فجأة وقف العالم كله مشدوهاً لسماعه خبر سقوط طائرة الركاب الروسية، ومقتل كل مسافريها وطاقمها الـ224 شخصاً، وهي متجهة من مطار شرم الشيخ الى سان بطرسبرغ. وأثر الحادث أخذ الكل يبحث عن سبب لسقوط الطائرة، بالطبع كانت داعش من القوى التي ادعت بانها هي التي اسقطت الطائرة، ولم يأخذ الكثيرون الموضوع محمل الجد، ولكن الأجهزة الاستخباراتية الامريكية والبريطانية والروسية، أخذت بنظرية القنبلة المزروعة في الطائرة، والذي أكده اصدار الطاغية الروسي بوتين قراراً بمنع سفر الطيران الروسي، بكافة شركاتها، وبإجلاء السواح الروس من مصر، وكذلك فعلت الحكومة الإنكليزية وغيرهم من السواح الأجانب، لتؤكد نظرية القنبلة.
اذا موضوع تفجير الطائرة بقنبلة مزروعة من قبل داعش، او أي من أخواتها، او كما يحلو لبعض محبي نظرية المؤامرة، أحدى دوائر المخابرات المتنافسة أو المتضايقة من النظام الروسي، فهذه العملية مرفوضة ومدانة وجرمية، ولا يمكن وصفها الا كونها عملية إرهابية، وهي لم تستهدف الا أناسا أبرياء، وهي بالتالي لا يمكن الا ان تدان، سواء من الناحية الأخلاقية، والناحية الإنسانية، ومثلما تدان هذه العملية، كذلك من المرفوض التشفي بمقتل هؤلاء الأبرياء، بسب موقف حكومتهم التي تقتل الشعب السوري، وتساهم في اكمال تدمير سورية، لان بالمحصلة اصابت أبرياء، هم أيضا ضحايا النظام الديكتاتوري الفاشي البوتيني في روسية، ولا يمكن تبرير عملية إرهابية كهذه، تحت أي حجة كانت. وهذه العملية وردة الفعل عليها اصابت الاقتصاد المصري، الذي بالاصل هو اقتصاد متهاوي وهش، بمقتل في المجال السياحي.
طرحت مأساة الطائرة الروسية موضوع سلامة الطيران موضع بحث، حيث بعد احداث 11 أيلول ستنمبر 2001، تم تشديد الإجراءات الأمنية لتأمين سلامة انتقال الناس بالطائرات، والذي مع مرور السنوات عاد الى التراخي، وخاصة في البلدان المتأخرة، ومنها مصر، التي تكثر فيها حركة الطيران، بسبب السياحة وكونها مركز سياسي هام، تتنقل فيه الوفود وتعقد فيه المؤتمرات السياسية والاقتصادية، وارجو ان لا يعتبر بعض القراء، باننا ان نقدنا بعض جوانب السلطة بأننا ضد مصر، فلا زال البعض لا يفرق ما بين البلد وسكانه، والنظام السياسي، فنحن لسنا ضد مصر او سورية او ليبيا أو أي دولة كانت، بل نحن ضد الأنظمة التي انتجت القهر والعسف والفساد، وكلها أنظمة تحكم ويتحكم فيها العسكر.
كان الجميع يتضايق عندما يطلب منه رمي قنينة الماء، والمأكولات، او خلع الحذاء، والوقوف امام صورة الاشعة، ولكنه عندما يسمع قصة كقصة الطائرة الروسية، يتمنى إيجاد المزيد من الإجراءات الصارمة لمنع تكرار حوادث جبانة كهذه. وحتى يكشف متى وأين زرعت القنبلة، فلسوف تطرح التساؤلات، هل كانت موجودة في احدى الحقائب المخزنة؟ ام وضعت الحقيبة المفخخة بعد إجراءات التفتيش في المطار؟ وغيرها الكثير من الأسئلة التي من الصعب على المواطن العادي ان يجيب عليها، ولكن لا بد ان يكشف كيف تمت العملية، من قبل أجهزة الاستخبارات الدولية، لان الأجهزة الأمنية الفاسدة في مصر أو أي دولة متأخرة، لن تستطيع ان تعطي أي تفصيل، لان ليس لديها القدرات للتحقيق، الذي يتطلب تقنيات عالية، تكشف وتمنع تكرار مثل هذه الحوادث. كما ممكن ان تَكشف القوى الإرهابية، التي أقدمت على العملية عن كيفية زرعها في الطائرة، لأنها الوحيدة التي تعرف بالتفصيل كيف قامت بذلك.
لتحقيق سلامة الطيران، وبالتالي المسافرين، تتطلب من المنظمات العالمية، المختصة بسلامة حركة الطيران عبر العالم، التي أصبحت كبيرة بسبب تحرك الناس، لسهولة الطيران، مراجعة الإجراءات الضرورية للحفاظ على هذه السلامة، وعلى المسافر ان لا يتضايق من هذه الإجراءات لأنها بالأول والآخير هي لسلامته.
وليس من المعقول ان ندخل في تفاصيل تشديد هذه الإجراءات، لعدم المعرفة، ولكن على المسؤولين عن أمن المطارات، وخاصة في العالم المتأخر، ان يكون كل موظفي المطارات، وكل من يقترب من الطائرة، من ذوي الخبرات التقنية والأمنية العالية، ذو رواتب عالية، لمنع حصول رشوات تسهل خرق كل قوانين سلامة الطيران، لان الفساد الموجود فيها قد يسهل رشوة أي عامل بسيط على بوابة الشحن في الطائرة ان يزرع قنبلة، تحيل البشر الى أشلاء يصعب التقاطها.
كتبت هذه المقالة في جريدة العرب لوس انجلوس العدد 1150 في 11 تشرين ثاني 2015