يودع العالم عام 2013 ليستقبل عاماً جديداً هو الـ 2014، ومع نهايته تطوى صفحته وتتحول حوادثه بخيرها وشرها الى تاريخ لا يمكن التلاعب به لان وقت التلاعب بالتاريخ، وخاصة في البلدان المتأخرة، قد ولى وذلك بسبب الثورة التقنية التي وضعت المعلومة تحت تصرف الانسان بشكل كامل وبسرعة تغييرية لا تحتمل الخطأ.
أهم حدث على المستوى العالمي كان استقالة البابا بنديكتوس السادس عشر، ليحل مكانه البابا فرنسيس الاول الذي يبشر بحركة متقدمة في الفاتيكان وتغييرية في كواليس الدوائر المترهلة في حاضرة الفاتيكان، مذكراً ايانا بالفترات الزاخرة بالتغيير الا وهي فترتي كل من البابا يوحنا الثالث والعشرين والبابا بولص السادس. هذا البابا، بتواضعه وما أعلنه خلال الفترة القصيرة بعد انتخابه ان يلقب بجدارة عن أنه بابا الفقراء والشعوب المضطدة.
اما على المستوى العربي فأهم حدث كان سقوط حكم الأخوان المسلمين بتجديد ثورة الشعب المصري ضد رئاسة الدكتور محمد مرسي لإقالته عن سدة الرئاسة بثورة شعبية حيث حسم الجيش المصري الحدث واقال الرئيس المصري في ظاهرة إعتبرها الكثيرون بأنها انقلاب عسكري بثورة شعبية. الإقالة كانت نتيجة ضعف الرئيس مرسي، الذي عوضاً عن ان يكون رئيساً لكل المصريين، كما يتطلب الدستور، فكان رئيساً أخوانياً لخضوعه لقرارات مكتب الإرشاد للحركة، بينما مرحلة ما بعد سقوط حسني مبارك كانت تتطلب ان يكون الرئيس لكل المصريين وان تكون حكومته حكومة وحدة وطنية، وليس حكومة فئة واحدة، لإعادة بناء الدولة المصرية التي خلخلها النظام البائد.
أما سورياً ولبنانياً فاحداث عام 2013 كانت حوادثها سيئة بمعظمها، وارتبط الحدث اللبناني بالحدث السوري من خلال التدخل العسكري للحزب الألهي في حربه الضروس ضد الشعب السوري، ووقفه مع النظام البائد مما أدى الى السقوط الدموي لمدينة القصير، بحجة واهية ثبت عقمها الا وهي حماية المقدسات الشيعية، والتي هي في الحقيقة دفاعاً عن مقدسات القصر الجمهوري وساكنه.
وشهدت الساحة السورية ايضاً دخول الفئات المتطرفة من كل انحاء العالم، وهذه القوى المتطرفة ليست محصورة بداعش والنصرة والقاعدة بل تتعداه الى الطرف التكفيري الآخر كحزب الله، والقوى العراقية الشيعية التي تذبح الاطفال في المناطق التي تحتلها باسم السيدة زينب والحسين بن علي، وكذلك الحرس الثوري الايراني والحوثيين والباكستانيين الشيعة الخ… من القوى المتطرفة المدانة من كل قوى الثورة ومن الشعب السوري.
شهدت سورية ايضا تصاعد الصراع ما بين القوى الثائرة على النظام وما بين القوى المساندة لهذا النظام، وصولا الى استخدام البراميل المتفجرة ضد المدنيين في مدينة حلب ومعظم ضحايا هذه البراميل هم الأطفال والنساء والشيوخ، ولن يستطيع احد ان يقول بأن هذا الطرف او ذاك قد انتصر، لان القتال اصبح قتال كر وفر، ودخلت قوى سورية تعمل لصالح النظام مثل حزب صالح مسلم الكردي الذي يمارس في محافظة الحسكة حكماً ستالينياً ترفضه القوى الكردية الوطنية. وكذلك استطاع النظام من خلال داعش ان يكسب بعض المواقع، وللمفارقة فأن النظام رغم ادعائه بأنه يحارب المتطرفيين فهو في الحقيقة لا يعمل شيءاً لمحاربتها لأن وجودها يخدم مصالحها.
شهدت سورية حوادث مؤسفة بحق المسيحيين، حيث تم خطف كل من المطرانيين، مار غريغوريس يوحنا ابراهيم والمطران بولس اليازجي، بطريقة مشبوهة ولم يعمل النظام أي جهد لتحريرهما، وذلك لان بقائهما مخطوفين ورقة رابحة بيده يستغل بها العالم الغربي بأن الوجود المسيحي في سورية سيكون مهدداً في حال سقوطه، وهو ما رفضه المطران يوحنا ابراهيم في آخر مقابلة مع الـ بي. بي. سي العربية.
إضافة الى خطف المطرانيين كان خطف الراهب اليسوعي باولو داليليو في الرقة من قبل داعش للتخلص من وجه مؤيد للثورة السورية ويجب اسكاته عن طريق الخطف وهو الرجل المسالم الذي يعمل على التأخي الاسلامي المسيحي. ليكمل النقل بالزعرور بخطف راهبات معلولا الذي لا مبرر له الا اعطاء النظام سلاحاً جديداً ضد الثورة السورية. بالطبع هذه الحوادث رغم أهمية هذه الشخصيات واستنكار عمليات الخطف هذه، فيجب عدم اعطائها بعدا اضطهادياً مثلما يحاول بعض رجال الدين المسيحي في حربهم ضد الثورة.
من أهم الحوادث ايضا كان استسلام النظام امام التهديد الامريكي وتسليمه ترسانته الكيماوية، بطريقة ذليلة ومهينة لسورية، وخدمة مجانية لاسرائيل التي قصفت عدة مرات مستودعات الاسلحة في دمشق واللاذقية، مدمرة العديد من بطاريات الصواريخ المنصوبة على جبل قاسيون وشواطئ اللاذقية.
لو اردنا تسجيل تاريخ الحوادث في سورية يلزمنا الصفحات الكثيرة لذلك، لان الحوادث تتوال بشكل يومي ان لم نقل كل ساعة ودقيقة. كل ما نتمناه ان يكون العام القادم عام خير للشعب السوري من خلال انتصاره على قوى البغي والطغيان.