من ذاكرة هزيمة حزيران 1967، شهدت سورية حدثا أظهر مدى حقد القيادات العسكرية للبعث، الواحدة ضد الأخرى. فبعد الإعلان عن الحرب التي ورط البعث فيها عبدالناصر والامة العربية، وهي حرب حزيران، عاد من الاردن كل من سليم حاطوم وبدر جمعة ليضعوا انفسهم تحت تصرف القيادة العسكرية للمساهمة في شرف قتال اسرائيل ومنع سقوط الجولان، ولكن هذه القيادة بزعامة وزير الدفاع في تلك الفترة حافظ الاسد ومن معه من العسكريين، احالوهما الى محكمة صورية لم تدم الا دقائق واصدروا عليهما حكما بالاعدام بتهمة الخيانة العظمى.
تم تنفيذ هذا الحكم بعد ان ثبتته القيادة القطرية ايضا تنفيذا لرغبة وطلب حافظ الاسد، ونفذ حكم الاعدام. على اثرها اطلقت الاجهزة الامنية سلسلة من الشائعات التخوينية ضد سليم حاطوم والطائفة الدرزية. تهمة الخيانة العظمى لكلا الضابطين كان ظالما، رغم رعونة كلاهما.
لن نعود الى الوراء، الى حكم الاسد الاب، الذي كان يستحق على الجرائم التي ارتكبها في سورية ولبنان، وتوقيعه على اتفاقية فصل القوات، وحكمه المخابراتي الذي دام ثلاثين عاما يستحق اكثر من حكم بالخيانة العظمى، بل عن مرحلة حكم الوريث بشار الاسد.
تدخل الثورة السورية هذا الشهر عامها الثالث، لان بداية الثورة كانت من مظاهرة الحريقة التي ردد فيها المتظاهرون هتافا تاق اليه السوريين من زمن طويل الا وهو “الشعب السوري ما بينذل”، والشعب السوري الثائر والبطل يقاوم النظام القمعي، والذي لم يترك وسيلة من وسائل الدمار الا واستخدمها، مدمرا كل المدن السورية، مسقطا اكثر من مئة شهيد، تحت شعار “الاسد او دمار البلد.”
لماذا تنتظر القوى المعارضة سقوط النظام لمحاكمة الاسد، وانتظار محكمة الجنايات الدولية لمحاكمته لجرائم الحرب، فلماذا لا نوجد محكمة حقوقية على غرار محكمة برتراند راسل للامريكيين اثناء حرب فيتنام، وجرائم الحرب التي اقترفت من قبل الامريكين. فمحاكمة بشار الأسد يجب ان تتم اليوم قبل غد.
التهم التي قد توجه الى طاغية دمشق ومن معه من القيادات الامنية والعسكرية التي دمرت المدن السورية يمكن ان تكون كالتالي:
- ازالته وبشكل نهائي لواء اسكندرون من على الخريطة السورية، بعد ان تخلى عن هذه المطالبة لصالح الدولة التركية، وهي القضية التي قام عليها كل فكر البعث، حيث كان زكي الارسوزي أحد مفكري البعث من ابناء هذا اللواء.
- الكذب وهو تحت القسم حيث أقسم في خطابه الاول على احترام الرأي الآخر فادخل العديد من القوى الديموقراطية الى السجون.
- مساهمته في استفحال الفساد في سورية، حيث سلط ابن خالته رامي مخلوف على الاقتصاد السوري، حيث نهب هذا الأخير سورية بطريقة فاق بها فساد آل مبارك في مصر، وزين العابدين في تونس، وعبدالله في اليمن وبالطبع معمر القذافي في ليبيا.
- الدخول في تحالف مع الدولة التركية والقطرية من أجل المساعدة لتوقيع اتفاقية صلح مع الدولة العبرية.
- موافقته الضمنية على تعذيب اطفال درعا وسكوته عن قمع المظاهرات في درعا والمدن التي تظاهرت ضده، وعدم محاسبتهم على هذه الجرائم.
- استمراره باحتلال دولة شقيقة ضد ارادة شعبها، الا وهو لبنان الذي خرج منهم ذليلا نتيجة القرار 1559.
- استقواؤه على الشعب السوري بقوى خارجية هي ايران وروسية وحزب الله اللبناني والعراقي، الذين يساهمون بقتل هذا الشعب المنتفض لكرامته.
- استخدامه الاسلحة الفتاكة، المحرمة دوليا، وقصفه المدنيين بالقنابل المتفجرة، وبراميل الـ ت.ن.ت، والقنابل العنقودية، وكان آخرها استخدامه الصواريخ البالستية ومنها السكود.
- مباركته المجازر غير الانسانية، والتي كانت ذات طابع محض طائفي، وهي مجازر مقززة، وباعترافه هو بان الحيوانات لا تقوم بمثل هذه الاعمال الوحشية.
- العمل على تمزيق سورية الى دويلة ومنها لحقيق حلم جده بالدولة العلوية. وتمكينه القوى الكردية المساندة له بالسيطرة على محافظة الحسكة.
- مخالفته للدستور سواء الذي ورثه مع تركة ابيه، او الدستور المسخ الذي زور الاستفتاء عليه، وفيه العديد من المخالفات الدستورية.
لو أستمرينا بالتعداد لطالت قائمة الجرائم الذي ارتكبها هذا الطاغية بحق سورية، للزمنا الصفحات العديدة. ان اي من التهم التي سقناها ضد هذا الطاغية كافية لإتهامه بالخيانة العظمى، وهي التهمة التي عقوبتها الاعدام، فحتى متى تنتظر القوى المعارضة سواء على الارض او في الخارج بعقد محكمة ثورية وميدانية، لمحاكمة الطاغية واعوانه واصدار الحكم عليه بتهم الخيانة العظمى، كما فعل ابيه بسليم حاطوم وبدر جمعة.