
منذ ان أصبح ميشيل عون قائدا للجيش وهو يطمح ويحلم بأن يكون رئيساً للجمهورية اللبنانية، هذا الحلم الذي قتله اتفاق الطائف، الذي حاربه عون بشراسة، ليعـتكف في قصر بعبدا، رافضاً ان يسلمه للرئيس رينة معوض، المنتخب شرعاً. تحول الرئيس رينة معوض الى شهيد، بعد اربعين يوماً من انتخابه، لينتخب الرئيس الهراوي، الرئيس الطيع في يد الاحتلال السوري، يومها قررت الاجهزة الامنية السورية طرد ميشيل عون من بعبدا، فهرب الى السفارة الفرنسية، متخلياً عن عائلته وعن ضباطه وجنوده لينفى الى فرنسا لمدة 15 عاماً. بعد جلاء القوات السورية المحتلة عن لبنان، عاد عون وهو يحلم بأن يحل محل أميل لحود، ولكن الفراغ لم يفرز رئيساً الا بالتدخل القطري والسوري، ليتوافق على الرئيس ميشيل سليمان.
تصرف ميشيل عون كرئيس بعد ان استقبله بشار الأسد، وكان كل يوم اثنين فرصة للصحفيين ليسمعوا تهريجات وهلوسات ميشيل المثيرة للسخرية والتقزز. مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي، أخذ ميشيل عون وعرابوه يشحذون الدعم من السعودية عبر فتح حوار مع رئيس تيار المستقبل، الرئيس سعد الحريري، الذي طعنه ميشيل عون وحلفاؤه باستقالتهم من الوزارة، ليعلن ميشيل عون وبصفاقة بأنه قد قطع للحريري وان واي تيكت. وصل الاستحقاق الرئاسي ولم يقبل الرئيس سليمان فكرة التمديد، ولما لم يستطع ميشيل عون الحصول على الدعم السعودي، أوصل، هو وحلفاؤه، الرئاسة اللبنانية الى الفراغ طمعاً في كسب التوافق على شخصه.
من يوم الفراغ وميشيل عون يفقد توازنه، ليعلن تارة بأن من يجب ان يتحكم بدفة الحكم مثلث متساوي الاضلاع هو وسعد الحريري وحسن نصرالله، لاغياً بشكل استفزازي كل القيادات اللبنانية من مجمل الطوائف، من امثال سليمان فرنجية وسمير جعجع والرئيس أمين جميل وغيرهم… هذا مارونياً وشيعياً الرئيس نبيه بري والعديد من القيادات الشيعية، سنياً استثنى كرامي وسلام وميقاتي، ودرزياً وليد جنبلاط وفيصل ارسلان الخ…
تفتقت عبقريته الاسبوع الماضي بمهزلة ترشيحه الطاغية بشار الاسد لجائرة نوبل لمحاربته الارهاب، وهذه وقاحة ما بعدها وقاحة، ولكن كما يقول المثل المصري ” من يشهد للعروس الا أمها”، ومن يرشح القاتل الا قاتلاً، فالناس لم تغفر له جرائم القتل التي ارتكبها خلال الحرب الاهلية اللبنانية، وخاصة حرب الالغاء، فمن الطبيعي ان يدعم قاتلاً مثل بشار الاسد. هنا لابد من أن ندخل مع المصاب بفيروس حب الرئاسة، ميشيل عون في تحديد من هو الإرهابي. لماذا نرى الارهاب في طرف ولا نراه في الطرف الآخر؟ ومن أدخل الإرهاب الى سورية؟ ومن الذي استفاد من هذا الارهاب؟ ومن تضرر من دخول هذا الإرهاب على الحدث السوري الملتهب منذ ثلاث سنوات ونصف؟
لن ندخل في تعريف الإرهاب، ولكن الصفة الملتصقة بالإرهاب هي التطرف الديني، ولكنها ليست حكراً على ديانة معينة او طائفة معينة، فلو درسنا التاريخ فلقد عرفت كل الديانات الإرهاب، بشكل او بآخر، ولكن سنبحث عن الارهاب في سورية. الارهاب في سورية ليس من ثقافة السوريين ولا من نسيجه الاجتماعي او الديني، فالإرهاب مستورد، سواء بشقه السنوي او الشيعوي، وأغلب هؤلاء هم من الجنسيات غير السورية، فالإرهاب المساند للنظام السوري يمتاز بالشيوعية والفارسوية، فحالش اللبناني، وحالش العراقي، والحرس الثوري الإيراني، وعصائب الحق، وعصابات أبو الفضل العباس وداعش والنصرة كلهم يوضعون في سلة واحدة هي سلة الإرهاب الدخيل على سورية.
كيف توصل ميشيل عون بأن الأسد يحارب الإرهاب وهو الأكثر استفادة من هذا الإرهاب، فالإرهاب هو الذي قاتل معه في القصير، وقارة، والنبك، ودير عطية، ويبرود، ومعلولا، والآن يقاتل معه في حلب وقبلها في حمص وحماة وتناقلت وكالات الانباء في الأيام القليلة الماضية بأنه يقاتل مع النظام في نوى والعديد من قرى ومدن حوران.
أما الحالة الداعشية، فهي ايضأ حالة غريبة على المجتمع السوري، وما يميز هذه الحالة اقصى درجات التطرف، وسيطرتهم على الرقة وشمال حلب ومنابع النفط ودير الزور الخ… كانت مشبوهة، وخاصة ان مقاتليها ترهب الناس العاديين أكثر من مقاتلتها النظام. من ما يثير الشبهة ايضاً ان النظام لم يحارب ابداً المناطق الداعشية، بل على العكس كان يبارك تصرفاتها لانها ترهب وترعب الناس وتسيء الى الحراك الثوري. مقاتلي داعش يلبسون الأقنعة، لماذا ؟ لانهم يريدون إخفاء شخصياتهم وهم بالقطع من ضباط الحرس الجمهوري او من شبيحة النظام او هم تربية النظام.
اما السيد ميشيل عون، الذي يريد ان يعطي جائزة نوبل لطاغية دمشق لمحاربة الاهاب، عليه ان يفهم بأن الإرهاب في سورية هو إرهاب الدولة والقوى المتحالفة معه من حالش الى داعش مرورا بكل القوى الظلامية التي تقاتل الشعب السوري. وما دام يحلم بأنه الرئيس المؤبد للبنان فعليه ان يكون شريكاً للأسد في جائزة نوبل، لأن كلاهما مارسا الإرهاب، الأسد ضد شعبه، وعون ضد طائفته المارونية.