“طوبى لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يدعون”
السيد المسيح
فجأة وبدون مقدمات تقدم البابا بانديكوس السادس عشر باستقالته من المنصب
البابوي. استقالة لم تعرفها الكنيسة منذ قرون عديدة من الزمن. سبقت الفترة الزمنية للانتخاب، وكأن هناك صراع مع الوقت لكي ينتخب بابا جديدا قبل فترة الالآم وهي الفترة التي قامت عليها كل المسيحية.
دخل كرادلة الفاتيكان مجمع الكورية، او المجمع الانتخابي، ليعلن في اليوم الثاني والدورة الرابعة عن انتخاب بابا جديدا، وهو الكاردينال الارجنتيني خورخيه برغوليو، الكاردينال اليسوعي، وهو البابا 266 في سلم البابوية متخذا اسم فرنسيس الاول شفيع الفقراء، كانه باختياره هذا يعلن للجميع عودة الكنيسة الى الفقراء.
سيرته كيسوعي سيرة عطرة، فعندما استلم ابرشية بيونيس ايرس باع قصر الابرشية ووضع قيمته في صندوق الفقراء وكذلك سيارة الليموزين، ليسكن في شقة متواضعة ويركب حافلات التنقل العامة، وقد شوهد كل الكرادلة في حافلة في يوم صلاته الاول في احدى كنائس الفاتيكان.
متواضع هو، فهو يبارك المؤمنين مباشرة بدون قيود ومراسم، وبلا حواجز، واول من بارك كانوا رجال الاعلام الذي مازحهم رغم ان البعض منهم حاول الاساءة اليه فور انتخابه. مذيبا بذلك جدار الجليد الذي كان يبنيه البابوات بينهم وبين الناس.
اسبوع واحد يفصل العالم المسيحي الغربي عن اسبوع جلجلة السيد المسيح، وفي هذا الاسبوع سيتسلم البابا فرنسيس الاول سلطة مار بطرس، الذي قال عنه السيد المسيح” انت هو الصخرة وعلى هذه الصخرة أبني بيعتي…” والبيعة بالطبع ليست أربعة جدران وسقف بل هي مجموع المؤمنين.
أن أختيار انتخاب هذه البابا في هذه الفترة بالذات كانه ايحاء الهي بان من سيكون في السدة البابوية سيحمل صليبه ويمشي مع السيد المسيح في طريق الجلجلة، حيث هو طريق الالآم والعذاب والدفاع عن المظلومين وحماية الفقراء منهم.
في اواخر خمسينات القرن المنصرم انتخب الكاردينال رونكلي، بابا باسم يوحنا الثالث والعشرين، ومنذ يوم انتخابه الاول خرج ايضا من الفاتيكان ليزور المرضى والمساجين، مسجلا بذلك مبادرة لم يعرفها البابوات منذ قرون. بقي يوحنا الثالث والعشرين اربعة اعوام سابقا بذلك الزمن ليعلن عن مجمع مسكوني يحدث الكنيسة، ليأتي بعده بولص السادس ليكمل طريق الاصلاح.
اليوم تعيش الكنيسة الكاثوليكية أزمة فعلية، وعلينا ان لا نكون كالنعامة، لا نخفي الحقيقة المرة بل علينا ان نقولها بصراحة مطلقة ونحاول مع قداسته، اكتشاف مكامن الخطأ حتى نستطيع ان نعيد الى الكنيسة صفاءها الاول عند بداية التبشير بالمسيحية.
كانت دوائر الفاتيكان مغلقة في وجه الفقراء، وهي سلطة سياسية تقرب من تريد من قداسته وتبعد من تشعر بانه قربه من البابا سيكون خطرا على سلطتها، ومن هنا على قداسة البابا، الراهب اليسوعي، فرنسيس الاول ان يتجاوز البروتوكلات التي تبعده عن الفقراء والناس البسطاء.
قداسته، وهو الآتي من العالم المتأخر يعرف اين تكمن ازمة الكنيسة، وهنا لابد ان نذكر بأن البابا بولص السادس كان له رسالة ” حول توزيع الثروات في البلدان المتأخرة” حيث دعى الى اعادة توزيع الثروات وخاصة في امريكا اللاتينية، التي ينتمي اليها البابا الحالي، والذي سيسعي لمحاربة الفقر والظلم والجوع والاضطهاد.
اما نحن في الشرق المسيحي الذي يعيش معركة هامة ضد الظلم والطغيان، علينا ان نذكر قداسته وعبر الكهنة المناضليين بأن مسيحيي الشرق ان ارادوا لهم ان يبقوا عليهم ان يصلحوا السلطة الكنسية الفاسدة في الشرق.
يوم عقد سيندوس الكنائس الشرقية في الفاتيكان، وبعد ان رتب كرادلة الفاتيكان بطاركة من اصدقائهم قبضوا ثمن تعيينهم بطاركة، وليس انتخابهم، وجه الاب الصديق بيار مصري رسالة مفتوحة الى قداسة البابا، دعى فيها الى ردف السيندوس هذا بالعلمانيين الذين يفهمون بالمسيحية اكثر من كل السلطة الكنسية. يومها وجه كلمته الى قداسة البابا بانكم تدعون الى مجمع كنسي لمسيحيي الشرق والمدعوون هم سبب بلاء الكنيسة وازمتها حيث يقدمون مصالحهم المالية والسياسية والجنسية على مصلحة الكنيسة.
اليوم يتسلم قداسته، وهو الاتي من ذات المدرسة التي اتى منها الاب باولو اليسوعي، بأن ندعوه ان يناصر الحق في سورية، حيث يد الظلم والطغيان تقتل الاطفال وتشرد العائلات وتدمر المدن ويجوع الناس. على قداسته توبيخ كل رجل دين يقف مع الظالم ضد المظلوم، وعليه ان يذكرهم السيد المسيح كان دائما يبشر بالحق.
نعم “طوبى لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يدعون”، وانا كلي اعتقادا بان قداسته هو من صانعي السلام وهو من ابناء الله.