يتداول العديد من الناشطين في كثير من المناطق التي تواجدت فيها جبهة النصرة ، عن الظهور المفاجىء لها، ويرصدون الكثير من النماذج السلوكية المثيرة للشبهة ، والتي يضعونها برسم الجيش الحر والمنتمون للجبهة ممن يقولون أنهم يقاتلون مع الثوار ضد النظام، ونقل أكثر من ناشط ممن كانوا في مخيم التضامن أحداثاً مريبة تضع الجبهة ومنتسبيها موضع الشبهة ، و قد تحدث هؤلاء عن أنّ أول ظهور للجبهة في مخيم التضامن كان خلال شهر تموز الماضي، وقد فوجىء كثيرون بوجودهم في المخيم يوم العاشر من تموز وهم من قام بأول اشتباك يوم الثالث عشر من تموز الماضي ، وقد كان أغلبهم من الجنسية العراقية، وعلى أثر ذلك الاشتباك تمّ قصف المخيم واشتعلت المنطقة برمتها، في ذلك الوقت كان الحديث متداولا حول التحضير لمعركة دمشق ، إنّما لم يكن ذلك هو وقتها ، لذلك فوجىء الجميع بمبادرتهم لإشعال الوضع قبل ترتيب الأمور كما ينبغي، وقبل ضمان سلامة المدنيين المقيمين في المخيم، وكانوا يعلنون صراحة بأنهم ليسوا من الجيش الحر، بل يرفضون التعاون معه، ويسخرون من أفراده كونهم طلاب حرية وديموقراطية بقولهم ” إنتوا تبع الحرية ” ، بعد اقتحام المخيم بدأت الإعدامات الميدانية من قبلهم ، وأصبح يتفاجىء الناشطون وأفراد الجيش الحر بهم ، لكثرة تصفيتهم لأشخاص معينين دون أدنى سبب منطقي، وكان ملفتاً أنهم أكثر المسلحين وفرة بالمال والسلاح ، وفي فترة تواجدهم في المخيم كثرت خلال الليل أعمال القنص الغريبة لأفراد من الجيش الحر ومن المدنيين ، ودارت الشكوك حول أعضاء الجبهة بسبب أنّ القناص الذي رصده الجيش الحرفي شارع دعبول حينها كان قد قتل، وكان شباب الجيش الحر يفتشوا عن القناص الذي يقنص ليلاً ولم يجدوه ، ليتبين معهم لاحقاً أنه من جماعة النصرة المتواجدين في المخيم ، وإثر ذلك وغيرها من تصرفات أصبح من تبقى من أهالي المنطقة يتذمرون منهم ومن تواجدهم بينهم ، خاصة لجهة الإعدامات الميدانية التي كانوا يقومون بها دون وجه حق لدرجة أصبح الناس لا يعرفون من الذي يَقتل ومن الذي يُقتل ولماذا ؟؟ ، بقيّ الناشطون الإعلاميون مع الجيش الحر في المخيم حتى انسحب يوم الرابع من آب 2012 ، أو كما يقول هؤلاء تمّ الغدر بهم ، لأن المنطقة التي كانوا يتواجدون فيها كانت معظمها لجبهة النصرة، وفجأة اختفت الجبهة وأفرادها، وبقي خمسة مجموعات من خارج المنطقة خرجوا في الليلة نفسها حوالي الساعة الرابعة صباحاً، حينها جاء أحد شباب الجيش الحر وأبلغ الناشطين بأن عليهم المغادرة فوراً لأن الأمن السوري أصبح في الشارع الخلفي لمكان تواجدهم وهم من بقي مع كتيبة من الجيش الحر تطبيقاً لاتفاق ألا يخرج أحد من المخيم قبل خروج كافة المدنيين والذين كان عددهم حوالي الستين شخص، وهم من تمّ إعداهم في اليوم التالي، إضافة إلى من تمّ حرقهم، ولم يتم التعرف عليهم بسبب الحرارة العالية التي توزعت بالمكان ، وبعدها عادوا للمخيم ، وانسحبت كتائب الجيش الحر إلى الحجر الأسود ، وهنا أيضاً يشير الناشطون وأفراد الجيش الحر إلى غدر جبهة النصرة بهم ، إذ كان قد ذهب إلى جماعة النصرة لطلب المساعدة في السلاح والرصاص وصد الاقتحام قائد الكتيبة – كتيبة الأقصى – ومعه أخيه المنشق عن جيش التحرير الفلسطيني، في الوقت نفسه الذي كان يقتحم فيه مخيم التضامن، وبعدها اختفوا، ليكتشف في اليوم الثاني أن قائد الكتيبة سمير برناوي وأخوه محمد برناوي معتقلين من قبل الأمن وأخوهما جمال قد قتل !! .. لقد تعرض الشباب لكمين يعتقد الناشطون أنه نصب لهم من قبل أفراد الجبهة أدّى لتسليم الشباب للأمن، وتصفية أخوهم الثالث !! لأنه لم يكن غيرها في المنطقة ومن اعتقلوا كانوا في طريقهم إليها .
هذا ما حدث في مخيم التضامن، كما يشير الناشطون إلى أحداث متفرقة أثارت الشبهة لديهم تجاه الجبهة و جعلتهم يفقدون الثقة بها ، منها أنهم بعد أن أصدروا بيان بأنهم لم يقوموا بتفجير منطقة القزاز بدمشق ، كانوا يتباهون أمام أفراد الجيش الحر بقيامهم بالتفجير، كما أن الناشطين متأكدين من اعتقال 75 شخص من المخيم من قبل الأمن قد تمّ بكمائن من قبل أفراد الجبهة ، وكثرة الإعدامات الميدانية ومنها مصوّر وموثق أثارت حنق الناس وغضبهم ، ففي أحد المرات في الحجر الأسود أمسكوا برجل أصله من الجولان المحتل من قرية اسمها “بانياس”، وكل هم أفراد الجبهة أن هذا الرجل ” علوي” ويجب إعدامه ، واعترض أفراد الجيش الحر على ذلك أولا لأنه ليس علوي فعلاً ، وثانياً أنه حتى ولو كان “علوي” وليس شبيح فلا يمكن أن يتركوهم يقتلوه، إلا أن أفراد الجبهة لم يقتنعوا إلا أنه من “بانياس” الساحلية ، فهو علوي و وجب قتله !! ولولا تدخل سمير برناوي قائد كتيبة الأقصى ومن معه ودخولهم بمشادة مع الجبهة لقتل الرجل، ويقول الناشطون أن هذا ما تابعوه بأم أعينهم، وهناك الكثير مما سمعوا عنه ولم يروه، وإنّما كان أفراد الجبهة يتفاخرون ببطولاتهم هذه أمامهم ، كما ثبت لاحقاً أن عدد كبير من الشبيحة العراقيين المقيمين في منطقة جرمانا قد نزلوا إلى المخيم تحت اسم ” جبهة النصرة “، وأصبح هؤلاء يتفاخرون علناً بقتلهم لعدد كبير من أفراد الجيش الحر في مخيم التضامن، ولعل هذا ما قد يجد تفسيراً لحالات القنص التي طالت أفراد الجيش الحر ليلاً في شوارع المخيم، وهذا أيضا ما يؤكّده الناشطون عندما أشاروا منذ البداية أنّ بينهم كثر من الجنسية العراقية . كما أنّ الناشطين قد شهدوا بأم أعينهم حالات إعدام ومنهم من قام بتصويرها خلسة أو علناً حسب ما يتاح لهم ، لأنهم خلال جولاتهم على الجيش الحر لتصوير عملياتهم بعضهم كان يرفض ذلك بسبب وجود أفراد من الجبهة معهم . كما أرسل فيديو بثته قناة العربية منذ حوالي شهر مضى تقريباً لتحرير الجبهة لأحد حواجز مدينة دمشق كان واضحاً أن المقطع مصوّر نهاراً، ويبين وكأنه سيطرة أو اشتباك لسيطرة على الحاجز، وكان المقاتلين الذين ظهروا في الفيديو يرتدون ملابس بيضاء مرتبة وأنيقة ولم يظهر أحد من الجنود على الحاجز، وكان واضحاً أنه فارغ تماماً وكان واضح أيضاً أنّ إطلاق النار كان يتم من قبل طرف واحد ومن جهة واحدة، فقد سحب النظام جنوده من أجل تمثيل هذه العملية الوهمية وتصويرها !! . هذا ما يخصّ جبهة النصرة في أول ظهور لها وما تلاه من معارك في مخيم التضامن والحجر الأسود ، وهناك الكثير مما يقال عن منطقة الميدان بدمشق و درعا غيرها من مناطق . وتجدر الإشارة هنا أني شخصياً لا أتهم بالعمالة ولا أخوّن الكثير من الشباب السوريين الذين التحقوا بالجبهة دفاعاً عن أعراضهم ومناطقهم وحتى غير السوريين ممن يعتبرون قتال النظام السوري واجب تمليه عليه عقيدتهم ، و وجدوا فيها ما يناسب معتقداتهم ومرجعياتهم الدينية والفكرية ، ومنهم من التحق بها كونها توفر الدعم والسلاح ، وهؤلاء من المقاتلين الأشداء والمجاهدين الحقيقيين الذين يستبسلون في المعارك فعلاً ، لكن بين هؤلاء ومن خلفهم أيضاً توجد عناصر تقوم باختراق مواقع الجيش الحر، وتسيء إلى سمعته ، وتقوم بسلوكات غير مقبولة اجتماعياً في كثير من الأوساط حتى الأكثر محافظة دينياً منها ، إضافة إلى عملية الغدر وتسليم الأفراد للأمن والقيام بالإعدامات الميدانية، أو حرق مباني وملكيات عامة وخاصة وغيرها من سلوكات غريبة كالتدخل في حياة الناس وطريقة لباسهم وفرض نمط معين من اللباس على النساء كما حدث مع طالبات المدارس في بلدة طفس بدرعا، لذلك على الجيش الحر توضيح موقفه العلني من الجبهة ، وكشف حقيقتها ومن يقف وراءها ، وإعلان البراءة من تصرفاتها ، إضافة إلى غرابة أجنداتها التي لا تتفق مع أهداف الثورة السورية وتورط السوريين فيما لا ناقة لهم فيه ولا جمل، وما رفعها لأعلامها الخاصة وعدم رفع علم الثورة إلا خير دليل على ذلك ، فليست إلا حزب الله سوري يشبه حزب الله اللبناني بأعلامه ومرجعياته الفكرية ، وإن اختلفت التفاصيل وكان الطرفان عل نقيض ، لكنه نقيض يلتقي في العمق والجذور والمرجعيات العامة، ومثلما لم يعمل حزب الله يوما من أجل لبنان و وحدة أراضيه فلا تختلف الجبهة عن كونها لا تعمل ولن تعمل لوحدة سوريا وسلامة أراضيها لأن مشروعها المعلن الجهادي يتعدى ذلك بكثير، وهذا ما لا طاقة للسوريين به ولم يكن يوماً هدفاً من أهداف ثورتهم .
ملاحظة: جميع المعلومات الواردة أعلاه منقولة عن شهادات لناشطين ومدنيين كانوا موجودين ، ويخشون الكشف عن أسمائهم الآن حفاظاً على حياتهم وحياة عائلاتهم لأن البعض منهم تعرض فعلا للمضايقة من قبل أفراد الجبهة .