اغتيل وسام الحسن ليلحق بركب الشهداء الذين سبقوه وكانوا ضحايا نظام الإستبداد الأسدي، القابع في دمشق والذي اعلنها حربا على لبنان، منذ ان خرج جيشه في الـ 2005 ذليلا تحت ضغط الشارع اللبناني، ونتيجة الجريمة النكراء لاغتيال الرئيس الحريري في الرابع عشر من ذاك العام. قائمة الاغتيالات في لبنان طويلة منذ اغتيال الزعيم كمال جنبلاط وصولا الى وسام الحسن، والمتهم الرئيسي لها هو النظام المتهالك، القاتل لشعبه في دمشق.
بالطبع كتب الكثيرون عن هذا الاغتيال، وكان أغلب هذه الكتابات تشير الى مهنية هذا الضابط الشاب، الذي تولى مكتب المعلومات في مديرية الامن الداخلي، ولقد كانت افتتاحية شارل ايوب هي المقالة الاستثناء حيث عنونها بــ “خسرتك يا صديقي وسام”. عندما قرأت هذه الافتتاحية حاولت ان افتش عن صفة تنطبق على شخص كشارل ايوب فلم أجد الا كلمة الصفيق تنطبق عليه.
منذ ان إنكشف عميل النظام السوري ميشيل سماحة وشبكته التي يغزيها علي مملوك، والقوى المؤيدة للنظام الاسدي تهاجم وسام الحسن وكان على رأس جوقة الردح هذا كل من ميشيل عون على المستوى السياسي، وعلى المستوى الاعلامي كانت فضائية المنار والميادين والجديد، وبالطبع جريدة الديار حيث لم يبقى صفة سيئة في القاموس السياسي والامني ولم يستخدمها شارل ايوب ضد هذا الضابط الناجح بعد ان كشف العديد من شبكات التجسس الاسرائيلية، وبعدها شبكة مملوك – سماحة،ويمكن ان نضيف اليها بثينة شعبان، الذي ورد اسمها في التحقيق.
أغتيل هذا الضابط واستنفرت كل قوى الثامن أذار لدراسة كيفية رد التهمة عن نفسها، واولهم على المستوى السياسي سليمان فرنجية وميشيل عون، وبالطبع فأن حزب الله اذكى من ان يتحدث عن الموضوع، ما دام هناك بيادق يستطيع تحريكها، فلماذا يحرق اصابعه؛ اما على المستوى الاعلامي فكان شارل ايوب الذي كتب مقالة، اشبه بمرافعة القاتل دفاعا عن نفسه. فانقلبت تلك العدائية المفرطة الى صداقة لدودة ما بعدها صداقة.
بدأ الصفيق شارل ايوب مقاله بـ “خسرتك يا وسام وخسرت أعزّ صديق لي، وخسرت ذكريات في صداقتنا، وخسرت رجلاً وطنياً لبنانياً رغم اصطدامي معك في الفترة الاخيرة، أنت وغيرك تعرف أن الأحبّة يتصادقون ويقيمون افضل العلاقات ويختلفون، وأنا عندما اختلفت معك وهاجمتك كنت انتظر فتح الباب بيني وبينك، ماذا أقول لك يا وسام؟ انك خسارة كبرى للشعب اللبناني.” هل وجدتم كلاما اكثر صفاقة من هذه الوقاحة؟
علينا ان لا نستخف بذكاء شارل ايوب، فقد عرف منذ ان سمع بأن ضحية انفجار الاشرفية هو وسام الحسن، بأنه سيكون المتهم الاول في هذه الجريمة، كما كان في جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري، وكما كان اسمه متداولا في شبكة مملوك – سماحة، لانه عميل المخابرات النظام الاسدي بامتياز، وقد فاق بذلك كل من الصفيقين الآخرين، وئام وهاب وناصر قنديل. بالطبع هو لا يخفي هذا الارتباط وان أعطاها صفة الصداقة، فـ“المسؤولون في سوريا يعرفون كيف كنت اتحدث عنك وعن شرفك، وعن وطنيتك، الشهيد آصف شوكت يعرف، اللواء رستم غزالي يعرف، وغيرهما يعرفون، لكن كل ذلك لم يعد ينفع، اقول لك اخيراً ان خسارتي لا تعوّض.” كلام كهذا كاف ان يدين قائله بالعمالة للاجهزة الامنية، فهؤلاء “المسؤولون السوريون” هم عبارة عن ضباط أمن واللبنانيون يعرفون جرائمهم جيدا في فترة الاحتلال الاسدي للبنان.
يكمل الصفيق شارل ايوب مرافعته الدفاعية ويقول: ” خسرتك يا عزيزي ويا صديقي وسام، وبعضهم سيقول اني كنت أهاجمك اعلامياً بعنف، وأنت تعرف تماماً ان الذي يقوم بالجرائم لا يقوم بهجومات اعلامية بل يصمت ويكون خبيثا ويكون باطنياً ويخبىء كل عدائه ليحضّر لجريمته القاتلة.” هذا الدفاع هو بمثابة اعتراف بانه سيكون المتهم الاول بجريمة الاغتيال هذه، نتيجة المقالات المتشنجة التي كان يهاجم بها الراحل وسام الحسن، ولم يكن يفوقها بالعدائية الا ميشيل عون، الذي اعتبر نفسه بالتيار العالي الذي يفحم من يقترب منه، ومؤتمراته الصحافية، وذلك خدمة للنظام الصديق، القاتل للشعب اللبناني ولشعبه، النظام الاسدي.
يكمل صديق أصف شوكت ورستم غزالة، انظر من هم اصدقاء الصفيق شارل ايوب: “لكن هناك فرق كبير بين صحافي يكتب مقالاً ضد سياسي او رئيس جهاز امن، ويكون هناك مجرم ومخطط يرتكب جريمة اغتيال وقتل فتقع الصدفة، فاذا بالهجوم الصحافي يلتقي مع جريمة قتل دون ان يكون هنالك اي علاقة بين الموضوعين.“ انه دفاع الاجرام وراء ستار الصحافة.
يختم المتهم شارل ايوب مرافعته بـ “ وسام، اقول لك اني حزين جداً، ولا شيء يلزمني ان أقول واكتب للتاريخ مقالة في الصفحة الأولى في جريدة الديار لاقول لك اني حزين لولا اني حزين جدا جدا جداً.“ هذا الكلام من أوقح ما قيل من المرافعات الصحافية.
ليس هناك صفة تعطى لمثل هذه الخاتمة الا انه الصفاقة والصفاقة بامتياز.