بعد أن اهتز البنيان السوري بكافة أركانه: السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، العسكرية، والثقافية بعد منتصف آذار 2011. مما ينبئ عن خلل بنيوي في وعي السلطة والنخبة السياسية على السواء، مضافا إليه، تحليل خاطئ في تحليل الواقع وتداعياته، وبعد أن وضعت الثورة السورية، كافة أطياف المجتمع السوري: أديان ومذاهب طوائف، أحزاب وتجمعات وتيارات، قوميات وأثنيات وقبائل، أمام مأزق تاريخي قل نظيره في العصر الحديث.
وبعد أن استبيحت المحرمات، وتجاوز الجميع الخطوط الحمراء، ووجد المواطن نفسه أمام خيارات صعبة: سلطة استبدادية تنتمي إلى ما قبل القرون الوسطى، وأطياف من الطبقة السياسية على مختلف توجهاتها انحدرت إلى حضيض الوعي ، أمام هذا كله، نسأل أنفسنا ذلك السؤال التاريخي الذي طرح في بداية القرن الماضي :
ما العمل ؟؟؟
إنني اعتقد أن الحاجة أصبحت ملحة لإعادة بناء الوعي المطابق للواقع، ومراجعة، هي محاكاة للذات أكثر منها صراخ أيدلوجي و”زعبرة ” سياسية، للوقائع والمخزون الثقافي والفكري، والذي نمى في فترات هامة من تاريخ سورية، ولكنه كان قاصرا عن استشراف المستقبل وفهم الصيرورة التاريخية التي وصلنا إليها .
ولإعادة بناء الوعي، لابد من ” فصفصفة ” الكل للوصول إلى بناء الأجزاء كل على حدة، ثم إعادة لحمها من جديد لتكون النسيج المنسجم .
لا يشغل بالي مطلقا الشعارات الكبيرة التي انضوينا تحتها نحن وكل الحركات الوطنية والتقدمية والثورية وغيرها من تسميات القرن الماضي، ولا يشغل بالي ألبته إعادة إحياء أشكال من التفكير وأنماط من التحليل والتركيب أوصلتنا إلى المأزق الراهن.
إنني أعتقد أن الشعار الذي انطلقت منه مقولات متعددة (وهي صحيحة): بناء الدولة المدنية الديمقراطية التعددية حيث يتم تداول السلطة , والمواطنون كافة متساوون في الحقوق والواجبات على مختلف قومياتهم ودياناتهم وطوائفهم وقبائلهم وعشائرهم وأجناسهم.
هذا الشعار بحاجة إلى خلق الوعي المطابق حوله وتجزئة أقسامه وجمله وحروفه وإعطاء كل منها الحاضنة الفكرية المناسبة .
لذا فأنني أعتقد أن المحاور التي يمكن أن ننطلق منها :
1 – الدولة المدنية التي نرجوها: مدلولاتها، تعريفها والأسباب الموجبة لها .
2 – الديمقراطية : مدلولاتها، تعريفها والأسباب الموجبة لها .
3 – المواطنة والنسيج الاجتماعي السوري: تعريفها وحدودها وكيف يمكن للنسيج أن يكون متينا .
4 – الأقليات القومية والدينية والمذهبية: هل هي من خارج التكوين السوري؟ هل هي طارئة أم أنها من صلب التكوينات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لسورية ؟
5 – الدولة والدين : الدولة شأن عام والدين شأن خاص
6 – المؤسسات القانونية والثقافية والسياسية: هل هي مجرد رغبة شخص أو أشخاص أم هي تعبير عن الحاجة، وكيف تصبح تلك المؤسسات جزء من شخصية المواطن اليومية ؟
7 – اندياح الوعي في ثنايا المجتمع: وكيف للنخبة السياسية التي يمكن لها أن تتناول النقاط السابقة أن توصل جزء أساسي من الوعي إلى مختلف ثنايا المجتمع.
1 / 10 / 2013