام، وذلك بعد احتجاز العشرات من طلاب المدارس، بحثاً عمن له علاقة ما بالجيش الحر، مما أدى إلى تدخل الجيش الحر في تلك المنطقة، وإطلاق سراحهم جميعاً، وكرد فعل على الحادثة، تم قصف المنطقة من قبل دبابات النظام ومدافعه، وقصف يومها منزل محي الدين الساطي، وتعذّر على الأهالي الوصول للبيت من شدة القصف، ولم يكن أحد يستطيع الخروج من البيوت لإنقاذ الجرحى الذين كانوا بالعشرات. وفي هذه الأثناء كان شبيحة قرى بعرين و التاعونة ونيصاف يحاصرون القرية من جهة الغرب أيضاً، وقاموا بخطف ثلاثة أشخاص من الأهالي الهاربين من القصف. وبقيت المعارك تدور طوال اليوم، وأدّت إلى تدمير عدد من الدبابات وفرار عدد من الضباط الذين تركوا الحواجز، وتمّ  تدمير ثلاثة بيوت فوق رؤوس أهلها بالقصف، لم يستطع أحد الوصول إليهم أيضاً، كما دخل من المنطقة الشرقية عدد من شبيحة قرية الحميري وآل جبيلي في عقرب إلى عدد من البيوت وقاموا بنهبها وحرقها منها بيت رامزعبد الله هلال الذي كان قد نزح مع عائلته قبل دخولهم بفترة قصيرة.

    في الثالث من ديسمبر/كانون الأول قام الجيش الحر وكتائب الفاروق بإجلاء من تبقى من العائلات، وسط تخوف من ارتكاب مجزرة في العائلات التي بقيت محاصرة من الجهة الشرقية لعقرب على طريق حماة، وهي عائلات مجاورة لمنازل آل جبيلي، وبقيت حوالي عشرين عائلة مفقودة لايمكن الوصول إلى منازلهم.

   خلال ذلك كان هناك استنفار كامل لكل كتائب الجيش الحر لصد الهجوم على والاشتباكات، لم تهدأ بالقرب من مداخل القرية الثلاثة، وكان الشبيحه يتدفقون من كل اتجاه إليها، فالنظام لن يترك المنطقة تخرج عن سيطرته.  

    خلال تلك الفترة كان الشبيحة المحاصرين في المنطقة الشرقية والشمالية الشرقية يطالبون باقتحام القرية، ولم يستجاب طلبهم، فقاموا بمحاصرة العائلات المتبقية، وكان غالبية النازحين من عقرب قد نزحوا إلى قرى طلف والبرج، و في الرابع من ديسمبر/ كانون الثاني تعرّض أحد المزارات العلوية القريبة من قرية "طلّف" للحرق، فبدأ قصف عنيف على البلدة التي تضم آلاف النازحين، وقطعت عنها الماء و الكهرباء ومنع عنها الطحين والمحروقات وأي مواد غذائية، وتخوف أهلها من اقتحام مبيت و مجازر قد ترتكب وأطلقوا نداءت الاستغاثة.

   في عقرب كانت الأوضاع الميدانية يسودها الهدوء والحذر، مع اشتباكات متقطعه مع حواجز و شبيحة القرى المجاوره، والهدوء يعزى حسب رواية الشهود إلى حدوث محاولة تهدئة، بعد ما أبداه الجيش الحر فيها من بسالة في الدفاع عن البلده وتكبيد قوات النظام خسائر كبيره بالعتاد والأروح، وبعد وقوع العشرات منهم أسرى، وقد كان ضابط من آل جبيلي طرف في الهدنة للتفاوض على الأسرى، وذلك بعد سقوط أكثر من برميل متفجرات على منازل العلويين في القرية، وتأكّد أن الحاجز قد تمّ تحريره بالكامل، وتمّ تحرير المكان بالكامل من الشبيحة، وقتل كل من كان يتحصن في المدرسة الشرقية منهم، وأصبح الدخول للقرية ممكناً بشكل طبيعي من ناحيه الجسر الشرقي الذي بقيى أفراد الجيش الحر مرابطون عليه.

     خلال مفاوضات التهدئة وتبادل الأسرى(4 ديسمبر) تمّ قصف عقرب بالقنابل الفراغية والعنقودية، مما زاد من غضب الأهالي وأفراد الجيش الحر، وفي السادس من ديسمبر أطلقت تنسيقيات حمص نداء استغاثة لإغاثة أهالي قرية عقرب، ونشرت عن ناشطين وأفراد من الجيش الحر توصيف لأوضاع القرية، مما جاء فيه:" رمي براميل المتفجرات من الطائرات على بيوت البلدة الآمنة وسكانها العزل، واستمر مدفعية قوات النظام وراجمات صواريخه في تدمير البلدة، وقتل مدنييها وتهجير أكثر من 12000 شخصاً من عائلاتها التي تبيت في العراء في طقس شديد البرودة، ممنوع عنهم أبسط مستلزمات الحياة العادية، هم وأطفالهم، في حين تتناثر أشلاء عشرات الجثث في شوارع البلدة وتحت أنقاض منازلها المدمرة، ويمنع جيش النظام وشبيحته من القرى المجاورة الموالية للنظام دخول طواقم الإسعاف وأي مساعدات للبلدة المنكوبة، التي يخشى جدياً من تكرار سيناريو مجزرة الحولة فيها في ضوء وجود مؤشرات على نية الشبيحة اقتحامها بمرافقة وحماية قوات أمن النظام وجيشه، إن تنسيقية حمص في لجان التنسيق المحلية وهي تحيي صمود أهلنا الأحرار في بلدة عقرب، توجه نداء استغاثة لتقديم الدعم الانساني الإغاثي والطبي لسكان البلدة ومهجريها على وجه السرعة، وتناشد العالم أجمع سرعة التحرك لإنقاذ أهلنا في هذه البلدة الأبية من مجزرة محققة ينوي النظام ارتكابها فيها ".

    وما بين فترة تحرير الحاجز وحدوث المجزرة المروعة بالعزّل المحاصرين من قبل الشبيحة، حدثت عدة حوادث خطف و قتل على أطراف القرية، منها عصابة موالية للنظام عند مفرق قرية القبو،وقد وجدت جثته لاحقاً ملقية على الطريق العام بين الحولة وحمص مذبوحاً بالسكين ومنتزع عنه حنجرته، وإصابة المواطن غازي عبد الرحمن اليوسف عمره 42 سنة بثلاث طلقات من قبل الأمن المتمركز في مؤسسة المياه المطلة على الحولة، وهو من قرية خربة الجامع التابعة لعقرب، وتمّ علاجه في إحدى المشافي الميدانية، واختطاف المواطن بلال محمد الحاتم عمره 34 سنة من قبل العصابات الطائفية في قرية بعرين لمجرد أنه ينتمي لقرية عقرب وهو مجهول المصير حتى اللحظة، كما قامت يوم التاسع من ديسمبر عصابات الشبيحة الموجودة في إحدى القرى الموالية غربي مدينة حماه بخطف "عائلة النجار " من قرية "أكراد ابراهيم" و المؤلفة من (السيد أحمد النجار مع زوجته و أولاده وأحفاده، و زوجة المرحوم محمد النجار الملقب "أبو عمر" مع جميع أولادها وأحفادها)، كما قاموا بسرقة بيوتهم والمزارع المحيطة بها من أثاث منازل وأبقار وأغنام،علماً أن قرية "أكراد ابراهيم" ذات غالبية علوية وأقلية كردية سنية وهي تقع شمال قرية عقرب بـ حولي7 كيلو متر، و محاطة بالقرى الموالية للنظام التالية :"قفيلون –الحميري-القصير (دير حويت)-قرطمان –بعرين" .. و ما زالت هذه العائلات مجهولة المصير، وكان يظن أنها محاصرة مع العائلات العلوية التي تمت محاصرتها من قبل الشبيحة في شرق عقرب، كما قام الشبيحة من قرية بعرين بخطف عائلتين من قرية أم جامع القريبة من الحولة وما زال مصيرهم مجهولاً.  

رواية الطرف الآخر قبل المجزرة

    قبل حدوث مجزرة عقرب، كان من الواضح أنه يحدث تمهيد لها، و تمهيد لما ينتظر قرية عقرب، وذلك من خلال ما كان يشاع من أخبار بين أهالي القرى الموالية، وما كانت تتداوله شبكاتها الإخبارية، كشبكة أخبار بعرين، وعوج، والقبو وغيرها.. كانت كافة هذه الشبكات تنشر أخبار عن اختفاء عائلات من آل جبيلي في عقرب، ومحاصرة عائلات أخرى من قبل الجيش الحر وجبهة النصرة، و كانت هذه الأخبار المتداولة بين الناس على الأرض أيضاً وسط مطالبات للجيش بدخول عقرب من خلال اتصالهم المباشر عبر الهواتف مع شبيحة آل جبيلي. و كانت تنشر أنباء متواترة عن قيام مجموعات جبهة النصرة في عقرب بإعدام عدد كبير من أهالي عقرب من الطائفة العلوية المحتجزين لدى المسلحين، ومن أهالي الطائفة السنية من الشرفاء اللذين يحاولون القيام بهدنة وبمساع حميدة لحل موضوع المحتجزين، وكان يتم مسبقاً تحميل مسلحي جبهة النصرة المسؤولية الكاملة عن حياة أي مدني في قرية عقرب، واستكمالاً لرواية إختطاف عائلات آل جبيلي و حصارها وقتل عدد منهم، كانت تنشر أخبارالخطف والقتل من قبل إرهابيي عقرب و الحولة لأفراد من تلك القرى، علماً أن المناطق التي يشار إلى حدوث الخطف فيها كلها متواجد قوات النظام فيها من جيش ورجال أمن وفرق الشبيحة التي يسمونها "اللجان الشعبية،" ومن الأحداث التي تمت الإشارة إليها من قبل تلك الشبكات وتمّ تداولها بين الناس:

    – أعداد كبيرة من المسلحين يحاولون التسلل من الحولة إلى أراضي قرية الحميري ويصوبون النار بإتجاه أي سيارة تحاول المرور، قوات الجيش تشبع المسلحين بوابلات من القذائف ردا على اعتداءاتهم وتلحق بهم الهزيمة.

    – مجموعه من الإرهابيين يطلقون النار على سيارة بولمان عند مفرق قرية السمعليل واستشهاد من بداخله وهم أربعة من قرية فاحل وشخصين من قرية القبو والسائق من قرية أوتان، السمعليل أصبحت بؤرة للإرهابيين منذ فترة فيرجى الانتباه للمسافرين على طريق حمص مصياف.

    هذه بعض من الأخبار التي تمّ تداولها بين الناس، وعند السؤال عن حادثة الباص على مفرق السمعليل لم يؤكد أحد من الأهالي مقتل مدنيين من فاحل، ولا من أوتان بناء على شهادة أشخاص من داخل تلك القرى، إضافة إلى أن مفرق السمعليل لا يبعد إلا بضعة أمتار عن مفرق بلدة القبو التي يرابط عليها حاجز عسكري وكل قرى السهل في مرمى نيرانه من السمعليل إلى أكراد سنينية إلى تليل وغيرها، كما أشيع في بلدتي عوج وكفركمرة أن المياه المقطوعة عنهم لحوالي شهر قد قطعها أهالي الحولة وعقرب، وكلما ذهب شخص من تلك القرى لفتح المياه كان يتعرض للقنص مباشرة، وعند الاستفسار عن هذا الموضوع تبين أن البئر الارتوازي الذي تشرب منه قرى عوج وعقرب والتاعونة موجود في أراضي قرية قرمص، ويوجد حاجز عسكري وعدة حواجز للشبيحة التي يسمونها " لجان شعبية " تفصل بين مكان تواجد البئر وبين قرى سهل الحولة وعقرب، مما يدل أن المرابطين في تلك المنطقة هم من يقطع المياه عن القرى، وهم من يعترض كل من يحاول الاقتراب من البئر، في حين يشيعون أن أهالي الحولة وعقرب هم من يحرمونهم من مياه الشرب، علماً أنّ المياه كانت مقطوعة عن قرى الحولة طوال فترة انقطاع المياه عن تلك القرى أيضاً .

    ما ذكر سابقاً جزء بسيط مما يمكن ذكره من عشرات الأحداث و الأخبار التي يتم تداولها بين الناس، ونشرها لتخويفهم وتجييشهم، ومن أجل شيطنة الآخر وتعبئة هؤلاء ضده و الاستعداد لما هو قادم بروح عدائية لا مثيل لها .

    من خلال التواصل مع عدة أشخاص في القرى الموالية للنظام، أشار هؤلاء إلى الدور الكبير التشبيحي والمحرض على الفتنة والمجازر التي ارتكبت لشخص من آل بيومي من قرية بعرين، وهو عميد متقاعد أعيد للخدمة خلال الشهر الأولى للثورة، إضافة لعدد من ضباط وشبيحة آل جبيلي في عقرب وآل ملحم وسليمان، وتقاطعت روايات هؤلاء مع روايات عدد من أبناء عقرب في عدد من الأحداث كما سيروى لاحقاً خلال ارتكاب المجزرة، وكان لهذا الشخص من "آل بيومي" دور كبير في تعبئة أهالي بعرين والقرى المجاورة وفي إشاعة جو من الاحتقان بين الناس من خلال بث الروايات الكاذبة عما يدور في عقرب من خلال اتصاله المباشر مع آل جبيلي فيها، وتكذيبه لما يدور ونقله للوقائع بشكل معكوس، ويحمله الكثيرون المسؤولية عن إراقة دماء أبنائهم.

مجزرة عقرب .. و انفجار اللغم الطائفي

    خلال خروج العائلات العلوية من قرية عقرب قام بعض الشبيحة من أفرادها بإطلاق النار على الأهالي بشكل عشوائي، كما قام الحاجز الشرقي بمساندتهم، مما استفز الثوار بشكل كبير، والذين كانوا قد سمعوا عن قصة احتجاز الحاجز لعدد من طلاب المدارس قبل ذلك، بعدها قام الثوار بضرب الحاجز، وعقب ذلك بدأت القصف الشديد والعنيف على القرية، وبدأت العائلات تنزح بسبب القصف، خرجت عدة عائلات علوية إلى قرى والتاعونة وقرمص ورواية تقول بعرين أيضاً، والعائلات السنية نزحت إلى طلف والبرج ، وهنا تتوارد أكثر من رواية عن قصة احتجاز عدد من العائلات العلوية من قبل "الشبيحة"، إحدى الروايات تقول أن الجيش الحر والثوار قاموا بمنع العائلات العلوية من النزوح، كي يمنعوا القصف عن القرية، وأرادوا أن تبقى الناس في بيوتها، لكنّهم لم يحجزوا أحد منهم في أي مكان، في حين، رواية أخرى تقول أن الشبيحة وعدد من الضباط والعساكر من العلويين هم من منع الناس من النزوح، لكن كل الروايات تتفق على أن هؤلاء الشبيحة والعسكر قد قاموا باحتجاز عدد كبير من العائلات (حوالي 500 شخص) في صالة رياضية، واتخذوا منهم درعاً بشرياً بعد أن قطعوا أملهم من اقتحام الجيش للقرية، و قد احتجزوا الناس كوسيلة ضغط على من هم على تواصل معهم من أجل اقتحام القرية، كما كانوا يطالبون بعد أن فقدوا الأمل بخروجهم الآمن، ومحاصرتهم من قبل أفراد الجيش الحر بعد تدمير الحاجز الذي كان يساندهم، وكان هؤلاء خلال احتجازهم الأهالي على اتصال وتنسيق مباشر مع الضابط المتقاعد من "آل بيومي" من بعرين الذي تمت الإشارة إليه سابقاً، و بعد علم قوات النظام من خلاله بعدم خروج كل العائلات العلوية توقف القصف، وعندها طالب الشبيحة باقتحام القرية عبر اتصالهم بالشخص المذكور، لكن طلبهم رفض فجنّ جنوهم، وفي هذه الأثناء قام أفراد من الجيش الحر بمحاصرة المكان الذي يحتجز فيه العائلات من آل جبيلي، وخلال الحصار تدخل شخص "من الطائفة العلوية" من خارج القرية في البداية من أجل تهدئة الأمور، وكان جواب الثوار الموافقة بشروط وهي : توقف القصف نهائياً، وإزالة الحواجز، وفتح طريف حماه، وعدم التعرض لأي شخص خارج من عقرب، والسماح بدخول جميع المواد الغذائية والطبية إلى المنطقة، وتسليم إدارة المنطقة إلى لجان من سكان البلدة من العلويين والسنة، ورجوع جميع العائلات العلوية التي نزحت عن القرية بهدف ضمان عدم قصفها. في البداية تمت الموافقة على ذلك، ومن ثم فيما بعد تمّ الرفص، وبقيت العائلات محتجزة من قبل الشبيحة في الداخل والمكان محاصر من قبل الجيش الحر من الخارج، والذي كان يفاوض الشبيحة على خروج الأهالي وخاصة النساء والأطفال، وكان يتم الرفض بحجة حمايتهم من الانتقام الطائفي، وكان الثوار خلال الحصار يدخلون الطعام والماء للعائلات، ويطالبونهم بالخروج ويأتيهم الرد بأنه لا يسمح لهم بذلك، وأن الشبيحة مسلحين بالقنابل والأسلحة الخفيفية، كما أنهم وضعوا عدد من إسطوانات الغاز بين الأهالي وهددوا بتفجيرها إذا غادر أيٌّ أنهم، وبدأ أفراد الجيش الحر في الخارج يسمعون نداءات استغاثة من قبل الأهالي في الداخل، وعندما طالت فترة الاحتجاز والحصار، أرسل الجيش الحر وفداً من أهالي عقرب يضم عدد من المشايخ من الطائفتين العلوية والسنية على حد سواء، وضباط متقاعدين من الجيش النظامي، ليدخلوا إلى مكان احتجاز الناس ويفاوضوا الشبيحة على خروج الأهالي من نساء وأطفال كبادرة حسن نية، ووعد بتوصيل هذه العائلات إلى قرية التاعونة فتمّ احتجاز الوفد أيضاً كرهائن، وطلبوا أن يقوم الجيش الحر بتسليم أسلحته، وكان هناك اتصال دائم، بين الشبيحة من جهة، وبين الجيش النظامي على حواجز أخرى حسب شهادة عدد من الناجين من الاحتجاز فيما بعد، وأكدّ الناجون أن ردود اتصالات الشبيحة كانت تدل على تأكيد قيادات الجيش النظامي بأن يعمل هؤلاء على إطالة زمن المفاوضات، لإعطاء الجيش الوقت الكافي للوصول إلى المنطقة وتحرير الشبيحة، في هذه الأثناء قام الجيش المرابط في القرى الموالية بقصف المنطقة وسقطت قذائف كثيرة في المكان الذي يتحصن فيها الشبيحة، وهو ما جعل هؤلاء يقتنعون أن النظام لا يأبه بهم، مما أدّى بالنهاية إلى إطلاق سراح حوالي 200 من المحتجزين غالبيتهم من الأطفال والنساء، وذلك بعد أن تدخل الوفد المفاوض، ومِن أجل إظهار حسن النية قبلوا بخروج ثلاثة من الشبيحة ليسمحوا بإخرج قسم من العائلات عن طريق الجيش الحر، وفعلاً خرج ثلاثة منهم مع من خرج من العائلات، ولم يسمحوا لباقي المحتجزين بالخروج كي يبقوا محتمين بهم،  بعد خروج بعض المحتجزين وتوصيلهم إلى قرية التاعونة وبعضهم إلى قرمص وبعرين، اتصل أحد الشبيحة من الداخل بالضابط من "آل بيومي" المذكور سابقاً ليسألوه إن كان هؤلاء قد وصلوا، أنكر"بيومي" وصول أي شخص منهم – علماً أن جميعهم كان قد وصلوا وتم وضع بعضهم في إحدى المزارات بقرية التاعونة.

   هنا جن جنون الشبيحة، واعتقدوا أن هؤلاء قد تمّ قتلهم، وربما احتجازهم والتنكيل بهم من قبل الجيش الحر، فبدؤوا بتصفية المشايخ والضباط المتقاعدين من الوفد المفاوض، ومن ثم بدؤوا بقتل العائلات من نساء وأطفال، من خلال التصفية المباشرة بالرصاص، أو بتفجير اسطوانات الغاز، والقنابل اليدوية، وتشير شهادات الناجين من المحتجزين إلى حالة من الخوف والرعب والهلع سادت بين الأهالي نتيجة الممارسات العنيفة للشبيحة الذين فجروا أنفسهم بعد قتل عدد من العائلات، وأحدهم قتل زوجته ومن ثم قتل نفسه، كما تمت تصفية عدد كبير من الفتيات بذريعة إنقاذهن من عمليات إغتصاب قد يقوم بها الجيش الحر في حال وقعن بقبضته، وهنا زادت حالة الفوضى هذه من إصرار النساء المحتجزات وبعض الأهالي على الخروج والاستنجاد بمن هم في الخارج، وَوسط الهرج والمرج والأحاديث المتبادلة بين من هم في الخارج ومن هم داخل المبني تعرضت المنطقة للقصف من قبل قوات النظام، مما أدى إلى تدمير جزء من المبنى فوق رؤوس الموجودين، وتقول رواية أخرى أن أفراد من الجيش الحر قاموا بتفجير أحد جدران المبنى من أجل إخراج من بقي حياً من المحتجزين وإسعاف الجرحى، وإخراج جثث الضحايا، وأن المبنى تعرض للقصف خلال هذه العملية، وبالنهاية قتل عشرات الأشخاص من المحتجزين ما بين تصفية من الشبيحة وبين القصف، وبينهم جميع أفراد الوفد الذي حضر للتفاوض وهم سبعة أشخاص ورواية أخرى تقول أنهم ثمانية أشخاص، وتم إسعاف الجرحى إلى المشافي الميدانية في المنطقة وتمت معالجتهم جميعاً، وتم دفن الضحايا في مقابر المنطقة، في حين بقي الناجون في بيوت أهالي المنطقة بانتظار توصيلهم إلى عائلاتهم وأقاربهم في المناطق المجاورة. وتمّ توجيه نداء للمنظمات الدولية وللصليب الأحمر الدولي للدخول لمنطقة الحولة، واستلام هؤلاء وتسجيل شهاداتهم، إلا أنه لم تستجيب ولا أية جهة لهذه النداءات، وبقي الكشف عن تفاصيل المجزرة يخضع لرواية الشهود من قبل أكثر من طرف، و بلغ عدد من قضوا في المجزرة بين 180 – 225 شخص ولا يوجد رقم دقيق لتضارب الروايات، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، ويشير الشهود أن الذين ارتكبوا المجزرة من الشبيحة غالبيتهم تتجاوز أعمارهم ال35 سنة، وغالبيتهم من عائلة جبيلي وأحدهم له أخ ضابط في الحرس الجمهوري، ومن عائلة ملحم، وعائلة سليمان الذين اشتهروا بالتشبيح سابقاً، ولديهم محلات حدادة معروفة في قرية عقرب، وهؤلاء كانوا في اتصال مباشر مع الضابط المتقاعد "من آل بيومي من قرية بعرين ".

رواية الطرف الآخر للمجزرة   

بعد أن مهدت سابقاً للمجزرة كافة الشبكات الإخبارية في المناطق الموالية للنظام، وأشاعت تلك الروايات بين الناس على الأرض، تابعت رواياتها في السياق ذاته الذي بدأته، ونشرت تلك الشبكات أخبار عن أن الجيش يحاصر الإرهابيين ويلاحقهم في قرى الحولة. " وبعد هجوم الإرهابيين، أحفاد السلطان سليم، صبيان العرعور، على حاجز الجبش بالقرب من قرية عقرب, وبعد اشتباكات عنيفة جداً انسحب أفراد وتركوا الحاجز بمعداته وكل شي, طبعاً بعد إلحاق خسائر كبيرة في صفوف المسلحين ليبدا التهليل والتكبير, وتسقط قذيفة مباركة وسط المجتمعين، وتوقعهم بين قتيل وجريح، وبدأ الجيش بمساندة اللجان الشعبية بملاحقة المسلحين في تلدهب وكفر لاها وعقرب، وأراضي السهل المحيط بهم, شبر شبر,بيت بيت,حقل حقل, حاكورة حاكورة، ملحقا بهم خسائر كبيرة بين قتيل وجريح، والمؤكد إّن حال العصابات الإرهابية في الحولة اليوم وغداً لن تكون مثل البارحة".

لم تشير أي شبكة إلى وصول عدد من العائلات التي كانت محتجزة إلى قرى التاعونة وقرمص أو بعرين، لتتطابق روايتهم مع ما خطط له الضابط المعروف من "آل بيومي" الذي أنكّر وصولهم، وتسبب في جنون الشبيحة، ودفعهم لتصفية عدد من المحتجزين، وفي يوم المجزرة كانت تنشر هذه الشبكات أخبار وتشيعها على الأرض بين الناس، أن بعض من الذين هربوا إلى عقرب قاموا بخطف عائلات من آل جبيلي وغيرهم من العلويين ثم قاموا بقتلهم جميعاً لاتهام الجيش بارتكاب مجزرة، وأوردت شبكة بعرين أن "توقف قصف المدفعية قبل المجزرة بيوم كان بهدف إعطاء مهلة للمسلحين المتواجدين في قرية عقرب حتى الصباح لتسليم أنفسهم، وإنهاء كل العمليات العسكرية، وإلا فإن الجيش العربي السوري واللجان الشعبية والمدفعية سوف تقوم بسحقهم، مع تواجد أعداد ضخمة من الجيش واللجان الشعبية بانتظار إعطاء الأوامر بالسحق،" ولذلك قام هؤلاء بتصفية المحجوزين، دون الإشارة إلى أي من الشبيحة وإلى كل المفاوضات التي حصلت.  

ما بعد المجزرة

– بعد أن تم إجلاء الجرحى وإسعافهم ودفن الضحايا، وجه الناشطون في الحولة وعقرب نداء للجهات الدولية وفي مقدمتها الصليب الأحمر الدولي لدخول المنطقة، ولم تستجيب أي جهة وسط تجاهل دولي وعربي غريب ومستهجن، ولم يعلن لاحقاً عن وصول أي جهة إلى مكان إرتكاب المجزرة، وأشار الأهالي إلى خيبة أمل كبيرة لعدم قيام هذه الجهات بمنع وقوع المجزرة، إذ تمت مطالبة العالم كله منع هذه المجزرة لكن لم يتدخل أحد، حتى أباد النظام هؤلاء الأبرياء، ومن ثم تمّ تجاهل مأساتهم لاحقاً .

– تمّ تجاهل المجزرة بالبداية بشكل تام من قبل النظام ووسائل الإعلام الموالية له، وكان هناك تخبط واضح في التعامل معها، إذ نشرت جريدة الوطن الموالية للنظام في اليوم التالي للمجزرة : " نفى مصدر مسؤول في محافظة حماة وقوع أي مجزرة في بلدة عقرب التابعة لناحية حربنفسه بمنطقة مصياف، وأكد لـ«الوطن» أن ما بثته، وتبثه، الفضائيات المعروفة بعدائها لسورية، لا أساس له من الصحة، وأن وحدات من الجيش العربي السوري، تتعامل مع المسلحين الذين يعتقد أنهم من جبهة النصرة، بعد رفضهم الإفراج عن عدد من الرهائن الذين اتخذوهم كدروع بشرية

وقال المصدر: «لقد احتجز الإرهابيون منذ أول أمس 260 مواطناً من أهالي بلدة عقرب الذين رفضوا وجودهم في بلدتهم، والانضواء تحت ألويتهم الخارجة عن العرف والدين والقانون، ولرغباتهم باستباحة الدم السوري، ومن بين المحتجزين 70 طفلاً و60 امرأة، وقد أثمر تدخل المشايخ ووجهاء المنطقة بإطلاق سراح الأطفال والنساء المحتجزين، وأكّد المصدر أن الجهات المختصة ووحدات من الجيش تطهر البلدة المذكورة من الإرهابيين، ولم تنه حملتها بعد، وحتى ساعة إعداد هذا التقرير، لم تتوافر لـ«الوطن» التي قصدت عقرب ومُنِعت من دخولها حرصاً على سلامتنا، معلومات إضافية عن الواقع الميداني في هذه القرية الوادعة، التي أمست ومنذ ليل أول أمس نجمة الفضائيات المعروفة بشراكتها بسفك الدم السوري، وتلك المضلَّلَة -بفتح اللام- التي استقت معلوماتها الإخبارية مما يسمى «صفحات تنسيقيات الثورة السورية» و«مرصد حقوق الإنسان» ومقره لندن إذْ وحدها صفحات التنسيقيات على مواقع التواصل الاجتماعي، أكدت ارتكاب الجيش السوري مجزرة في بلدة عقرب بريف مصياف الرافض للعنف والإرهاب والنابذ للإرهابيين سواء أكانوا محليين أم مرتزقة.

في حين نشر في اليوم التالي للمجزرة موقع "شاكو ماكو" الموالي للنظام ما يلي : " ذبح أكثر من 235 مواطن سوري على يد الإرهابيين في منطقة "عقرب" التابعة لمحافظة حماة، وكان الشهداء الـ235 قد اختطفوا في وقت سابق على يد إرهابيين للضغط على الجيش السوري كي لا يقوم بملاحقتهم، وأكّد مصدر خاص لـ"شوكوماكو" أن الإرهابيين الذين قاموا بالمجزرة يخضعون لقيادات أجنبية تعمل في صفوف تنظيمات تكفيرية، وأن مِن بين الشهداء الذين قضوا على أيديهم 88 طفل وامرأة، وأكّد المصدر أن الإرهابيين قدم معظمهم من منطقة الحولة المتاخمة لعقرب، يذكر أن عقرب تقع جنوب مدينة حماة، وقد حصلت المجزرة في حي أكراد ابراهيم.

* من الواضح التناقض بين ما نشرته جريدة " الوطن " و موقع "شاكو ماكو" والمعلومات الخاطئة التي أوردها الموقع عن مكان ارتكاب المجزرة، وحتى وسائل إعلام النظام الفضائية والإذاعية تناولت أخبار المجزرة بشكل متخبط ومتناقض، واعتمدت على ما أوردته تنسيقيات الثورة من صور لبث روايتها عن المجزرة، دليل أنهم لم يصلوا إلى مكان المجزرة ولم يصوروها .

– صدر في اليوم التالي بيان عن " المجلس الإسلامي العلوي في سوريا والمهجر" بيان مؤرخ في محرم 1434 الموافق 12/12/2012 ، والذي يدين المجزرة الطائفية، و يتهم الإرهابين التكفيريين بارتكابها، ويدعو أهالي المنطقة إلى عدم الانجرار إلى فتنة طائفية، والغريب في الأمر أنه ارتكبت في المنطقة ذاتها مِن قَبل مجزرة الحولة، ولم يصدر أي بيان من هذا المجلس الموقّر، رغم أن النظام إتهم أيضاً العصابات الإرهابية ذاتها التي إتهمها المجلس المذكور في ارتكاب تلك المجزرة، وللأسباب ذاتها "إشعال فتنة طائفية،" فأين كان هذا المجلس حينها ؟! وأين هو الآن عن إدانة كل المجازر التي ترتكب عى أساس طائفي؟! و غالبية السوريين يسمعون باسم هذا المجلس للمرة الأولى .

– عقب المجزرة واصلت قوات النظام قصف قرية عقرب وقرى الحولة بشكل عنيف من كل حواجز المنطقة، إضافة إلى القصف بالطيران، إضافة إلى محاولات محاولة لجيش النظام لاقتحام القرية من الجهتين الغربية والشرقية للتغطية على المجزرة التي تمت، واستبسل أفراد الجيش الحر في صد الاقتحام لمنع مجزرة محتملة لو تمّ ذلك .

– تمّ تداول أخبار أنّ علي حيدر قد أرسل شيخ عشيرة من مدينة الحسكة إلى المنطقة ليتدخل بشن تهدئة الأوضاع، إلا أن أحداً من الناشطين والأهالي لم يؤكد هذه الأخبار .