هــزيـمـــة الــرئــيـــس

 

“لقد كان الخاسر الاكبر هو جورج دبليو بوش، لقد ذهب هذا الرجل بعيدا وهو مجروح، تستطيعون ان تشاهدوا الهزيمة على وجهه”

هيجو شافيز

رئيس جمهورية فنزويلا

عام مضى بالضبط منذ اعادة انتخاب الرئيس  الامريكي جورج بوش، ولا يمكن للمراقب السياسي الا ان يلحظ بانه لم يكن عاما مريحا للادارة الامريكية خاصة بعد ان خرج منها العدديد من الوزراء الذين كانوا من الوجوه المقبولة داخليا وخارجيا مثل الوزير كولن بول، الذي اعتبر نفسه بانه خدع من المحافظين الجدد في تبريراته لغزو العراق.

لكن شهر تشرين الاول(اوكتوبر) كان قمة المشاكل حيث توالت المشاكل على الادارة الامريكية، فبعد اعصار كاترينا الذي اظهر الادارة الامريكية ضعيفة امام هذا الاعصار، الذي كان اسوء الكوارث الطبيعية التي شهدتها الولايات المتحدة الامريكية، كانت ادانة زعيم الاغلبية الجمهورية في مجلس النواب توم دلاي بتهمة فساد مالي، حيث اضطر هذا الاخير للتخلي عن مركزه هذا بسبب هذه الفضيحة.

لكن الهزائم توالت، فبعد ترشيح جورج بوش لمستشارته القانونية هنرييت مايرز، لمنصب قاض في المحكمة الدستورية العليا، اضطرت هذه الاخيرة الى الاعتذار بسبب علاقتها في البيت الابيض ورفض الادارة الامريكية تقديم اوراق لدراسة طريقة تفكير مايرز القانونية في استشاراتها للرئيس. لم تكن هذه الضربة من الديموقراطيين وحدهم بل كانت من قسم هام من قيادة الحزب الجمهوري.

لكن قمة الهزائم، والتي ستتحول الى فضيحة هائلة بحجم فضيحة وترغيت التي اطاحت بالرئيس نيكسون، حيث اتهم، المدعي العام الخاص فيتسجرالد، احد اهم مستشاري الرئيس بوش ومدير مكتب نائبه ديك تشيني، المستشار سكوتر ليبي في قضية السفير ويلسون وزوجته فاليري بالم التي كشفت هويتها كعميلة سرية في السي اي اي.

اضطر ليبي الى الاستقالة، ولقد مثل امام القضاء حيث وجهت اليه التهم الخمسة حيث رد على الاتهام بانه ليس مذنبا، وقد أخلي سبيله، كأي متهم عادي، حتى يقر القضاء هذه التهم  او يبرئه منها.

بالطبع قضية ليبي لن تقف هنا بل هي مستمرة، حيث لازال المدعي فيستجرالد يحقق في ضلوع المستشار الخاص للرئيس الامريكي جورج بوش، واحد اكبر زعماء المحافظين الجدد، بانه كان وراء هذا التسريب، المخالف للقانون الفديرالي الذي يحمي سرية العملاء السريين، حيث كشف لبعض الاعلاميين اسمها لا لشيء الا لكي ينتقم من زوجها السفير ويلسون، كون هذا الاخير كشف زيف ادعاءات ليبي وروف، كون العراق في ظل نظام صدام حسين قد حاول الحصول على اليورانيوم من نيجريا، لا بل ذهب ابعد من ذلك بان الوثائق التي قدمت الى ادارة المخابرات المركزية الامريكية، من قبل المستشارين المحيطين بالرئيس هي وثائق مزورة.

اليوم في الولايات المتحدة الامريكية حملة كبيرة على الرئيس جورج بوش ونائبه ديك تشيني، حتى ان البعض قد طالب باستقالة نائب الرئيس ديكي تشيني، الذي عرف برعونته، والذي قد يكون هو وراء كل هذه القضية للانتقام من السفير ويلسون لعدم خضوعه لابتزازات عصبة المحافظين الجدد، والتي كانت ولا زالت المسيطرة على مراكز القرار في الادارة الامريكية، والتي خططت ونفذت الحرب على العراق

لكن قمة الهزائم كانت في خارج الولايات المتحدة، حيث لم تستطيع الولايات المتحدة الامريكية تمرير مشروعها التجاري الذي يشمل كل امريكا بشمالها وجنوبها، بسبب رفض خمس دول لهذا المشروع، حيث كشف الرئيس الفنزويلي هيجو شافيز بان الولايات المتحدة الامريكية تريد هذا المشروع لفرض سيطرتها الاقتصادية الكاملة على اقتصاد هذه الدول

خرج الرئيس بوش مهزوما، ورغم كونه رئيس اكبر دولة في العالم، حيث ظهر ضعيفا جدا امام شعبية خصمه اللدود الرئيس شافيز، سواء على المستوى الشعبي او على مستوى قمة روؤساء دول امريكا، حيث كان اول المغادرين في هذا المؤتمر

هذه الهزيمة يجب ان تكون درسا للانظمة الحاكمة في منطقتنا، حيث تسقط نظرية عدم القدرة على مقاومة الدول العظمى. ان نجاح فنزويلا والارجنتين والبرازيل على تحدي الارادة الامريكية، ناجم عن استخدام قوة لا يستهان بها الا وهي قوة الشعب، التي تزنرت بها هذه الانظمة لحمايتها من العسف والخضوع لارادة الدولة العظمى. لماذا نذهب بعيدا فان انتصار عبد الناصر في التصدي للعدوان الثلاثي عام 1965 كان بسبب الالتفاف الشعبي حوله، الذي ساهم مع تنوع القرار الدولي الى دحر العدوان الثلاثي هذا

من يدري الى اين ستوصل هذه الفضائح الادارة الامريكية، هل توصلها الى الاستقالة اسوة بما حدث للرئيس نيكسون؟ لندع الايام القادمة تظهر كم كانت قاتمة هذه الادارة في التاريخ الامريكي، حيث يشبهها العديد منهم بالفترة المكارثية في مطلع الخمسينات، والتي ذهب ضحيتها العديد من قوى الديموقراطية الامريكية