بيان صادر عن حزب العمال الثوري العربي لإدانة التفجير الإرهابي في دمشق

 

بيان صادر عن حزب العمال الثوري العربي

 لإدانة التفجير الإرهابي في دمشق

 

إننا سوريون

 

لمْ تُعطَ ثورةً صفاتٍ كالصفات التي خُلعت على الثورة السورية ، فمنذ 15/3/2011 وجَّه النظام للاحتجاجات المتعاظمة تهمة " إنهم أفراد فلسطينيون مرتبطون بمشاريع خارجية ". استعمل النظام ذلك بما أنهم الحلقة الأضعف في الربيع العربي، وبعض الدول تجمع على فكرة أنهم عسرةٌ تاريخية في استقرار المنطقة .

بدت تلك الفكرة هشةً منذ البداية ، وواجهها عاملان قويان جعلا منها أُضحوكةً عابرة : أولاً الأساس السوري لحركة الشارع ، وثانياً ذكاء وخبرة القيادات الفلسطينية في التعامل مع سلطة أذاقتهم المرَّ على مدى عقود ، وهم يعرفونها بحقيقتها لا بشعاراتها وإيديولوجيتها.

جاء بعدها " الكود " الصفة التي تغازل الغرب وتحك ظهره ، " صفة السلفية وبناء الإمارات المتعصبة الخارجة من بطن التاريخ " فضحك الشارع ، واستدرك النظام أن اختراع المعارك ضد الأوهام المخيفة هي لعبة الغرب ، ولا تنطلي عليه الألعاب التي يخترعها لغيره .

طبخ تهمة " العشائر المتخلفة المرتبطة بدول الخليج " التي تريد زعزعة الاستقرار ، وهي تهرِّب المخدرات والأسلحة وتخترق الحدود ، لكن هذه الفكرة لم تعشْ طويلاً ، فالشارع لم يرحم النظام ، والخط البياني للثورة تصاعد بحضور الأطفال والنساء ومراكز المدن والجوامع وطلاب الجامعات والمثقفين والفنانين ، ولم تترك الثورة فرصةً للنظام ليطور هذه الكذبة .

عندها رمى النظام أوراقاً متعددة علَّها تشتت فئات الشعب التي نزلت إلى الشوارع وتطهَّرت فيه ، ريثما يستجمع قواه ، فجاءتْ " الطائفية ، العصابات المسلحة ، الجعجعيون ، السعديون ، وجماعة بندر بن سلطان ومعهم الأتراك العثمانيون والسعوديون وعملاؤهم ".

استمر الشارع في لطم وجه النظام بتدفق شباب وشابات سوريين من كل النسيج المجتمعي حضاريين ومبتسمين ، يحدوهم الأمل والحلم بسورية الغد ، فخجل التاريخ من طريقة الزج بهم في السجون وتعذيبهم ، وخجل الموت من طريقة استشهادهم وتشيعهم وزفهم إلى القبور.

أحس النظام أن الوقت يتسارع ، والحلقة تضيق ، واختزل الدولة إلى مجرد سلطة عارية ومتغولة ، فرمى " الجواكر " المجربة في لعبته مع الدول مدركاً ، أن وجوده مرتبط بدوره الإقليمي في حماية المصالح الغربية ، وهي أبعد ما تكون عما يريده السوريون وجذرية ثورتهم :" الإرهاب والقاعدة " و" أمن إسرائيل من أمن سورية "، نحن حراسٌ لكم ، نحميكم من كوابيسكم ، نريدكم و نحارب الشر المختبئ والمترصد لكم وراء العمامة واللحية ، فدعونا نراقب ونحارب عنكم المردة ..

لم تنطلِ هذه الأسطوانة على الغرب وعلى أمريكا فهما يمتلكان براءة اختراعها ، فالتاريخ حسب قول ماركس يأتي بالحدث أول مرة كـ تراجيديا " مأساة "، لكن إذا أُريد الحادثة مرة ثانية فإن التاريخ يقدمها لنا كـ " كوميديا " ملهاة .

اكتشف النظام مُتأخراً أن معظم دول العالم تركته لمصيره المحتوم ، وأدرك أن نجاح اللعبة على الأرض ستسمح له بلعبها على الورق ، وهو قد أعدَّ وجهز نفسه لهذه اللعبة منذ زمن بعيد ، فأخرج من السجون المجرمين وجعلهم " زعماء " أزقة وشبيحة ولجان قرى وأحياء ، وكلف الجيش بمهام مواجهة الشعب الأعزل ، زاعماً مواجهة مؤامرة كونية وعصابات مسلحة مدعومة خارجياً ، وهو الذي خلق الجيش الحر الوطني ، وحرَّض على العسكرة واللعب بوحدة المجتمع ، وأريد للسوري أن يكون مشروع قاتل أو مقتول ومسلح وطائفي ، وغدت المدن والبلدات أهدافاً لقصف الأسلحة الثقيلة عن بعد ومشروع خرائب تُنهب في وضح النهار وينعق بها البوم ، وأصبحت تكلفة الحفاظ على النظام ثقيلةً وكبيرة جداً، واغتيلت قيم المجتمع وأخلاقه .

 

إن كافة أطياف المعارضة السورية نددت بتفجيرات القزازين بدمشق في 9/5 /2012 التي اتهم بها النظام جماعات إرهابية ، وقال العقل الجمعي السوري كلمته ، وقال الشارع هو الآخر كلمته : ثورتنا سلمية ، إننا ضد القتل ، لسنا طائفيين ولسنا متآمرين، إننا سوريون وحسب ، وتلك الصفة الوحيدة التي تجنبها النظام ، إننا ننتمي لحلم وطن جزأتموه وقطعتم أوصاله بالدبابات والقناصة والحواجز، لتقطعوا الطريق على الحرية والكرامة والدولة المدنية الديمقراطية .

لقد تناسى النظام السوري أن التاريخ وتوازنات الدول ظاهره أيديولوجي وباطنها مصالح وميزان قوى، وما بناه داخلياً وخارجياً انتهت صلاحيته منذ عقود ، ولم يعد يصلح لهذا العصر .

ارحلوا ، ودعونا بسلام نزيل ما ألحقتموه بسورية الوطن والشعب .

دمشق 15/4/2012

القيادة المركزية

لحزب العمال الثوري العربي