حمص… ستالينغراد العرب بقلم بهنان يامين

حمص… ستالينغراد العرب

                                                        بهنان يامين

    خلال الحرب الكونية الثانية، غزت القوات الهتلرية، ذات الطابع النازي البربري، ما كان يعرف انذاك بالاتحاد السوفياتي. وكما غزت باقي دول اوروبا بشكل بربري همجي، لم تكن الدولة السوفياتية بمستثناة عن هذه البربرية وهذه الوحشية، الى ان وصلت هذه القوات الى تخوم مدينة ستالينغراد، لتتوقف عند اسوار هذه المدينة التي قاوم مواطنيها القوات الغازية،

 لتقلب المعادلة في هذه الحرب وتكون بداية انهيار قوات الرايخ الثالث بقيادة ادولف هتلر، ولتنهزم المانيا النازية وحلفاءها الفاشيين في هذه الحرب الكونية.

    منذ بداية الحراك الثوري في سورية، وبالتحديد بعد شهر تقريبا منهذه البداية ، كانت حمص سباقة في هذا الحراك، حيث حاول النظام القمعي امتصاص غضب الحماصنة، فتم تغيير والي حمص السيئ الذكر اياد غزال، الذي عاث في حمص فسادا هو وآل الاخرس وبطانتهم، اقارب اسماء الاخرس الاسد، رأس النظام القمعي. ولكن شعب حمص الأبي لم يستكين واستمر في التظاهر وكان اول من انزل صورة رأس النظام الاسدي، ليحتلوا ساحة الساعة ويحولها الى ساحة للحرية وتحرير سورية من نظام البعث.

   انتشر الحراك كالنار في الهشيم، حتى امتد الى كل المناطق السورية، باستثناء قلبي مدينة دمشق وحلب، وكانت حمص هي السباقة في استمرار الحراك حيث تم اعتقال زهرة حمص سهير الاتاسي، على ابواب وزارة الداخلية. اختارت السلطات الامنية الحل القمعي الامني، واختار الشعب السوري التظاهر السلمي ضد هذا النظام ومن اجل تحرير سورية من حكم الحزب الواحد، الحزب الذي دمر بنية الدولة السورية بكافة اشكالها. ارادت هذه السلطة تكرار ما حدث في حماة 1982، ولكن توسع التظاهر ادى الى توزع قوات النظام على اكثر من جبهة، حيث اخذت هذه القوات ومليشياتها مهما كانت تسميتها، أكانت شبيحة ام قوى محافظة النظام او اللجان الشعبية، التي هي في الحقيقة اكثر همجية وبربرية من القوات النظامية لانها تستند وبشكل رئيسي على آل الاسد وخاصة أبناء وأحفاد جميل الاسد.

     تدخل الجامعة العربية ومراقبيها ادى الى نوع من الهدنة، ونقول نوع من الهدنة، لان القمع استمر في كل انحاء سورية، وحتى المناطق التي لم تخرج كانت محاصرة من قبل المليشيات الاسدية، هذه الهدنة جعلت الكثير من المدن السورية تجمع قواها ومنها حمص، هذه المدينة التي صمدت منذ بداية الاحداث وحتى يومنا هذا. بعد فشل مبادرة الجامعة العربية الثانية، وتوقف مهمة المراقبين العرب، الذي افشلها رئيسها الدابي، سفاح دارفور، والفيتو الروسي – الصيني المشترك، وزيارة وزير خارجية روسية لافروف، عادت القوات الاسدية الى محاولة السيطرة على المناطق التي لم يعد للسلطة السورية اي سيطرة عليها، وكان اهمها مدينة حمص.

      حمص، مدينة ابن الوليد، تعيش منذ اكثر من عشرة ايام تحت الحصار والقصف البربري من قبل القوات الاسدية ومليشياتها، وهي لا تزال تقاوم رغم امكانياتها الضعيفة، بربرية وهمجية الحملة العسكرية عليها. لم تستطع القوات الغازية، حتى الآن ان تدخل حمص، وخاصة حي بابا عمرو الصامد، هذه القوات التي تركت الجبهة مع اسرائيل، لتحول كل المدن السورية الى جبهة قتال ضد الشعب السوري، الذي دفع ولا زال من دمه، ومن ماله، لتكوين هذا الجيش الذي تحول الى عقائدي وبعده الى بؤرة فساد وتفسخ واداة قمع في ايدي السلطة الأسدية.

   قد تدخل القوات الاسدية الى حمص بكل احيائها، وتحيلها الى دمار، تماما كما عمل هتلر وقواته الغازية في ستالينغراد، ولكن كما كانت ستالينغراد هي بداية نهاية النازية في الحرب الكونية الثانية، كذلك ستكون حمصغراد هي المعركة التي ستنهي هذا النظام القمعي الفاشي، والذي يعشعش الفساد في كل جوانبه، ولن يخلصه ارتماؤه في احضان ايران وروسية وحزب الله.

   من سخرية القدر ان تكون حكومة الشعب الذي صمد في ستالينغراد، هي ذاتها التي تدعم قتل الشعب السوري وخاصة الحماصنة منهم. على الروس ان يعودوا الى تاريخهم، في مقاومة الغزاة، وان يدرسوا تاريخنا ايضا بأن شعبنا السوري البطل قد هزم كل الغزاة من رومان، الى صليبيين، الى منغول وتتر، هم ذهبوا، ولكن الشعب السوري لا زال واقفا على قدميه ولن يركع لأحد مهما كان شأنه.

   بقي ان نقول للذين كانوا يعتبرون الحماصنة مجال نكتة وضحك وفرفشة فحسب، بأن شعب حمص اثبت بأنه شعب بطل، وبأنه سيهزم القوى الفاشية التي تدمر اليوم سورية، وتريد ان تركع كل شعبها الذي لم ولن يركع الا لله. ولن يبخز نضالهم بعض الترهات الطائفية التي تحاول ان تلطخ صمود حمص وابطالها. نعم حمصغراد لن تركع وستهزم  العصابات الاسدية وتحقق حرية سورية ودولتها الديموقراطية.