الأسبوع الأول من أذار، شهد العالم عدة حوادث، كانت البداية في نورث كارولينا، حيث قتل امريكي طبيباً من أصل سوري وزوجته وأختها، بطريقة أقل ما يقال عنها، انها لا أخلاقية. ولو كنت مكان المحقق الأمريكي لصنفتها في خانة الإرهاب، لأنها بالفعل حادثة إرهابية حسب ما يدرس الإرهاب في الجامعات الامريكية، ولا يقبل تبرير زوجة القاتل بأنه خلافاً على موقف للسيارات، وهو تفسير أخرق.
الحدث الثاني: كانت الحوادث الإرهابية التي شهدتها الدانمارك، والتي هي من إحدى الدولة الاسكندنافية التي تعطي للمضطهدين في بلادهم، وخاصة العربية منهم، مكاناً آمناً، وكأن بهذا الحدث تحريضاً للدانمارك لإغلاق هذا الملجأ الآمن، وكل الدول الاسكندنافية، في وجه المضطهدين في الأوطان التي يتحكم بها الطغاة.
ولقد كان ذبح الاقباط الواحد والعشرين ثالثة الاثافي، حيث قتل هؤلاء الذين لا ذنب لهم، الا كما يقول المثال الأمريكي الدارج، وجدوا في المكان الغلط وفي الزمن الغلط، وهم أبرياء وفقراء، تركوا مصر، كباقي المصريين وراء لقمة عيشهم، فكان مصيرهم الذبح بطريقة أقل ما يقال عنها بربرية، آذت الإسلام بطريقة غير مقبولة، ولقد ظهر هذا الناطق بالإنكليزية الكاملة، وكلامه بالطبع موجه الى الشعوب الغربية،
وهو يحرف كلام القرآن بطريقة واضحة لمن يلم بالثقافة الإسلامية، وكانه أراد ان يفهم لمن يوجه لهم كلامه بأن هذا هو الإسلام، بينما الحقيقة ليست كذلك، حيث يستبدل كلمة “قرآناً” بكلمة “سيفاً”.
بالطبع يعرف المطلعون على الوضع السياسي في المنطقة العربية بأن داعش وحالش وكل المنظمات الاسلاموية جاءت من رحم نظامي البعث السوري والعراقي، ومن النظامين الطائفيين، الاسدي والمالكي، لان معظم القيادات المكشوفة ثبت بالأسماء بأنها كانت من بقايا نظام صدام حسين ومن قياداته الأمنية، ومن يدري ان لا يكون العديد من هذه القيادات التي تتلثم والموجودة في الرقة ودير الزور الا من ضباط الامن في نظام الطاغية الاسدي، لان وجود داعش لا يخدم الا هذا النظام، وهو لا يؤذي الا الثورة السورية والشعب السوري.
ولقد كان الدكتور محمد حبش، الذي كان عضواً في مجلس الشعب الاسدي، وكان أحياناً كثيرة يبرر فيها النظام، في مقال له نشر في موقع “كلنا شركاء”، والمعنون “جئتكم بالذبح وانا الذباح الرحيم”، صادقا من حيث شرحه زيف اسلام داعش، ليختم مقاله بقوله:
“لا شك أن ما أخرج الناس إلى هذا اللامعقول هو الظلم اللامعقول الذي واجهوه في حياتهم، ومع أن قيادات داعش لها تكوين خاص لا يتصل بالعقل، ولكن جمهور المحاربين فيها من أبناء سوريا والعراق، وهؤلاء المحاربون لم يكونوا خلايا نائمة من قبل، ولم يكونوا يتدربون في تورا بورا وقندهار، لقد كانوا عمالاً وموظفين ومعلمين وسواقين، كانوا على باب الله، وكثير منهم كان حزبياً وبعثياً، يعيش الحياة على فن الممكن، ولكن البراميل المتفجرة وصواريخ السكود والتعذيب حتى الموت في سجون النظام الأسود، وسحب جثث الأطفال من تحت الأنقاض، واستلام الجثث من فروع المخابرات هو الذي أخرج الناس إلى هذا الخيار الثاري الغرائزي.”
اذا فأن داعش ليست فقط مستوردة، فالمستوردة منها لها اجندتها من أجل التخريب على الإسلام والمسلمين، مثل الذين ذبحوا الاقباط في ليبيا، ولقد كانت طريقة الذبح وكلامهم ولباسهم وتلثمهم، يدلل على ان هؤلاء لهم غاية غير شريفة في تأجيج الاسلامافوبيا لدى العديد من بسطاء الناس في الغرب، التي لا تعرف كما اسلفنا عن الإسلام شيئاً، وكالتي شاهدناها تتظاهر غداة حادثة مجلة الكاريكاتور ” شارلي ايبدو”.
بالمحصلة فأن داعش، وكل المنظمات الإرهابية، التي تتواجد على الأرض السورية والعراقية، جاءت بشكل أو بآخر من رحم أنظمة الاستبداد، التي صادرت الإرادة الشعبية في المنطقة، ومنعت قيام الدولة المدنية الديموقراطية. وما تحويل القتال في سورية، من قتال من أجل حرية وكرامة الشعب السوري، الى قتال طائفي لا يخدم الا التطرف والإرهاب وكذلك النظام المتطرف والذي يمارس إرهاب الدولة.
نشر هذا المقال في جريدة العرب بتاريخ 18 شباط 2015