الاساءة للاسلام .. الفعل .. وردة الفعل بقلم بهنان يامين

 

الاساءة للاسلام .. الفعل .. وردة الفعل

بقلم بهنان يامين

   

     نقل الصديق شاكر البيطار على صفحته في الفايس بوك حادثة تاريخية جرت في مكة، في فترة ما قبل الاسلام، حيث يكتب: "وصل بجيشه (ابرهة الاشرم) العرمرم إلى مشارف مكة متربصاً الوقت المناسب ليهجم ويدمر الكعبة. تنادى الملأ إلى عبد المطلب الهاشمي عم الرسول وكان المسؤول عن الكعبة ليروا ماهم فاعلون. ما كان من عبد المطلب الهاشمي إلا أن ذهب مع وفد من الأشراف ليقابل أبرهة الأشرم. استقبل أبرهة عبد المطلب استقبالاً حسن وكان هذا الحوار:

     أبرهة: ماذا تريد منا ياعبد المطلب؟

     عبد المطلب: أيها القائد أرجو أن تعيدوا لي بعيري التي استولى عليها جندك وهي مائتي بعير.

     أبرهة: مندهشاً! أتسألني عن 200 بعير ولم تكترث للبيت الذي أتيتُ من أجل تحطيمه وهو بيت دينك ودين آبائك وأجدادك؟

    عبد المطلب: أما الأبل فأنا ربُها أما الكعبة فلها ربُّ يحميها.

    وانصرف عبد المطلب بالأبل ومازالت الكعبة موجودة إلى الآن."

 

   تختصر هذه الحادثة ما حدث منذ اسابيع، من أحداث نتيجة فعل، وصفته وزيرة الخارجية الامريكية بأنه مقرف ومقزز، ونحن معها نؤكد على لاأخلاقيته، الا وهو فيلم "براءة الاسلام" وهو فيلم قصير لا يتعدى الاربع عشرة دقيقة. وكانت ردة الفعل عنيفة حيث انطلقت مظاهرات الأخوة المسلمين في كل ارجاء العالم تندد بهذا الفيلم، ولكن مع الآسف الشديد، لم تكن ردة فعل حضارية بل كانت عنفية حيث جاءت لتؤكد، دون ان تدري، ما اراده هذا الفيلم. وقد استغلت الكثير من القوى، من امثال حسن نصر الله،هذا الفيلم لتستنصر للرسول العربي الكريم، وكان الرسول محمد بحاجة لمن ينصره من هؤلاء.

   من أنتج الفيلم وألفه وأخرجه كان يقصد بذلك ان يحصل على ردة الفعل العنيفة هذه، حيث لم يحسب من حرض الناس على التظاهر بهذه الطريقة، بأنه يخدم بطريقة او باخرى غاية هذا الفعل، التي هي مدانة بالطبع.

   لم تتحلى القيادات في العالم المتأخر، حيث اغلبيته اسلامية، بالوعي السياسي، وخاصة فيما يختص بالشخصيات الدينية والمذهبية، فكانت تنتظر الفعل ان يحدث للرد عليه بطريقة رديئة ورديئة جدا، وهو ما حدث في موضوع الفيلم، وبعده الرسوم في الجريدة الفرنسية، وقبلها الرسوم في اكثر من صحيفة مغمورة تريد الشهرة عبر هذه الرسوم وهي تعلن عن انها ستقوم بنشرها، وهي بذلك تنتظر ردة فعل تساهم في نشر هذا الفيلم او هذه الصحيفة.

   هل هي المرة الاولى التي توجه فيه الاساءة الى الاسلام ونبيه؟ ولقد كانت افعال الكثير من المسلمين اسوأ بكثير من ما يعمل عليه الاخرون من غير المسلمين، فالسكوت عن المجازر التي تحدث في سورية والمشاركة في ذبح الشعب السوري، أليس فيه اساءة الى الاسلام والمسلمين، وهذا مثال بسيط.

  في تارخ المنطقة الكثير من الاحداث حملت بشاعات كانت تحمل الاساءة تلو الاخرى، فحروب الردة ألم تكن اساءة للاسلام ونبيه؟ الحروب على السلطة ما بين الامويين وخصومهم أليس بالاساءة؟ هل قصف الحجاج بن يوسف الثقفي " المسلم" للكعبة في العهد الاموي فعل ايمان ام فعل كفر؟ هل خدع وقتل بعد ذلك الحسين بن علي، حفيد النبي محمد، بتلك الطريقة الهمجية ليس بالمسيئ للاسلام والمسلمين؟ ولا يزال الشيعة يكفرون عن ذلك الفعل في كربلاء بطريقة ردة فعل.

    هل الصراع على السلطة ما بين الامويين وغير الامويين، وتحويلهم الخلافة الى نظام توريثي، ونهاية حكمهم على يد العباسيين، الا يحمل اساءة للتاريخ الاسلامي وللاسلام؟ هل تصرفات المسودة في القضاء على الامويين اما عن طرق القتل المباشر او عبر الخداع، الا يحمل الاساءة؟ هذا في التاريخ القديم، وماذا على التاريخ الحديث.

   في التاريخ الحديث الكثير من الاحداث حملت اساءات للاسلام والمسلمين، كانت اسوأ بكثير من هذا الفيلم. فهل التعصب الاسلاموي ونشر التعصب والفكر التكفيري والجهادوي، والذي كان احيانا كثيرة بتحريض من الاجهزة الامنية، ليست الا افعال واعمال تخدم مصالح القوى التي تحرض عليها ويعرف منتجوها مسبقا بأنها ردة فعل مسيئة للاسلام، سواء اكان دينا او نبيا او فكرا.

  الحقيقة آن الآوان للقوى التي تدعي بانها تغار على الاسلام والمسلمين والنبي محمد ان تتحلى بوعي ولا تحرض الناس لتكسب من وراء تحريضها هذا، على شعبية اخذت تخبو مثل تلك المسرحية التي قام بها حسن نصر الله الموئله عند انصاره، لانه لوحظ نتيجة مشاركة الحزب الالهي بقتل الشعب السوري المناضل، بان شعبية الحزب الالهي قد خبت.

   الا يحمل تأليه حسن نصرالله اشراكا بالذات الاسلامية، يحاسب عليه الاسلام والمسلمين؟ ان تحويل سلاح ما يسمى بمقاومة الى الداخل اللبناني اولا في السابع من ايار في لبنان، واليوم يشهرونه ضد الشعب السوري بطريقة يخجل الاسرائيلي من فعلها، اليس فيه الاساءة للاسلام ونبيه من فعلهم هذا. الا يعتبر تحريفهم للجهاد، والذي رفضه كبار الائمة من الشيعة، اساءة الى الاسلام والمسلمين.

  ان النبي العربي الكريم والدين الذي نشره وأمن به الكثيرون ليس بحاجة لاحد لنصرته، فكما قال جده لابرهة الاشرم بأن للكعبة رب يحميها، فهو يستطيع ان ينتصر لنفسه. ان أجمل فعل هو ان يقابل الفعل فعل وليس ردة فعل، فردة الفعل تنشر الاساءة وبذلك توسع المعرفة بها، وهي بذلك تخدمهم ولا تخدم الاسلام ونبيه.