اللطم ليس من الاسلام بقلم بهنان يامين

اللطم  ليس من الاسلام

                                         بقلم بهنان يامين

"ليس منا من لطم الخدود

وشق الجيوب ودعا بدعء الجاهلية"

حديث شريف

بهنان يامين جديدة

   مرت علينا ذكرى عاشوراء او العاشر من محرم، وهو اليوم الذي شهد إستشهاد الحسين بن علي، حفيد النبي محمد(صلعم)، الذي قتل بطريقة بشعة، وذلك نتيجة صراعٍ سياسيٍ على الخلافة ما بين يزيد بن معاوية والشهيد الحسين بن علي، حيث تراجع أهل الكوفة عن بيعتهم للحسين وقاتلوه في سهل كربلاء، حيث  يحتفل بعض الأخوة من الطائفة الشيعية بهذه المناسبة الحزينة باللطم والتنبير، وأقول البعض، لانني اعتقد بأن الغالبية العظمى من مؤمنين او علماء دين، ترفض هذه الطريقة للتكفيرعن ذنب لم تقترفه يدهم.

   ما حدث في كربلاء لا علاقة له بالمذهب الشيعي بل هو عبارة عن عملية سياسية محضة، لان معاوية ابن سفيان بايجاده منصب ولاية العهد في الخلافة قد ألغى معها مبدأ الشورى في هذا المنصب، والذي أقره الأسلام والذي كما يقول الشيخ علي عبد الرازق بأن منصب الخلافة هو منصب سياسي وليس خلافة للنبي محمد، كونه خاتمة الانبياء ( راجع كتابه الاسلام وأصول الحكم).

    ولقد تبنى الفرس المذهب الشيعي ليدخلوا اليه الفلسفة والعادات الفارسية، والتي قد يكون اللطم والتنبير من هذه العادات، التي لم يعرفها العرب لا سابقاً للإسلام ولا لاحقاً له، فهو لم يعرف الا عن طريق العجم، كما كان يتعارف على تسمية الفرس أنذاك. ولقد استجرت مجزرة كربلاء العديد من الشهداء والأضرحة ومنها  ضريح السيدة زينب التي لها أكثر من مقام ومنها مقامها في دمشق، والتي يؤلهها بعض المتطرفين من الشيعة، حيث يدعي حسن نصرالله وحزبه الالهي، وكتائب ابو الفضل العباس العراقية، والحرس الثوري الايراني بأنهم يدافعون عنها وعن قدسية عتباتها، في سورية الوطن الجريح.

   كنت اسمع عن اللطميات والتنبير ولكن لم اشاهدها واستمع اليهم الا بعد انتشار الثورة التقنية، حيث عن طريق كليبات اليوتوب شهدنا وسمعنا عن هذه الظاهرة التي تحمل الكثير من التخلف الديني والسياسي، ولم يكتفي اللطاميين العراقيين بأن يقوم باللطم فقط في ذكرى عاشوراء، بل منذ ان غزو سورية لمساندة سفاح سورية، بشار الاسد في حربه ضد الشعب السوري الذي يرفض ديكتاتوريته منذ ما يقارب السنتين والنيف.

   لمن لا يعرف اللطميات والتنبير عليه الاستعانة بمحرك يوتوب ليشاهد عشرات الألوف من الكليبات تظهر هاتين الظاهرتين، فاللطم أقل وطأ من التنبير، حيث يتعرى الملطوم ليكشف عن صدره، ويأخذ بلطم صدره معذباً نفسه على وقع أشعار اللطم الذي أشتهر بها شعراء المناسبات الحزينة وخاصة العراقيين منهم. أما التنبير، فادواته ليست اليد العارية، بل هي ادوات حادة مثل السيوف والتنابير والسلاسل والخناجر حيث يدمى الصدر والرأس والظهر، حتى ان بعضهم يمتلئ بالجروح التي تبقى مفتوحة الى اشهر ومن الممكن الى سنوات.

   من يطلع على اللطميات والتنبير يلحظ ظاهرة هامة واساسية، الا وهي بان من يقوم بهذه الاعمال ليسوا الا من عامة الشعب، الذين عادت ما يتقبلوا مثل هذه الظواهر بسهولة أكبر نتيجة تدينهم الذي غالباً ما يكون تديناً فطرياً، ونتيجة الاحتقان الديني، اما رجال الدين فأن لطموا فيكون برفق وحياء، وما يقال عن رجال الدين يقال ايضا عن الطبقة الحاكمة وأغنيائها، فنحن لم نعرف احد من هذه الطبقة قد لطم او تنبر.

  في أخر أحتفال بعاشوراء، اراد جماعة حسن نصرالله وابو الفضل العباس والحرس الثوري الايراني ان يستفزوا الشارع الدمشقي، ذا الغالبية السنية، حيث أحتفلوا باللطميات في سوق الحميدية الشهير في وسط دمشق، مما شكل مظهراً غير مألوف في دمشق. من الممكن ان يحتفل الناس المتديننين بمناسبتهم الدينية في أماكن العبادة من مساجد او حسينيات او كنائس، اما نقل هذه الاحتفالات الى الشوارع العامة والاسواق ففيه استفزاز ما بعده استفزاز. وما قيل عن لطمية سوق الحميدية، قيل مثلها عن لطمية حلب حيث يهدد الشاعر اللطام أهل حلب بأنه سيرونهم العجب، والمقصود هنا  بالطبع أهالي حلب ومن سيرونهم العجب هم جماعات حسن نصرالله وحلفائه.

   ابشع منظر تداولته صفحات التواصل الاجتماعي، كان كليب ذاك الأب حاملا ابنه  الذي لم يتجاوز سنه العامين او الثلاثة، وهو دامي الرأس كأبيه، نتيجة تنبير الاب له، وهو منظر مستنكر ولا أعتقد بأن الأسلام والمسلمين، لأي طائفة أنتموا يتقبلوا عملاً مقززاً كهذا. فالاحتفال باستشهاد الحسين يكون في الحزن العميق على تلك المجزرة لا باللطم والتنبير. 

  هل اللطم هو من الاسلام، ام ينهى عنه الاسلام؟ نريد رأي العلم والفتوى.