توطئة
بعد سقوط نظام البعث في سوريا، بدأت مرحلة جديدة من الانتقال السياسي. ومع تولي أحمد الشرع قيادة هيئة تحرير الشام وتحوله إلى شخصية سياسية، تثار تساؤلات حول طبيعة النظام السياسي الذي يسعى إلى بنائه. هل سيتمكن من تجنب أخطاء النظام السابق القائم على حكم حزب واحد وطائفة واحدة؟ أم سيشهد التاريخ السوري تكراراً لنفس السيناريو؟
شخصية الشرع المُتَحوّرة
يشكل أحمد الشرع اليوم شخصية محورية في المشهد السياسي السوري. بعد أن تخلى عن جبَّة الجهاد السوداء، حاول تقديم نفسه كسياسي معتدل يسعى إلى الديمقراطية والحرية. إلا أن اختياره لأعضاء الهيئة الانتقالية من قيادات عسكرية ودينية تابعة له يثير مخاوف من تكرار تجربة نظام الأسد القائم على الاستبداد والتركيز على السلطة بدلاً من خدمة الشعب.
لقد شهدنا كيف أن نظام البعث استخدم الدين والطائفية كأداة للسيطرة على المجتمع السوري. اليوم، هناك مخاوف من أن يتبع أحمد الشرع نفس النهج، خاصة وأن هيئة تحرير الشام لها تاريخ طويل في تطبيق تفسيرها المتشدد للإسلام.
السؤال المطروح: هل يمكن بناء دولة ديمقراطية في سوريا على أساس حكم فرد أو حزب واحد؟ أم أن ذلك يتطلب تعددية حقيقية واحترام حقوق الإنسان؟
السؤال المطروح: الآن حول مستقبل سوريا هو سؤال جوهري يتعلق بجوهر النظام السياسي الذي سيتم بناؤه. هل سيتم الاستمرار في نهج الحكم الفردي أو حكم الحزب الواحد، وهو نهج ثبت فشله وأدى إلى الدمار الذي شهدته سوريا؟ أم أن هناك إرادة حقيقية لبناء دولة ديمقراطية تعتمد على التعددية السياسية واحترام حقوق الإنسان؟
تاريخياً، أثبتت الأنظمة التي تعتمد على حكم فرد أو حزب واحد أنها عاجزة عن تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية. هذه الأنظمة غالباً ما تسقط في فخ الفساد والاستبداد، حيث تقمع الحريات وتنكل المعارضة.
التاريخ السوري الحديث يشهد على ذلك جلياً، حيث أدى نظام البعث الحاكم إلى تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين، واندلاع حرب أهلية طاحنة دمرت البلاد.
بديل عن هذه الأنظمة المستبدة، توجد الديمقراطية التي تعتمد على التعددية السياسية واحترام حقوق الإنسان، حيث تتنافس الأحزاب السياسية بحرية على السلطة، ويشارك المواطنون في صنع القرار.
الديمقراطية تضمن الحريات الأساسية كحرية التعبير وحرية التجمع وحرية الصحافة، وتضمن أيضاً العدالة الاجتماعية وتوزيع عادل للثروة.
تعافي سوريا هو بناء دولة مدنية ديمقراطية يا أحمد!
- صياغة دستور ديمقراطي يكفل الحريات الأساسية ويضمن فصل السلطات والاستقلال القضائي.
- إجراء انتخابات حرة ونزيهة تسمح بتنافس الأحزاب السياسية بحرية.
- بناء مؤسسات دولة قوية مستقلة عن الأحزاب السياسية.
- مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة.
- احترام حقوق الأقليات وتوفير بيئة آمنة لجميع المواطنين.
- بناء مجتمع مدني قوي يلعب دوراً فعالاً في الرقابة على السلطة وحماية حقوق المواطنين.
إن التحديات التي تواجه بناء دولة ديمقراطية في سوريا كبيرة ومتعددة، ولكنها ليست مستحيلة. يتطلب ذلك إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف، وحواراً وطنياً شاملاً، وبناء الثقة بين مختلف مكونات المجتمع السوري.
بناء دولة ديمقراطية في سوريا هو الضمان الوحيد لتحقيق الاستقرار والازدهار والعدالة الاجتماعية. يجب على جميع الأطراف السورية أن تعمل معاً لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
إن بناء دولة ديمقراطية في سوريا يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف، سواء كانت سورية أو دولية. ويتحقق ذلك في:
1. دور المجتمع الدولي:
إن دور المجتمع الدولي في دعم عملية الانتقال الديمقراطي في سوريا لا يقل أهمية عن دور الأطراف السورية نفسها. يتعين على المجتمع الدولي أن يوفر بيئة دولية داعمة لعملية الانتقال، وأن يضغط على الأطراف الفاعلة في الصراع السوري للالتزام بالحل السياسي، وأن يقدم المساعدة اللازمة لبناء المؤسسات الديمقراطية.”
2. أهمية المصالحة الوطنية:
إن المصالحة الوطنية هي شرط أساسي لبناء سوريا جديدة. يجب على السوريين أن يتجاوزوا الانقسامات الطائفية والعرقية والمذهبية، وأن يعملوا معاً لبناء مستقبل مشترك. المصالحة الوطنية تتطلب الاعتراف بمعاناة جميع الضحايا، وبناء ثقافة التسامح والتعايش، وتعزيز دور المؤسسات الدينية في نشر قيم السلام والتسامح.”
3. دور المرأة والشباب:
إن المرأة والشباب هما عماد المستقبل في سوريا. لذلك يجب الاستثمار في قدراتهم وتأهيلهم ليكونوا قادة الغد. يجب أن يتم إشراك المرأة والشباب في جميع مراحل عملية الانتقال، وأن يتم ضمان تمثيلهم العادل في المؤسسات الحكومية والبرلمان.”
الخاتمة:
إن بناء سوريا الجديدة يتطلب رؤية واضحة ورغبة حقيقية في التغيير. يجب على أحمد الشرع وجميع القوى السياسية السورية أن يتعلموا من أخطاء الماضي وأن يعملوا معاً لبناء دولة مبنية على العدالة والمساواة واحترام الكرامة الإنسانية. يجب أن تكون الهيئة الانتقالية نموذجاً يحتذى به في التعددية والشفافية، وأن تعمل على بناء الثقة بين جميع مكونات الشعب السوري.