“حدودنا الغربية لا تقف عند شلمجة – على الحدود العراقية غربي الأهواز- بل تصل إلى جنوب لبنان، وهذه المرة الثالثة التي يبلغ نفوذنا سواحل البحر الأبيض المتوسط.”
الفريق يحيى رحيم صفوي
القائد السابق للحرس الثوري الإيراني والمستشار العسكري الحالي للمرشد الإيراني الأعلى.
بكل وقاحة، ان لم نقل حقارة، أسقط الصفوي وبكلمة صغيرة حدود ثلاثة دول مجاورة: العراق، سورية ولبنان، ليعلن حدود ايران الجديدة التي حسب هلوسته تصل الى جنوب لبنان، وعلى البحر الابيض المتوسط. وهذه الامبرطورية التي يطمح لها الايرانيون هي الامبرطورية الأخمنية والساسانية الفارسيتين قبل الاسلام.
ليس هذا فحسب بل إعتبر الوقوف مع الطاغية بشار الاسد، هو رد جميل لوقوف والده مع ايران اثناء الحرب العراقية – الإيرانية حيث وقف طاغية دمشق مرتين ضد الشعب العراقي: المرة الاولى في تلك الحرب الدنكيشوتية لصدام حسين ضد ايران، وضد الكويت في حربه ” التحريرية ” العبثية. يومها وقفت قيادة البعث السوري ضد قيادة البعث العراقي، وكلا الحكمين طاغيين ولا فرق بينهما، ولا تهمهم مصلحة الشعوب التي إدعيا انهم يحميانها.
هذا التصريح ان لم تتنصل منه الحكومة الإسلامية الإيرانية فمعنى ذلك هي تتبناه، أي إنها أعلنت الحرب على كل من العراق وسورية ولبنان من أجل ضمهم الى الامبرطورية الفارسية التي يعملون لها. عندما صرح احد ملالي ايران، بأن سورية هي المحافظة 35 في ايران، أخذ الجميع هذا التصريح على سبيل النكتة، ومرره الجميع دون إحتجاج، فماذا عن هذا التصريح؟ هل سيمر ايضا بلا اعتراض؟
في القرن الماضي احتلت ايران ثلاث جزر لدولة الامارات العربية، هي جزر ابو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، اكتفت الدول العربية بتصريحات احتجاجية بلا اي فاعلية. وعندما طالب وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد طهران، بوقف ما وصفها بالأعمال الاستفزازية بعد زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى إحدى الجزر الثلاث التي تطالب الإمارات باسترجاع سيادتها عليها، لم يأخذ أحد ما مطلبه محمل الجد. في المقابل حذر وزير الخارجية الايراني على أكبر صالحي دول الخليج العربي من إن الامور يمكن أن تصبح “معقدة للغاية” اذا لم تتعامل هذه الدول بحذر بشأن الخلاف الدائر حول الجزر، أنذاك لم تقف اي دولة من الدولة العربية مع دولة الامارات العربية.
ليس هذا فحسب، فعندما إعتبر وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد بأن لا فرق ما بين اسرائيل وايران، فهذه تحتل أراض عربية وتلك تحت أراض عربية، يومها جن جنون “الممانعين” و” المقاومين”، دولاً ومنظمات، حيث اعتبروا هذه الوزير قد ارتكب جرماً ما بعده جرم، الا وهو اعتباره ان لا فرق بين اسرائيل وايران، وبذلك تجاوز الخطوط الحمر وتابوات الصراع العربي – الاسرائيلي، ولو كانوا يستطيعوا ان يطالبوا بعزله لفعلوا، وهو لم يقل الا الحقيقة.
الآن يأتي هذا التصريح المهين لكل الشعوب المكونة للشعب العراقي والسوري واللبناني، ليضرب بعرض الحائط كل القيم الدبلوماسية، فماذا سيكون موقف هذه الدول الثلاث والدول المحيطة بها، وكل دول المنطقة لانه اعتبر البحر الابيض المتوسط ضمن هذه الحدود؟ سؤال تنتظر شعوب المنطقة جواباً عليه.
بالطبع الموقف العراقي والسوري معروف، فحكومة المالكي هي حكومة ايرانية بامتياز، ولقد اعتبرت ايران، وان لم تعلنها، العراق احدى محافظاتها، فهذا التصريح يحول المالكي الى مجرد محافظ في الامبرطورية الفارسية، فلا رجاء منه اتخاذ اي موقف ضد هذا التصريح. اما نظام حكم الاسد فحدث ولا حرج، فان ايران بوقوفها المطلق ومساعدتها الكاملة له قد استلبت من الدولة السورية كل مقومات الدولة، فقطعاً لا ولن تحتج على هذا التصريح. ولكن على قوى المعارضة السورية الداخلية منها والخارجية ان تطالب الامم المتحدة باتخاذ موقف من هذا التصريح، المعدل للخارطة المنطقة.
الموقف اللبناني لا يحسد عليه، فسيطرة حزب الله على مفاتيح الدولة، وخاصة وزير خارجيته جبران باسيل، الذي برر البارحة في المانيا الكثير من مواقف الحزب الالهي، فهو لن يقبل استدعاء السفير الايراني احتجاجاً، ولو على سبيل الشكلية. يبقى الأمل في رئيس الجمهورية، الذي يجب ان يتجاوز وزير خارجية حكومة لبنان، ولكونه مؤتمن على الدستور، ان يستدعي السفير الايراني ويبلغه اعتبار هذا التصريح اعتداء على الحدود اللبنانية، وهو قد اقسم اليمين على حماية هذه الحدود. بالفعل اعلن رئيس الجمهورية اللبنانية، في جلسة الحوار، بأنه سيقوم بذلك ولا يقبل مثل هذا التصريح.
يبقى على كل الدول العربية، ودول حوض البحر الابيض المتوسط، ان يبلغوا ايران عدم اعترافهم بهذا التصريح، الذي يعدل الحدود معها دون اي مفاوضات. على كل الدول المتضررة من هذا التصريح ان تدعم المعارضة السورية على كل المستويات لانها الوحيدة التي تواجه اليوم المشروع الإيراني الإمبراطوري في المنطقة لأنها باعترافها بأن لولا مساندتها الأسد ونظامه لسقط من زمان. ان مساعدة المعارضة السورية يعني مساعدة انفسهم في وجه الخطر الإمبراطوري الفارسي.