الداعشية صدى طائفية نظامي دمشق وبغداد بهنان يامين

 

الداعشية صدى طائفية نظامي دمشق وبغداد

                                                        بهنان يامين

     بهنان يامين جديدةكالعاصفة التسونامية تفجرت أفواج دولة الاسلام في العراق والشام في منتصف عام 2013، في سورية وذلك في المناطق التي كان من المفترض ان يسيطر عليها الجيش الحر، ولكن داعش احتلت مناطق ريف حلب، منبج والباب وبعض اطراف حلب، لتتمدد الى محافظات الجزيرة (الرقة – دير الزور – الحسكة) لتعلن من الرقة قيام الدول الاسلامية في تلك المناطق.

    تراجع النظام الطائفي امام داعش مسلماً اياها بطريقة مشبوهة كل مؤسسات الدولة السورية في تلك المناطق وخاصة مدينة الرقة حيث عاثت في المدينة، الاسلاموية السياسية، معلنيين عن مشروعهم لقيام الدولة الاسلامية في العراق والشام. مارست داعش في المناطق التي احتلتها  التطرف الاسلاموي خاصة ضد القوى الديموقراطية.   

    منذ اشهر قليلة تحركت داعش في العراق، لتدخل معركة الانبار ضد نظام المالكي، لتفاجئ الجميع في الاسبوع المنصرم، باجتياح كل المحافظات ذات الاغلبية السنية، من نينوى وعاصمتها الموصل، ومحافظة صلاح الدين وعاصمتها كركوك ومحافظة ديالا وصولا الى تكريت، مهددة العاصمة العراقية بغداد والمراقد الشيعية في سامراء وكربلاء والنجف، مطلقة التهديدات ذات الطابع المذهبي المعادي للمذهب الشيعي الذي ينتمي اليه رئيس النظام العراقي نوري المالكي.

    تمتاز داعش بتقنعها، سواء في سورية او في العراق، مما اطلق موجة من التكهنات بأن معظم قيادتها هي من الضباط والجنود في الحرس الجمهوري لكلا النظامين الطائفيين في دمشق وبغداد، والمرتهنين للدولة الاسلامية الايرانية في طهران، ذات المطامع الامبرطورية الفارسية، وما سيطرتهما على الارض، ولا نقول انتصاراهما في سورية والعراق، الا ليؤكد هذه الاتهامات، خاصة كون الخلايا الاولى لداعش في سورية كانت من مساجين سجن ابو غريب السيء السمعة، ليردفها في سورية، بقايا السجناء الاسلامويين، والذين اطلقهم النظام الاسدي، مع العديد من المجرمين، لتكوين جيش داعش.

    السؤال الذي يطرح نفسه، في كل من سورية والعراق، من اين لداعش كل هذه القوة ليهزم جيشي البلدين؟ وما صحة كون داعش تقاتل مع الحراك الثوري في سورية، ومع العشائر في العراق؟

   بالنسبة لسورية، فلقد تكشف بأن داعش هي معادية للثورة السورية، وتقاتلها، وتنهزم امام كتائب الجيش الحر في كل من حلب والريف الحلبي وكذلك في دير الزور والحسكة وبعض مناطق الرقة. ولقد كان النظام الطائفي في سورية أكثر المستفيدين من تواجدها على الارض، واكثر المتضررين كانت الثورة السورية، حيث ان تواجدها في ارض القتال فرمل المساعدات العسكرية واللوجستية للجيش الحر.

    اما في العراق فلم تتبلور حتى الآن فيما اذا كانت داعش هي مع مقاتلي العشائر، ام هي ضدهم، وقد تمر فترة قبل ان تتكشف ماهية هذا الارتباط، ولكن مما لا شك فيه ان ردة فعل نظام بغداد، ونظام طهران، وتجيشش الطائفة الشيعية تشير الا ان داعش تلعب لعبة النظام.

   داعش والمنظمات الاسلاموية المتطرفة، هما افراز طبيعي للمارسات الطائفية للانظمة البعثية التي تحكمت في كل من سورية والعراق، فبالبعث العراقي مارس الطائفية السياسية في العراق، ضد الطائفة الشيعية، والممارسة العنصرية ضد الاكراد. وبعد أن انهزم هذا النظام في حروبه الخليجية الثلاث، اوصل العراق الى وضع تقسيمي على اساس طائفي وعنصري.

   مارس النظام البعثي السوري ايضا الطائفية المذهبية والعنصرية، حيث مارس نظام الاسد الاب والابن والمنتمي، الى الاقلية من الطائفة العلوية، ليحكما سورية باسمها، لمدة ما يقارب النصف قرن. ومع الطائفية البغيضة، والبعيدة عن النسيج السوري، مارس هذا النظام باسم القومية العربية، سياسة عنصرية ضد الشعوب الأخرى المكونة للشعب السوري من كورد وسريان واشوريين وتركمان، محاولين تمزيق النسيج السوري الى مذاهب وطوائف، ليأتي ارتهان نظام بشار الاسد لايران، ليقود الى ردة فعل مضادة ادت الى تأخر الثورة السورية عن الانتصار.

   غزت الولايات المتحدة الامريكية العراق، باسم الديموقراطية والدولة المدنية، ومع اسقاط النظام الديكتاتوري الصدامي، تكون نظاماً طائفياً غير ديموقراطي، حيث أحكمت القوى المذهبية والتنظيمات الدينية والعشائرية سيطرتها على مقاليد الحكم على حساب القوى الديموقراطية وقيام الاحزاب السياسية، لان كلا النظامين البائد والحالي كانت انظمة متأخرة ولا عقلانية.

   في غياب الوعي السياسي والديموقراطي والعقلانية السياسية، فمن الطبيعي ومن المتوقع ان تفرز هذه الانظمة الطائفية والشوفينية والعنصرية، بنية سياسية مضادة، طائفية، عشائرية متطرفة لا بل أكثر من ذلك بنية متأخرة ولا عقلانية، لان التصحر السياسي الذي شهدته المنطقة كان على حساب القوى الديموقراطية الطامحة الى بناء الدولة المدنية الديموقراطية. وما الداعشية الا صدى لهذه الممارسات من قبل نظامي دمشق وبغداد الطائفيين.