حماية الاسد للأقليات وغـزوة داعـش لقـرى الخابـور بهنان يامين

حماية الاسد للأقليات وغـزوة داعـش لقـرى الخابـور

بهنان يامين

   

بهنان يامين جديدةمنذ ان استتبت السلطة بيد الأخوين الاسد حافظ ورفعت، وهم يتحكمون برقاب الناس من خلال مفهوم الأكثرية والأقـلية، لاغـين بذلك كل ما يتعلق بالمواطنة من حقوق وواجبات، حيث تحول الشعب السوري الى عبيد ورعاع في يـد الطغـمة العسكرية التي يتزعمها حافظ الأسد، الذي أطلق اللعبة الطائفية ليقرب منه بعض الكومبارس من الطائفة السنية والى حد ما الطوائف الأخرى، من مسيحيين ودروز واسماعيليين الخ… من مواطني سورية والذين حرموا من حقوقهم، فعليهم الواجبات التي يجب ان ينفذوها، حتى إن لم يكونوا مقتنعين بها، اما الحقوق فلقد شطبت من قاموس السلطة الامنية.

    اراد حافظ الأسد ان يمزق النسيج السوري، الذي ان بقي متجانساً فلسوف يشكل خطراً على سلطته، ولم ير طريقة مثلى لتشتيت هذا النسيج الا بالطائفية والعنصرية، وهو ما حاولت السطات الفرنسية والانكليزية عمله ولكنها فشلت. اطلق حافظ الأسد يد شقيقه جميل الأسد، هذا الرجل شبه الأمي، الذي خرج على الشعب السوري بظاهرة  "جمعية الامام المرتضى"، التي كان ظاهرها جمعية خيرية وباطنها حركة طائفية تشيعية استهدفت كل المكونات الشعب ليس المسلمين فحسب بل حتى المسيحيين.

  في صراع على السلطة ما بين الأخوين الاسد، حافظ ورفعت، كانت الغلبة لحافظ، الذي تصادم مع أخيه رفعت الذي اراد قلبه، معتقداً بأن غيبوبة حافظ المرضية قد أضعفته، ولكن اعتقاده لم يكن في محله فخرج من سورية وهو نائب لرئيس الجمهورية، ولكن في المنفى. مع خروج رفعت خرج الكثير من ضباط سرايا الدفاع، وذهبوا معه الى فرنسا حيث كان غالبيتهم من ضباط الأقليات وعدد قليل جداً من السنة.

  وَرث حافظ الأسد الحكم لابنه بشار، ولم يورثه فقط السلطة، بل ايضاً المسألة الطائفية في سورية، حيث إستمر بشار الأسد بالأعتماد على المسألة الطائفية لتثبيت سلطته، حيث جير كل الاقتصاد السوري لخاله محمد مخلوف واولاده، مقصيا اولاد عمه جميل، الذين كانوا في عهد ابيه عبارة عن عصابات تنهب وتسرق وتقتل وتشبح، ولقد عرف الساحل السوري سلطتهم التشبيحية منذ ذلك الزمن.

   في الـ 2011 كان الربيع العربي، وكانت سورية من الدول التي أعادت أحياء هذا الربيع، الذي عرفته في بداية حكم الطاغية في الـ 2000 ، والذي دفع ثمنه العديد من الناشطين، سجناً وتشريداً، ومنهم العديد من ابناء الاقليات. ومنذ اليوم الأول للحراك الثوري، اراد الأسد الصغير ان يستثمر المسألة الطائفية التي عمل على تكوينها الطاغية الكبير حافظ الأسد، فطرح مفهوم حلف الأقليات، الذي عمل عليه حليف حزب الله ميشيل عون، ولقد حاول ان يسلح ابناء الاقليات، ولكن الكثير منهم رفض ذلك، ومن يبحث في تصريحات المطران المخطوف مار غريغوريس يوحنا ابراهيم الى وسائل الإعلام يجد بأن غالبية القيادات الروحية لطوائف المسيحية، والدرزية والاسماعيلية، كانت رافضة للتسلح في الدفاع عن النظام الفاسد الآيل الى السقوط. ورفع نيافته مفهوم المواطنة في وجه الطائفية والعنصرية، ودفع حريته ثمناً لموقفه هذا.

   لم يكتفي الأسد بالتجيش الطائفي، فاردفه بالتجيش العنصري، حيث أراد استغلال المطالب الكردية من أجل التحالف معه، ومن المؤسف القول بأنه فسح المجال لقوات صالح مسلم بالسيطرة على محافظة الحسكة، جاعلاً منها السلطة الفعلية في تلك محافظة النائية، حيث أغمض العين عن ممارسات قوات حماية الشعب الكردي الـ P.Y.D  وجهازها الامني «الآسايش»، الـذي مارس على مناطق نفوذه ذات الدور الذي مارسته السلطة القمعية الاسدية وهذا ما رفضته العديد من القوى الكردية.

   جاءت غزو داعش للقرى الأشورية منذ اسبوع، لتؤكد بأن النظام ليس بالوارد عنده أن يدافع عن الاشوريين والسريان وباقي الأقليات، ليضحي بهم ويتخلى عنهم كما تخلى سابقاً عن الرقة، ومطار الطبقة، وتل أبيض، وعين عيسى، ودير الزور، ومعلولا، فتركهم لمصيرهم المرعب امام داعش، الذي استغلها هي الأخرى محولاً اياها الى بعبع يرعب بها الأقليات، ومن المؤسف القول بأن النظام قد نجح في ايجاد الشرخ في القسم غير الواعي من الأقليات ومن ضمنها الطائفة العلوية، حيث جيشها واستغلها ليحول الصراع من صراع سياسي ما بين الشعب السوري والنظام الاستبدادي الى صراع ما بين قوى التطرف التي تريد ان تقضي على هذه الأقليات من ما حملها ان تستنفر دفاعاً عن النفس.

   ان ما حدث في القرى الأشورية، التي في الحقيقة، قد تضررت من قانون الأصلاح الزراعي، الذي طبق على الملاكين الصغار والمتوسطين، ولكن نلحظ بأن داعش لم تهاجم الا الاشوريين، لكونهم مسيحيين، مما يدل ان هذا الاستهداف غايته ارعاب سكان تلك القرى لتهجيرهم وتخويف باقي الأقليات بهم، لذا نرى ان النظام له مصلحة مشتركة مع داعش، التي تخدم بالمحصلة اجندة النظام الطائفية والعنصرية.

  لابد في النهاية طرح السؤال على مؤيدي النظام، اين هو هذا النظام الحامي للأقليات؟ عليهم ان يصحوا ويفتحوا أعينهم بأن هذا النظام بالغائه المواطنة أحل معها الطائفية والعنصرية البغيضة، وهو لن يستطيع ان يحميهم لانه لم يعد قوياً بل أصبح ضعيفاً وخاضعاً، لقوى التطرف الشيعية المتمثلة بحالش ورفاقها، وسورية اليوم تحت الاحتلال الايراني الذي لم يعد خفياً، وهذا الاحتلال لا يختلف عن داعش الا بكون الأخيرة سنوية وحلفاء النظام شيعوية، فالجميع متطرف.