اصطبغ التراب السوري مرة أخرى بدماء الشهداء، ومرة أخرى كان دماً بريئاً لاطفال بعمر الورد، كل جريمتهم بأنهم ولدوا في عائلات ترفض الرضوخ للحكم الديكتاتوري. قتل من قتل من أهل الريمسة ولا أحد يعرف حقيقة العدد، فالعالم كله يعرف بأن عدد الضحايا هذه المجزرة اكثر 227 شهيدا غالبيتهم أطفالا ونسوة، لم يقتلوا نتيجة القصف الوحشي الذي يمارسه النظام، بل ذبحوا كالخراف الفطائم.
لكن بالنسبة للنظام والناطق الرسمي باسم الخارجية السورية، جهاد المقدسي، فلا يوجد مجزرة وبكل صفاقة ووقاحة يقول بأن ما حدث في التريمسة هو عملية عسكرية وعدد القنلى 37 من المسلحين واثنين من المدنيين. وكما يقول الكتاب المقدس، “بفمك ادينك يا اسرائيل”، أدان المقدسي نظامه بأنه هو من ارتكب هذه المجزرة ولو انه أعترف بهذه الجريمة بطريقة خرقاء.
يكرر المقدسي مهزلة الناطقين الرسميين للانظمة المتهاوية حيث يتذكر العالم كله الناطق الرسمي للنظام الصدامي ونظرية العلوج، وموسى ابراهيم ونظرية الجرذان للنظام القذافوي. فالمقدسي يعيد الى الاذهان مهزلة هؤلاء بنقله الى العالم تزييف الحقيقة وينشر ما كتبته له الاجهزة الامنية التي ثبت حتى الآن بانها هي التي تقود البلد وتفاقم الازمة التي يعيشها الوطن الغالي سورية.
مجزرة التريمسة مجزرة تضاف الى سجل المجازر التي ارتكبها النظام البعثي، سواء على يد الجيش النظامي او على يد مشبحيه، الذين هم اشبه بالجزارين الذين يفرحون لذبح خرافهم. فلم يعدد يعرف المراقب ماذا يذكر وماذا يغفل، فاذا ذكر مجازر حمص وكل احيائها الصامدة ببطولة، يكون قد نسي صمود درعا ودير الزور وحماة وكل المدن السورية، فالمجازر اصبحت كثيرة، وهي مع الآسف الشديد، مجازر لم يرتكب مثلها الا الطغاة من امثال نيرون، وكاليغولا، وهولاكو، وتمورلينك، والمسودة العباسية، وهتلر، وموسيليني، وبول بوت، وحافظ الاسد،
وصدام حسين، ومعمر القذافي، والتي سيأتي اليوم الذي ينبش سجلهم الدموي بحق شعوبهم.
اثبت المقدسي مرة أخرى بأنه كمعلمه، الوزير وليد المعلم، أخرق حيث اثبت للعالم كله بأن السياسة الخارجية السورية واعلامها لاتزال سياسة خرقاء وبلهاء، مستغفلين العالم الذي يستطيع ان يعرف ما يجري على الارض حتى قبل الناطق الرسمي هذا. وكلنا يتذكر بشرى الكنفاني ومؤتمرها الصحفي الشهير واتهاماتها بحق طل الملوحي والمؤتمرات الصحفية لكل من بثينة شعبان ووليد المعلم، ليأتي المقدسي ليكرر فشل هذه السياسة التي لا تعلن عن الحدث بل تحاول ان تبرره، لترتكب الاخطاء ولتفبرك الاكاذيب وتزيف الحقائق.
يكرر النظام القائم في سورية أسطورة القوى الارهابية مدعيا بأنها هي التي ترتكب هذه الجرائم، ولكن سفيرها في العراق الشيخ نواف الفارس يكشف بعد انشقاقه عن النظام، بأنه قد شارك بتسهيل دخول المقاتلين والمتطرفين الى الاراضي العراقية لارتكاب الجرائم ووضع السيارات المفخخة. ونواف الفارس هذا لم يكن سفيرا عاديا، فلقد أختير بعناية فائقة كونه رجل أمن وليس كدبلوماسي، لان مهمته في العراق لم تكن دبلوماسية بل تدميرية، ليعترف للعالم كله بأن النظام السوري كان وراء العمليات التخريبة في العراق وليذكر العالم كله بأبي القعقاع ودوره في تدريب وتصدير المغرر بهم لزعزعة الأمن في دولة شقيقة. وهذا ليس بالغريب عليهم فالجميع يتذكر تبادل الهدايا المفخخة ما بين الطاغيتين صدام حسين وحافظ الاسد، في الربع الاخير من القرن الماضي.
ما حدث في التريمسة مجزرة، فكما سبقها مجازر أخرى، فلسوف يلحقها مجازر تالية، فالانظمة المنهارة وفي لحظة سقوطها لا تشبع من الدم، هذا الدم الطاهر الذي كان يجب ان يسفك في تحرير أرض الجولان المحتلة وفلسطين المنسية، لا في تطهير طائفي حيث يأمر الطاغية وينفذ الوحوش، حسب قول بشار الاسد في حديثه عن الحولة، وليرقص اولئك الذين ينتشون من رائحة الدم الزكية لشهداء سورية في معركة التحرير.