كتاب “نادر” عن المفكر السوري الياس مرقص يصدر عن المركز العربي للأبحاث

 

كتاب "نادر" عن المفكر السوري الياس مرقص يصدر عن المركز العربي للأبحاث

ربطني بالياس مرقص وياسين الحافظ رفاقية فكر ومعرفة ومع ياسين تنظيم، فلقد كانا بالنسبة لي منارة فكرية استنرت بها والعديد من الشباب العربي في النصف الثاني من القرن المنصرم، القرن العشرين. مهما تحدثنا عن التؤامين الفكريين، الياس مرقص وياسين الحافظ، فلن نفيهما حقهما. ولقد أغفل كتاب المقال بأن الياس مرقص كان يرأس تحرير مجلة "الواقع"التي أصدرها حزب العمال الثوري العربي، وتوقفت مع الاجتياع الاسرائيلي الى بيروت حيث ترك الياس مرقص بيروت بلا رجعة. رحل الياس مرقص ولكن فكره وأثره في الفكر العربي المعاصر باق ٍ. الياس مرقص عقبري يتفقد في مثل هذه الايام حيث المخاض الذي سيولد منطقة جديدة رغم صعوبة الولادة.

 

 

الياس مرقص

الياس مرقص

صدر حديثًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب بعنوان: "الياس مرقص: حوارات غير منشورة"، ويقع الكتاب الذي قدم له الكاتب صقر أبو فخر في 383 صفحةً من القطع الكبير.

     تكمن أهمية هذا الكتاب في أنه يعيد القارئ إلى أجواء السجالات الفكريَّة والسياسية العاصفة التي شهدتها المنطقة العربية في حقبة التحولات الكبرى بين السَّنتين 1955 و1975، وكانت قضايا الوحدة العربية، والعدالة الاجتماعية، والديمقراطية، وتحرير فلسطين، والتقدم والنهضة، وغيرها، هي القضايا العربية المصيرية آنذاك.

    لذلك من المتوقع أن يكون صدوره حدثا ثقافيّا مهمّا، وخصوصا بالنسبة إلى من عاصروا حقبة التألق الفكريِّ والثقافيِّ والأدبيِّ في البلاد العربية.

    وهذا الكتاب حوار مُطوَّل مع المفكر السوري الياس مرقص، وهو أحد المثقفين العرب الذين لمعت أسماؤهم في ستينيَّات القرن العشرين وسبعينيَّاته. ولقد كانت مساهمة ابن مدينة الابجدية الأولى "اللاذقية" مهمَّة في الفكر النقديّ العربيّ عمومًا، وفي الفكر الاشتراكيِّ خصوصا.

    وكان طلال نعمة قد أجرى حوارا طويلًا معه قبل عشرين سنةً، وبقيَ ذلك الحوار حبيس الأدراج طوال هذه المدة.

    وقد رغب المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في أن يخرج هذا الحوار على الناس لأهميته أولاً، وعرفاناً للقيمة الفكريّة لصاحبه ثانياً.

    يتألف الكتاب من قسمين؛ فالقسم الأول منهما، لا يتناول سيرة الياس مرقص من جهة أنها سيرة ذاتية، بل بوصفها سيرةً موضوعيةً وتاريخيةً تروي محطات حياته في سياق التطوّرات والتغيّرات التي شهدتها سوريا وبعض الدول العربية، ابتداءً من خمسينيَّات القرن العشرين. وأمَّا القسم الثاني فهو مجموعة من المطارحات الفكريَّة والنقديَّة والسجاليَّة في ميادين الإبستيمولوجيا، والوضعيَّة، والميتافيزيقا، والشيوعية، والديمقراطية، والدولة، وماركس، ولينين، وغارودي، والثورة، علاوةً على الدين، والفكر الديني، ولاهوت التقدم، وكذلك الإسلام، واللغة، والأمة، والفلسفة، والحرية، والعبودية، وغيرها. ويختم الكتاب أطروحاته بحديث مُسهب عن الانحطاط، والنهضة، والعثمانيين، وجمال عبد الناصر، وعن موضوعات أخرى؛ مثل البيريسترويكا، وأميركا، والخليج العربي. وهذا الكتاب ليس استعادةً لآراء الياس مرقص وأفكاره وسجالاته التي شاخ بعضها من جرَّاء الزمن وانقلاب الأحوال فحسب، بل هو استعادة متجددة لطرائق التفكير والحدس الذكي والرؤية الثاقبة التي كان يتمتع بها الياس مرقص؛ فتلك الطرائق جعلته يتوصل إلى استنتاجات مهمة تبدو اليوم معاصرةً، وبنت اللّحظة، وهنا بالتحديد نعثر على القيمة الخاصة بمثل هذا الحوار؛ إذ تشيع فيه روح التجدّد، إضافةً إلى التألّق الفكري وبُعد النظر ومستقبلية التفكير؛ ما يمنح هذا الكتاب نكهةً خاصةً، يتمازج فيها التاريخي والراهن.

    جدير بالذكر أن المفكر الياس مرقص ينحدر من أسرة معلمين من مدينة اللاذقية في سوريا. حصل على البكالوريا (القسم الأول العلمي في عام 1945) من مدرسة الفرير و(القسم الثاني: فرع الفلسفة في عام 1946)، وعلى شهادة مرشح في العلوم الاجتماعية وإجازة في العلوم البيداغوجية (التربوية التعليمية) في عام 1952 من جامعة بروكسل الحرة. مارس الياس مرقص التعليم (فلسفة) غالبية عمره (1952 ـ 1979)، وخلال خدمته العسكرية الالزامية تعرف الياس مرقص على ياسين الحافظ

ياسين الحافظ

ياسين الحافظ

والذي سيترك اثرا دائما في حياة الرجلين، حيث سيتعرف ياسين الحافظ من خلال مرقص على الماركسية. بدأت علاقة الياس مرقص بالحزب الشيوعي السوري خلال دراسته في بلجيكا، واستمرت بعد عودته إلى سوريا حتى 1956 حيث تم طرده لمطالبته بالديمقراطية الحزبية وآراؤه المتعلقة بالماركسية السوفيتية (الستالينية)، وقد عبأت قيادة الحزب وقتها الأعضاء عليه متهمة إياه بالعمالة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية ووصل الحال إلى أنه تعرض للضرب والإيذاء الجسدي.

     وساهم في إنشاء مجلة الوحدة الشهرية التي صدرت عن المجلس القومي للثقافة العربية في باريس 1984. بالإضافة إلى تأليفه العديد من المؤلفات المتعلقة بالماركسية العربية كما بنقد الفكر القومي العربي، يضاف اليها عمله في الترجمة، حيث قام بترجمة العديد من الكتب من الفرنسية إلى العربية مع مقدمة مطولة منه، وهي التي عادت ما كانت توازي في أهميتها الكتاب المترجم نفسه.