بمناسبة مرور الجلجلة الخامسة للشعب السوري ألسيد المسيح لتلاميذه لا تخافوا … فانا معكم بهنان يامين

بمناسبة مرور الجلجلة الخامسة للشعب السوري ألسيد المسيح لتلاميذه

لا تخافوا … فانا معكم

بهنان يامين

 بهنان يامين جديدة   "لا تخافوا… فانا معكم" بهذه الكلمات اوصى السيد المسيح تلاميذه ان لا يخافوا من التجارب، والمصاعب، ومقارعة الشر، والوقوف مع الحق ضد الباطل، وذلك لانه معهم ينير دربهم ويساعدهم على تحمل المصاعب. يحتفل المسيحيون في مثل هذه الايام بذكرى آلام السيد المسيح، وسورية اليوم وهي موطنه تمر بجلجة خامسة، في مواجهة نظام استبدادي، قمعي وارهابي.

   فأين مسيحيو اليوم في مشرق الارض، وبالتحديد في الارض السورية، من كلام السيد المسيح " لا تخافوا … فانا معكم" ؟ الحقيقة المرة بأن قلة قليلة من المسيحيين يعملون بوصية المسيح ولم يخافوا، وهؤلاء القلة هم المسيحيون الحقيقيون لانهم يعملون بوصية السيد المسيح وايمانه بالوقوف مع الحق ومقارعة الباطل، وموقفهم هذا ناجم عن تنفيذ وصايا السيد المسيح الذي أكد على أهمية إحقاق الحق، حيث كان يبدأ اغلب مواعظه بقوله "الحق، الحق، أقول لكم". هذه القلة التي تقف اليوم مع حقوق الشعب السوري، الثائر من أجل كرامته وحريته، وهي مؤمنة بأن نضالها الى جانب شركائها في الوطن، هو اهتداء بوصايا السيد المسيح التي تدعوا الى تحقيق انسانية الانسان في التحرر من العبودية والاستبداد، وهو ما يمثله اليوم في سورية وجهي العملة الواحدة، النظام الطاغي وحلفاؤه وارهابهم، والقوى التكفيرية، المستبدة ايضاً بالشعب السوري، وهذه القوى هي في الحقيقة افراز للانظمة الطائفية التي في الوجه الآخر.

   اما القسم الاكبر من بقية مسيحيي الشرق فهم خائفون من الوقوف مع الحق في مواجهة الباطل، فالارهاب الذي مارسته السلطة السياسية طيلة نصف قرن من حكم البعث، أرعبهم الا درجة لم يعودوا يسمعون، ويعون كلام السيد المسيح الذي بشر به تلاميذه الخائفين في بداية الحدث الجلجلي (نسبة الى الجلجلة) ، ولكنهم عادوا وتغلبوا على خوفهم بعد قيامة السيد المسيح من بين الاموات، حيث انطلقوا وهم القلة القليلة التي أخذت تدعوا للمسيحية غير أبهين بالموت المرعب الذي فرضته السلطات الاستبدادية المدنية بالتشارك مع السلطات الدينية التي ساهمة في صلب السيد المسيح.

   هل يلام هؤلاء الخائفون على خوفهم؟ بالطبع يلامون، لانهم كان عليهم التحرر من السلطات الكنسية، التي عوضاً عن ان تزرع في قلوبهم الشجاعة للمساهمة في الوقوف مع الجانب المضيء للحق، دفعتهم الى الاحتماء بالنظام الاستبدادي، وهي المقولة التي ثبت عدم صدقيتها.

   تتحمل السلطات الكنسية الخائفة على مصالحها، وزر الخوف الذي يعانيه الكثير من المسيحيين، فلقد وقفت السلطات الكنسية، باستثناء القلة القليلة منهم، الى جانب السلطة الارهابية للنظام الاسدي، فلقد هادن هؤلاء طيلة نصف قرن من الزمن النظام السياسي الاستبدادي، الذي الغى حقوق المواطنين، واكتفى منهم بالواجبات المبالغة فيها، الا حد تحول المواطنون الى عبيد ورعاع. وعوضاً ان تقوم السلطات الدينية هذه للتصدي لمنع الغاء الحريات العامة، نراها تدعوا للسلطات المستبدة من على منابرها. السلطة الكنسية منعت بشكل مباشر او غير مباشر اتباعها من العمل السياسي، لا بل اكثر من ذلك، فلقد كانت تنظر للمسيحيين المسيسين نظرة ريبة، ولم تكن لديها الشجاعة للدفاع عنهم عند اعتقالهم.

الاب فرانس

  

    

 

     على المسيحي الحقيقي ان لا يخاف، وان يأخذ نموذجا للمسيحي الحقيقي، الأباء من امثال الأب اليسوعي الشهيد فرانس، الذي يصادف يوم السابع من نيسان الذكرى الاول لاستشهاده، الذي لم يتخل عن واجبه كمسيحي، فكما شارك شعب حمص افراحهم، فلم يرحل ويهرب من حمص القديمة، وشاركهم جوعهم، وعطشهم، وعذاب الحصار الذي فرضه الطغاة على حمص الثائرة، ليستشهد على الارض السورية مخضباً اياها بدمه الطاهر.

 

   الاب  باولو 2

 

 

 

 

 

 

   

 

 

    نموذج أخر للمسيحي غير الخائف هو الأب اليسوعي باولو داليليو، الذي كان مسيحياً حقيقياً، ولم يخاف عن قول كلمة الحق وجابه داعش، ومن وراء داعش، الا ان اسر على يد الاخيرة. الاب باولو لم يعرف الخوف لا في مواجهة النظام الاستبداي، ولا في مقارعة داعش.

 

يوحنا ابراهيم

  

 

    وما مواقف المطران مار غريغوريس يوحنا ابراهيم، مطران حلب وتوابعها للسريان الاورثوذكس الا فخراً أن يكون من أحد فرسان المسيحية، الذي وقف وبشجاعة، ضد مخططات السلطة المستبدة لتسليح المسيحيين، كما انه لم يسكت عن قول كلمة الحق، طارحاً، في مؤتمر طهران "التحاوري" خارطة طريق سياسية من اربع نقاط لو نفذت، كان من الممكن ان تكون حلاً للمسألة السورية، رافعا شعار المواطنة كحل يذيب الفوارق الدينية والمذهبية وكذلك يلغي العنصرية. ولقد كان كلامه في الـ بي بي سي العربية حيث حمل النظام مسؤولية عدم تحليه بالوعي الكافي لمنع تدفق شلال الدم السوري، فخطف لانه لم يخاف وانا مقتنع نتيجة ما أعرفه عنه، بأنه وهو في الاسر لا زال غير خائف.

    انه العام الخامس للحراك الثوري السوري، والشعب السوري البطل يعيش جلجلته الخامسة، متأملاً ان يتحرر من هذا النظام الباغي، الذي لم يرى وسيلة تدميرية الا واستخدمها ضد الشعب السوري. وبيوم الجمعة العظيمة الخامسة لجلجلة شعبنا الصامد والبطل، نقول للمسيحي الخائف كلام المسيح "لا تخافوا فانا معكم،" ونضيف على هذه العبرة القول، لا تخافوا وكونوا كالمطارنة والكهنة الذين لم يخافوا في مواجهة الاستبداد واستغلال المسيحيين، فلا تكونوا فقط مسيحيين بل كونوا مواطنين سورين مسيحيين  مؤمنين كما ارادكم السيد المسيح، وكما ارادكم المطران يوحنا ابراهيم. 

نشرت هذه المقالة في جريدة العرب الصادرة في لوس انجلوس العدد1119 الاربعاء 8 نيسان 2015